بقلم هبة علّام
على غرار مثلّث “برمودا” الذي يُخفي الطائرات والسفن، في لبنان مثلّث من نوع آخر يُخفي الدراجات النارية والأموال وأحيانًا الأرواح، وهو بثلاثة أضلاع يمتدّ بين الشويفات والأوزاعي وطريق المطار.
مُثلّث التشليح والسرقة هذا متروك لمقولة “سارحة والرب راعيها”، فمن يعود إلى منزله سالمًا يكون قد كُتب له عمر جديد، أما من يقع في مصيدة قطّاع الطرق وحدها العناية الإلهية تتكفّل بإنقاذه.
يتربّع طريق المطار على رأس المثلّث، حيث تسرح المافيات بلا حسيب أو رقيب نهارًا وليلًا، وباتت بحسب مصادر أمنية تُشكّل خطرًا حقيقيًا وداهمًا وجب معالجته بسرعة، إذ ازدادت في الآونة الأخيرة عمليات التشليح بشكل مخيف وأصبحت تتكرّر بصورة يومية في وضح النهار وبأساليب مختلفة.
تشير المعلومات إلى أن أكثر من عصابة تنشط على الطريق القديم والأوتوستراد معًا، تتخذّ نقاط معينة على طول الطريق لاصطياد ضحياها، وهي جميعها تعمل بإدارة مشغلّين لبنانيين، فيما “النشّالون” أغلبهم غير لبنانيين. ويعتمد هؤلاء على أساليب مختلفة لسلب المارّة دراجاتهم النارية وما بحوزتهم من نقود وهواتف وذهب، فتارة يحتالون بالسؤال عن وجهة الطريق قبل أن ينقضوا على الضحية شاهرين مسدسهم، وطورًا يطاردون شابًا، وعندما يقتربون منه يهدّدونه بالقتل، أو فليسلّم كل ما يملك، إضافة إلى عمليات سرقة مرايا السيارات المركونة والتي تتم ليلاً بشكل يوميّ.
أغلب تلك العمليات، بحسب المعلومات، لا تجابه بمقاومة الضحية بل بالتسليم، لاسيّما وأن المجرمين مستعدّون للقتل من دون أي تردّد في حال إحساسهم بفشل مهمتهم، علمًا أن دوافع أغلبهم هي الحصول على المال من أجل شراء المواد المخدّرة، فيما يسرق البعض الآخر لأنه غير قادر على العمل بصورة شرعية بسبب افتقاده لأي أوراق ثبوتية أو رسمية.
أمّا وجهة تلك المسروقات فهي بعض المخيّمات في أغلب الأحيان، حيث يتم بيعها بأسعار زهيدة لا تساوي قيمتها.
وعلى شاكلة المخيمات، يبدو أن لا يد للدولة أيضاً على طرق البلاد العامة، فكيف إن كان الحديث عن طريق المطار الذي يجب أن يكون أكثر الطرق أمنًا وآمانًا في كل الأوقات.
لذلك لا يمكن تبرير كل هذا التقصير بحماية الناس وتأمين الطريق، إذ برّرت المصادر الأمنية غياب الدوريات الأمنية، بالرغم من الوضع الخطير، على هكذا طريق حيوي كما مختلف المناطق، بالأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها المؤسسة كما كل اللبنانيين، والتي تسبّبت أصلاً بازدياد حالات السرقة والتشليح وتحوّلها إلى هذا المشهد الفاضح والوقح.
إضافة إلى ذلك، تشير المصادر إلى أن لا قدرة لتنفيذ توقيفات فعلية، حيث لا مكان في زنزانة أي مخفر لأي موقوف، فضلاً عن تخمة السجون وأوضاعها، وانخفاض وتيرة التحقيقات والمحاكمات في العدليات.
بعض عمليات السرقة تتحوّل إلى جرائم قتل، حيث تُزهق روح أحدهم لأجل حفنة من الأموال على الطريق الذي يجب أن يستقبل الوافدين ويودّع المغادرين بسلام، إلّا أن تلك العصابات حوّلته إلى طريق جهنم.
لذلك يجب الالتفات إلى معالجة هذه الثغرات الأمنية مهما كلّف الأمر وبدون حجج واهية، قبل أن تتحوّل المنطقة إلى ساحة موت ورعب.