محمد حندوش

في المعركة بين الحق والباطل دورك ليس في المنتصف، وفي الحرب بين الفضيلة والرزيلة مكانك ليس على الهامش، وفي الصراع بين الخطأ والصحيح لا ترتدي ثوب الحياد،

الحياد مصطلح يتغنى به الكثيرون، ويتفاخرُ به الأغبياء، ويمارسه فريقٌ من البشر بحجة الهروب من اتخاذ موقف،
الهروب من المسؤولية “خيانة” لا يقل خطرها عما يفعله العدو، وعدم الوقوف في معكسر الباطل لا يعفي صاحبه من مسؤولية عدم نصرة الحق وأهله.
يقول الخليفة الراشد على بن أبي طالب “المحايد شخص لم ينصر الباطل، ولكنه خذل الحق”.

أن تقف مكتوف الأيدي عندما يحتاجك الحق، فأنت مجرم بكل المعايير، وأن تلتزم الصمت عندما تحتاجك الحقيقة فأنت في المكان الخاطئ، وأن تبتعد عندما يحتاجك المظلوم تكون قد نصرت الظالم من حيثُ لا تدري..

“الحيادُ” جريمة نرتكبها دون أن نعلم، ولعنةٌ تلاحق أصحابها حتى آخر حياتهم،
الطبيب الذي يقف على الحياد عندما يحتاجه المريض قاتل، بل من أسوأ القاتلين،
والقاضي الذي يساوي بين الظالم والمظلوم يكون قد خان مهنته وخيب آمال الكثيرين،
والغنيّ الذي يكنز أمواله في الوقت الذي يموت الفقير جوعاً يكون مشاركاً في أفظع جريمة اجتماعية،
فلا معنى للقوة إذا لم تكن سنداً للحق، ولا قيمة للمال إذا لم يخدم المجتمع، ولا عذر للقلم إذا لم يخدم الحقيقة، ولا قدسية للإنسان إذا افتقده أهل الحاجة،

ولعل أسوأ بلاء أصاب البشرية كان من أصحاب “اللاموقف” الذين تخلوا عن أدوراهم، وابتعدوا عن المشهد يوم كانت البشرية بأمس الحاجة لهم،
الصمتُ في زمن الجرائم جريمة كبرى، والسكوت في عصر الإبادة إبادة عظمى،
والابتعاد عن مسرح الأحداث في أيام الأزمات أزمة أخرى.

إذا لم تزد شيئًا على الحياة كنت أنت زائداً عليها، فليس دورك أن تكمل عديد البشرية وترحل، فمن المؤكد أن هناك مكان في جهنم “للمحايدين” فالحياد لعبة الأوغاد.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top