خلدون الشريف في حديث ل”ديمقراطيا نيوز”: اسرائيل تريد الحرب مع لبنان.. مفاوضات رئاسة الجمهورية ستتخذ طابع الجديّة.. والمشروع العربي بإنتظار وضوح رؤية الأمير محمد بن سلمان”.

أجرى الحوار هدى فليطي

يؤكد السياسي الدكتور خلدون الشريف أنه “لا وقف لإطلاق النار على الحدود قبل وقف الحرب على غزة” موضحًا “أن إسرائيل تريد الحرب مع لبنان”.
ويشير في حديثه ل”ديمقراطيا نيوز” “إلى وجود إجماع لبناني على ضرورة إستعادة لبنان لأراضيه وصولا لتطبيق القرار1701”.
ويرى أن “المفاوضات لانتخاب رئيس الجمهورية ستتخذ طابع الجدية في المرحلة المقبلة مع استمرار الجهود الدولية”.
ويلفت الشريف الى أن “الفراغ ليس في الطائفة السنيّة بل هو فراغ سياسي مطلق.”
ويعتبر أن “العلاقة بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ” مستمرة بالرغم من تراجعها في الآونة الأخيرة”.
ويشدّد على أن وقف إطلاق النار على غزة بات أمرًا ضروريًا في ظلّ التصعيد باليمن”. مؤكدًا ان “المشروع العربي بإنتظار وضوح رؤية الأمير محمد بن سلمان”.

وإليكم تفاصيل الحوار :

١- في ظلّ التوتر الحاصل في جنوب لبنان ومساعي الجهود المستمرة لخفض حدة هذا التوتر، شهد لبنان بالامس زيارة “هوكشتاين”.
برأيكم ما الذي حمله معه في هذا الصدد الى المسؤولين اللبنانيين؟

*قبل هوكشتاين زار لبنان مفوض الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل وقبل رأس السنة وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا قبل استقالة الحكومة الفرنسية وكان الموضوع ضرورة تجنب انزلاق لبنان إلى حرب واسعة مع الكيان الاسرائيلي. جاء هوكشتاين وبين يديه عناصر للتفاوض حول النقاط المختلف عليها من B1 في رأس الناقورة إلى العودة إلى خط ترسيم ١٩٢٣ بدل الخط الأزرق إلى البحث في مخارج لمزارع شبعا و استعادة شمال بلدة الغجر (خراج بلدة الماري ) وتلال كفرشوبا.
في بداية الحرب كان حديث الموفدين يحمل سمة التهديد، اليوم ولو ان التهديد لا زال على الطاولة ولكن المرونة باتت واضحة حيث تفهم كل الموفدين استحالة وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل إلا بعد وقف حرب غزة. وبدأ هوكشتاين يفتش عن آلية تطبيق القرار ١٧٠١ على ضفتي الحدود على قاعدة خطوة من هنا وخطوة من هناك.

٢- “حزب الله” أعلن بأنه لا يريد الذهاب بأي اتفاق مع اسرائيل الا بعد انتهاء الحرب على غزة، ومع زيادة حدة التوتر و التصعيد في جنوب لبنان، هل يعني هذا اننا على موعد قريب مع حرب شاملة وكبرى، وهل لبنان جاهز لخوض الحرب في ظلّ ما يعانيه من أزمات اقتصادية وسياسية و مالية؟

احتمالات الحرب الكبرى لا زالت موجودة. في الغرفة ٤ فرقاء: إسرائيل واميركا وايران و”حزب الله”. ثلاثة من الاربعة لا يريدون الحرب كما هو واضح غير ان الاسرائيليين يريدونها لأسباب عديدة منها ما يختص بمستقبل نتنياهو المظلم بعد الحرب، ومنها مايتعلق بتخوف الصهاينة من تكرار سيناريو ٧ اكتوبر من لبنان، ومنها وهو الاهم شعور الاسرائيليين انتفاء اسباب الهجرة إلى فلسطين واحتلالها والتي قامت على اركان ثلاث: السكن والعمل والأمن.

٣- أكد الرئيس بري في تصريحه الأخير انه لا كلام عن ترسيم الحدود بين لبنان و فلسطين، ويجب العودة الى ترسيم العام ١٩٢٣. كيف سيتعامل لبنان مع هذه المسألة و استعادة الاراضي التي يحتلها الكيان الصهيوني؟.

لا أحد في الكون ينكر حق لبنان في أراضيه ولا حتى الكيان الاسرائيلي الخلاف الحدودي هو امني قبل ان يكون جغرافي. فمثلًا بعد الترسيم البحري والانطلاق من النقطة B1 اكد الإسرائيلي انه وضع خط الطفافات لحماية مستوطناته وليس على قاعدة ملكيته لتلك المساحة. مايعني أن ماحصل كان ترتيبًا أمنيًا وليس عسكريًا.
شمال قرية الغجر (خراج بلدة الماري) لا خلاف على لبنانيتها. هناك إشكال يتعلق بملكية مزارع شبعا، وهذا سيكون مدار المفاوضات ولو انني مؤمن انها لبنانية، وتبقى النقاط السبع المختلف عليها بين الخط الأزرق وخط ١٩٢٣. لم يخطئ الرئيس بري بما قاله واعتقد ان هناك إجماعًا لبنانيًا على ضرورة استعادة لبنان لأرضه حتى يتم تطبيق القرار ١٧٠١ بكل مندرجاته.

٤- لم تنجح الجلسات البرلمانية في انتخاب رئيس للبلاد حتى الساعة، و لا يزال منصب الرئاسة الأولى شاغرًا. الى متى سيستمر غياب التوافق بين الكتل النيابية و الأحزاب السياسية فيما يخصّ تسمية رئيس الجمهورية؟ومتى نستطيع القول ان الطبخة الرئاسية نضجت؟

اعتقد ان لبنان لا يمكن ان يفاوض اسرائيل على استعادة ارضه والوصول إلى نتائج دون رئيس منتخب وحكومة فاعلة. وبكل امانة هذا الأمر بات اولوية عند الاميركي وعند الخماسية التي ستجتمع بحضور هوكشتاين.
والخماسية غايتها ملء الفراغ الرئاسي ما يعني تاليًا ان الأمور ستتخذ طابعها الجدي من الان وصاعدًا للوصول إلى رئيس تقبل به اغلب القوى السياسية.

٥- في الآونة الأخيرة، لاحظنا تراجعاً في مستوى العلاقة بين التيار الوطني الحر و “حزب الله” إزاء العديد من الملفات خصوصًا الداخلية منها، فهل يؤشر هذا الامر الى امكانية انقطاع التفاهم بين الطرفين والذي استمر قرابة ١٨ سنة؟ ومدى تأثير ذلك على الاستحقاقات الدستورية القادمة؟

نعم تراجعت العلاقة بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” لكن بالمنطق لن يتخلى كل منهما عن الاخر بسبب الحاجة السياسية. قد تشهد العلاقة ديناميكية مختلفة لكنها ستبقى وتستمر بحكم الحاجة.

٦) كيف تقيّمون الواقع السياسي للطائفة السنيّة حاليا في ظل استمرار تعليق الرئيس الحريري لعمله السياسي؟ وكيف سيؤثر هذا الأمر على ادارة الاستحقاقات المقبلة؟

ان الواقع السياسي “الوطني” يشهد تراجعًا، واعتقد ان الغياب الوطني للرئيس سعد الحريري ترك تداعيات ف”تيار المستقبل” كان التيار الوحيد الغير طائفي بالممارسة، لكن عمقه كان سنيًا، وهذا صحيح لكن ببعد وطني لم يتغير. الان السنة يحتاجون ليس فقط لاستعادة الخطاب الوطني، بل لإعادته إلى المكونات اللبنانية كافة حتى ينتظم العمل السياسي في البلاد ويخرج من قوقعة الطائفية وحصرية التمثيل والترشيح والتوظيف وما إلى ذلك. لا بد بعد انتخابات الرئاسة من تبلور تيارات سياسية وطنية تعيد الانتظام إلى الحياة السياسية. نحن نشهد فراغًا سياسيًا مطلقًا، وليس فراغًا سنيًا فحسب، ولن تستطيع كل الأطراف الاستمرار بالنمط و الاختزال الذي ساد.

٧) اقليميًا بدأ بالأمس التطور الابرز مع القصف الاميركي البريطاني ضد الحوثيين في اليمن لوضع حدّ لانتهاكاتهم في البحر الأحمر. كيف سيؤثر هذا التطور الخطير على الواقع الاقليمي؟

لا شك ان قصف اليمن هو تصعيد أميركي بريطاني بوجه المحور المدعوم من ايران، لكنه بدون شك ملاقاة لعدوان إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة. ولا شك ان المحكمة الجارية في لاهاي تعرض الكيان الإسرائيلي إلى ضربة فظيعة بغض النظر عن نتائجها والأميركيون والبريطانيون غير فرحين بما يحصل في لاهاي. الان بات وقف إطلاق النار في غزة اكثر من ملحّ في ظلّ التصعيد ضد اليمن. وبالتالي عسى ان تفتح تلك الاعتداءات الباب امام وقف حرب غزة ومنع انزلاق “حزب الله” إلى حرب كبرى مع إسرائيل التي تسعى لإنزلاق كهذا لتغطي على إجرامها في غزة و إبادتها الجماعية للشعب الفلسطيني.

٨) كيف ترون الواقع العربي اليوم؟ وهل نحن امام مشهدية جديدة؟ ام هو استمرار لغياب المشروع العربي وتأثيره منذ العام ٢٠١١ ؟

منذ مطلع الألفية الثالثة تتحدث القوى الكبرى عن اختزال الحضور الاقليمي على دول ثلاث: ايران، تركيا و إسرائيل. وظلّ هذا الحديث تصاعديًا بعد اجتياح العراق والربيع العربي الذي أخرج مصر وسوريا وليبيا بعد العراق من المشهد الاقليمي العام. غير ان القيادة السعودية استطاعت حجز مقعدها الثابت في المحيط الاقليمي، ما أعاد بعضًا من الحضور العربي إلى المشهد العام ولو انه لم يرق إلى الحضور المرتجى والمشتهى. لكنني اعتقد انه فور وضوح مشروع ورؤية الأمير محمد بن سلمان داخليًا وخليجيًا لا بدّ ان يتعزّز حضوره العربي من المشرق إلى المغرب. لن يكون مقدّرًا علينا الخضوع لتوزيع النفوذ الاقليمي بين ايران وتركيا. لا بدّ أن حرب غزة هزّت وجود اسرائيل وليس حضورها فحسب، لذا اعتقد ان تلك الحرب أخرجت اسرائيل من التأثير على المشهد الاقليمي وعطّلت قدرتها على تعزيز الحضور”..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top