كتب صائب بارودي
حين يتعمّق الباحث في متابعة الملفات المتراكمة وما يعتري تفاصيلها من أحداث متتالية وساخنة أحياناً بتسلسلها الزمني والتاريخي،يكتشف بما لا يدع مجالًا للشك أنها تقع وفق سيناريو ومخطط مرسوم بأسلوب منهجي أنتجته عقلية منظمة وتمتهن اختلاق الأزمات وادارتها بهدف تحقيق مصالحها ومآربها المحددة وغاياتها المنشودة في مجتمع ما.
ومن خلال هذا المنظور أو المفهوم نرى أن المنطقة العربية تقع تحت تأثير السياسة الأميركية التي اعتمدت نظرية “الفوضى الخلاّقة”في رسم سياساتها الدولية،ولعلّ أبسط تفسير لتلك النظرية هو أنها”حالة سياسية”متعمدة الأحداث لفوضى بقصد الوصول إلى واقع سياسي تسعى إلى تحقيقه الولايات المتحدة ،وبمعنى أصح “إدارة الأزمات” أي افتعال الأزمة أولاً ثم العمل على إدارتها بالتدريج لبلوغ الغاية.
لذا،فإن “منظومة” الفوضى الخلاّقة انطلاقًا من هذا التفسير تستند إلى عدة ركائز:
-تأجيج العصيان وتبدأ بتهشيم ركائز الدولة الواحدة لتتحول من الولاء للدولة إلى ولاءات مجتزأة ومتعددة.
-تأجيج الصراع العرقي والطائفي.
-اختلال الأمن وزعزعة التنسيق بين مؤسساته وإشاعة الإنطباع بأن لا سبيل لضمان الأمن عبر افتعال الفتن وتنظيم الإغتيالات.
-زعزعة الوضع الإقتصادي والمالي والعمل على بث الشك في المؤسسات المصرفية والإئتمانية.
-تفعيل “القوة الناعمة”أي إعمال الآلة الإعلامية والإتصالية للترويج للوعود البشرية التي تحملها “المنظومة الجديدة”.
هذه باختصار شديد هي الركائز لمنظومة تم تضمينها سياسة الإدارة الأميركية لإصلاح الشرق الأوسط منذ زمن ليس ببعيد.
في هذا السياق فإن ما يشهده لبنان من أحداث منذ عام ٢٠١٩ تحديداً من فوضى واضطرابات وأحداث سياسية يقع تحت تأثير سياسات منظومة “الفوضى الخلاّقة “.
ومن الثابت والأكيد حسب المؤشرات والمعطيات أننا سنكون حتماً أمام سيناريوهات “مرعبة” وفوضى مدمرة في المنطقة لا تقل كارثية ومأساوية عن المرحلة السابقة.