كتب العميد المتقاعد دانيال الحداد في “أخبار اليوم”:
منذ بدء الأزمة في العام ٢٠١٩ وانهيار القيمة الشرائية لرواتب موظفي القطاع العام ومتقاعديه، لجأت الحكومة الى منح هؤلاء عدداً من الرواتب والمعاشات التقاعدية على دفعتين، ليصبح مجموع ما يتقاضاه الموظف في الخدمة أو التقاعد ما يعادل ١٠٪ تقريباً ممّا كان يتقاضاه قبل الأزمة بالدولار، وهي نسبة ضئيلة لا تكفيه لتغطية تكلفة أبسط مقومات العيش، في وقت ارتفعت فيه أعباء الرسوم والضرائب والخدمات عشرات الأضعاف، وبمعنى آخر انخفضت هذه النسبة فعلياً إلى ما دون ال٥٪.
هذا من الناحية المعيشية العامة، لكنّ الأخطر من ذلك هو الإخلال بمبادئ التناسب والتوازن والعدالة بين رواتب الموظفين، فطريقة زيادة عدد من الرواتب والمعاشات من جهة وإرضاء بعض القطاعات الوظيفية من جهة أخرى على حساب غيرها، أدّيا إلى ضرب تلك المبادئ التي قامت عليها سلسلة الرتب والرواتب التي أقرّت في العام ٢٠١٧، بمعزلٍ عن ثغراتها والإجحاف الذي لحق بالعسكريين تحديداً من جرائها.
إذاً، المعيار الحقيقي لمسألة احتساب الرواتب والأجور يجب أن ينطلق من هذه السلسلة على قاعدة النسبية للحفاظ على المبادئ المذكورة، الضامنة بدورها لتأمين سلامة الهيكلية الوظيفية وحقوق فئات الموظفين كافة.
من هنا، تقدّم المنبر القانوني للدفاع عن حقوق العسكريين باقتراح يرتكز على الأسس الآتية:
– العودة إلى رواتب ومعاشات سلسلة الرتب والرواتب المقيّمة بالدولار قبل الأزمة.
– وقف العطاءات التمييزية التي منحتها الحكومة لبعض القطاعات الوظيفية بهدف ثنيها عن مواصلة الإضراب.
– منح جميع الموظفين في الخدمة والتقاعد، نسبة موحّدة من الرواتب والمعاشات التي كانت سارية قبل الأزمة وبالدولار، وإلغاء الزيادات التي أضيفت على الرواتب بعد الأزمة.
– أن يكون الحد الأدنى للرواتب الجديدة، كافياً لتأمين العيش المقبول لذوي الرواتب الدنيا.
ولتوضيح المسألة أكثر في ما يتعلق بكيفية احتساب الرواتب المقترحة، لنفترض أنّ موظفاً كان راتبه قبل الأزمة يعادل ٢٠٠٠ دولار ، وأن قيمة كتلة الرواتب والأجور المقيّمة بالدولار والمخصّصة في الموازنة تعادل ٢٥ ٪ من القيمة التي كانت سارية قبل الأزمة، فالراتب الجديد لهذا الموظف يجب أن يساوي ٢٠٠٠÷١٠٠× ٢٥، أي ٥٠٠ دولار.
في الخلاصة، اقتراح المنبر القانوني هو اقتراح جدير بأن تتلقّفه الحكومة وتعمل به، بدلاً من اللجوء الى الزيادات العشوائية والاستثنائية، التي تزيد من الشرخ والتمييز بين الموظفين، وتمعن في انتهاك قانون سلسلة الرتب والرواتب، الذي يشكل لغاية الآن، المعيار الوحيد في تحديد حقوق الموظفين وفروقات الرواتب بين مختلف الفئات الوظيفية، وأي اعتراض على هذا الاقتراح هو خارج المنطق والعدالة.