لم تنقطع المراسيل والرسائل بين السيد حسن نصرالله ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية يوما، إذ إن قرار التنسيق الدائم متّخذ منذ زمن بعيد وثمة التزام به. لكن التطورات الدراماتيكية الاخيرة التي تتوالى تداعياتها وما واكبها من تحولات سريعة وعميقة فرضت عليهما عقد لقاء مباشر خلال الايام القليلة الماضية، وأوجبت ان يُبقيا تفاصيل هذا اللقاء محجوبة نسبياً عن الاضواء
وبحسب معطيات رشحت اخيرا، فقد كان السيد نصرالله بحاجة ملحّة الى هذا اللقاء في الآونة الاخيرة وبعد انفتاح الابواب على مصاريعها امام حديث البحث الداخلي والاقليمي المندفع عن الطرق المفضية الى اعادة إحياء الاستحقاق الرئاسي وعدم وضعه على الرفّ وتجميده، لان نصرالله يتيقّن مجددا بان فرنجية ما زال صامدا على الترشح. وفي الموازاة كان فرنجية في حاجة ماسّة هو الآخر الى جرعة تطمينات تعيد التأكيد لديه على أمرين:
الاول، انه مازال المرشح الحصري للثنائي الشيعي، أي ان التطورات المتسارعة والعروض المتعددة بعد محطة السابع من تشرين الاول الماضي لم تبدّل المعادلات الداخلية وتزيح القناعات التي كانت قائمة بعناد قبيل تلك المحطة
الثاني، قدرة “محور المقاومة” بكل تشعباته وامتداداته العابرة للحدود على صدّ الهجمة الضخمة المسلّطة عليه، وبمعنى آخر أنه لم يفقد بعد زمام المبادرة، وانه استطرادا ما زال ممسكاً بقدر كبير من مرتكزات التحكم والسيطرة على الموقف، خصوصا بعد مرور المئة يوم الاولى على محطة 7 تشرين الاول الماضي
انطلاقا من هذه المعطيات والتحولات المفتوحة على كل الاحتمالات، انعقد اللقاء بينهما في مكان ما من الضاحية الجنوبية في حضور عدد من “ضباط الارتباط” والتنسيق بين الطرفين
ونظراً الى الضرورات التي تحكم الموقف، كان نصرالله، بحسب المصادر، هو المبادر الى حديث مفصّل نسبياً ينطوي على إلقاء الاضواء على التصورات والاستنتاجات التي تستند اليها قيادة الحزب خصوصا و”محور المقاومة” عموما لقراءة معمّقة لأفق المرحلة التي اعقبت مباشرة عملية “طوفان الاقصى ” وما ترتب عليها من تطورات ملتهبة على طول الحدود الجنوبية بين لبنان واسرائيل، ومن ثم لاحقاً على ساحتي العراق واليمن وما بينهما الساحة السورية. ووفق المصادر عينها فإن نصرالله تولى الحديث عن الرهان الذي عقده على “انتظار كلمة الميدان حصراً وان مهمتنا ستكون التفاعل مع هذا الواقع وشرحه”، وهو ما تجلّى صراحة في الاطلالة الاعلامية الثانية له والتي تلت محطة 8 تشرين الاول الماضي، واعتبر انه لم يكن رهانا عابرا أو يائسا، وثبت بالدليل الحسّي انه كان رهانا في محله تماما، اذ ان هذا الميدان الشاسع الذي أُعطيَ اهمية مطلقة جعلت الانظار مشدودة اليه، قد أفرز وقائع وحقائق على قدر من الاهمية لم تكن متوافرة بالأصل عند قيادة المحور ساعة اطلقت حركة “حماس” عمليتها في اتجاه غلاف غزة. وعلى رغم عدم علمها المسبق بساعة الصفر التي اختارتها “حماس”، لم يكن أمام “المقاومة” إلا ان تخوض معها تجربة مواجهة ومنازلة مختلفة القواعد تماما
وتنقل تلك المصادر عن نصرالله ان تطورات الميدان اثبتت بما لا يرقى اليه الشك صدق “شعار وحدة الساحات” الذي استخفّ به كثر يوم رُفع شعارا مرحليا متقدما، وشاء ان يبرز اهمية “دخول الحوثيين في اليمن في المعركة المفتوحة كجبهة إسناد ودعم للاخوة في غزة والضفة”. واعتبر ان هذا الولوج غيّر الكثير من المعادلات والوقائع عند المحور وعند أعدائه في آن، وأحدث انعطافة وتحوّلاً كبيرين عزّزا موقع صنعاء في المعادلات الكبرى وجعلاها لاعبا اساسيا يُحسب حسابه، فضلاً عن حجم الدعم والاسناد الذي قدمه بهذا الدخول الى غزة. ومن الثابت ان تداعيات هذا الدخول اليمني ونتائجه المستقبلية ستتبدّى اكثر في المقبل من الايام، اذ ثمة معادلة جديدة ستفرض نفسها
وذكرت المصادر نفسها ان نصرالله تحدث الى ضيفه عن تطورات الوضع على الحدود الجنوبية، وعرض للقاء الذي جرى بين وفد من الحزب وموفد الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل ابان زيارة الاخير الى بيروت، فأشار الى ان وفد الحزب ابلغه صراحة “اننا لسنا في وارد الدخول في حرب مفتوحة واسعة مع اسرائيل، واننا نتعهد ألّا نكون البادئين أو السبّاقين بها، ولكن هذا مقرون بشرطين: الاول اننا لسنا في وارد الكفّ عن اداء الدور الذي نؤديه منذ البداية وهو دور مساندة غزة ومقاوميها وشعبها الذي يتعرض لحرب ابادة بشهادة العالم كله، ونحن والحال هذه لن نبقى مكتوفين ولا ننصر شعب غزة المظلوم. ونحن اعلنّا سابقا اننا سنوقف هذا الدور في اللحظة التي يتوقف فيها العدوان على غزة
والشرط الثاني ان هذا التعهد يسقط تلقائيا في اي لحظة نستشعر فيها ان العدو قد فتح ابواب حرب واسعة نحو لبنان. وعندها سنثبت في الميدان ما سبق وقلناه بأننا مستعدون لخوض حرب بلا سقوف مع العدو المعتدي علينا”
وبنتيجة هذا اللقاء تبددت عند نصرالله “مخاوف ضمنية” حول قدرة التصدي والتحدي والصمود عند فرنجية عبر الاستمرار في ترشحه في مواجهة الرافضين لهذا الخيار، في حين عاد فرنجية الى مقره في بنشعي وهو “اكثر اطمئناناً الى قدرات المحور على الصمود في ساحاته المتعددة ومنها الجنوب وغزة”
إبراهيم البيرم- النهار
شارك المقال
WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print
مواضيع ذات صلة:
Democratia News
14/10/2024
20:07
بيروت مكتظة بالنازحين وما من خطة للتنظيم.الصادق: لا قرار سياسي بتدخل القوى الامنية!..درويش: بيروت تخطت قدرتها الاستيعابية
Read More »
Democratia News
14/10/2024
17:46
Democratia News
14/10/2024
17:05