بقلم رفال صبري
بعد مرور 19 عامًا على ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري تبقى وكأنّها الذكرى الأولى بنفس الحشود ونفس الأسى رغم اختلاف الزمان!…
لم يكن رفيق الحريري شخصية عادية عابرة، تُنسى فور رحيلها.. بلا شكّ قد ترك أثرًا داخل العديد من الأفراد لا يزال عبقها حتى اليوم. فما هو السبب النفسي – الاجتماعي وراء هذا التعلق الذي لا يقيّده زمان أو مكان؟
في هذا الإطار تشير الأخصائية النفس اجتماعية “رجاء الدرويش” في حديثٍ ل”ديمقراطيا نيوز” إلى “أنّ الإنسان إبن بيئته، أيّ يتأثّر تلقائيًا بما يراه أو يسمعه، ولا شكّ أنّه رغم رحيل الحريري أثره بقي حيًّا في نفوس النّاس وذلك تبعًا لسمعته الطيّبة وطبيعته المعطاءة البعيدة عن حبّ الذات والأنانية”.
ليس كلّ من رحل ترك أثرًا… وليس كلّ قائد يترك بصمةً في شعبه، فما السرّ في الشهيد الحريري؟!
هنا تشير “الدرويش” إلى “أنّ التعلّق لا يأتي من فراغ، فلا بدّ من توافر بعض الشروط كي تولّد دافعًا للتماهي بالشخصية القيادية، أمّا عن رفيق الحريري فلم يكن شخصية عادية، لطالما سعى للنهوض بالبلاد واستثمر في قطاع التعليم، كما وقد عمل جاهدًا في تطوير مختلف القطاعات دون أن يميّز بين الطوائف ولا بين فقيرٍ أو غنيّ… هذه كلّها أسباب كفيلة بأن تجعل المواطن اللّبناني يتذكّر هذا الإنسان بكلّ حبّ واعتزاز خصوصًا وأنّ فترة ما قبل الحريري ليست كما بعده!”..
في حين أنّ المواطن اللّبناني الذي عاش فترة النهوض التي ساهم بها رفيق الحريري آنذاك سيتذكره تلقائيًا في كلّ مناسبة، أمّا عن الجيل الجديد الذي لم يعرف من انجازاته وتاريخه سوى ما يُذكر عبر الإعلام دون أن يلمسها.. كيف له أنّ يكنّ له كلّ هذا الحب والوفاء؟
تعتبر “الدرويش”، “أنّ التأثّر والتأثير غالبًا ما يتكوّنان عبر الحواس، فإمّا من خلال ما يراه الفرد أو ما يسمعه.. لذا فإنّ الجيل الجديد على الرغم من أنّه لم يلمس مباشرةً ما حقّقه الحريري، لكنّه في مكانٍ ما خصوصًا من محيطه وأهله قد سمع مرارًا وتكرارًا قصصًا عنه، وبذلك ترسّخت في عقله وقلبه الأحداث التي سمعها ودوّنها بينه وبين ذاته.
“فمن منّا لم يسمع عن إنسانية رفيق الحريري، كيف كان يسير مع حفيده في شوارع بيروت بين النّاس بلا عنفوان ولا تمييز؟، ومن منّا لم يسمع عن المنح الدراسية التي قدّمها للطلّاب كي يمهّد لهم طريق العلم؟ وغيرها الكثير…”
أمّا عن سعد، ابن أبيه بالشكل والطباع… رغم دخوله مبكرًا مجال السياسة في ذلك الوقت، لكنّه خَلَف الرفيق بأثرٍ مشابهٍ وأحبّه الصغير والكبير رغم صعوبة الظروف التي تولّى خلالها رئاسة الحكومة! ، فهل الوفاء لرفيق الحريري جعل اللّبناني يتعلّق بنجله أم أنّ سعد بحدّ ذاته من خلال شخصيته استطاع دخول قلوب النّاس؟
ترى “الدرويش”، أنّ “الولد سرّ أبيه” “ولا بدّ أن يتماهى به أو يأخذ منه بعض الطباع، ففي الإطار النّفسي لا شكّ أن يتم ربط صورة الإبن بأبيه وقد تكون هذه الصورة نمطية وغير حقيقة وليس بالضرورة أن تنطبق على الجميع، فكلّ فرد له شخصيته وحضوره وفقًا للبيئة والتربية التي نشأ عليها.. كذلك الأمر بالنسبة لسعد الحريري فهو على الرغم من كونه ابنًا لشخصية فريدة ومميّزة لكنّه استطاع بحضوره الخاص أن يكسب محبّة النّاس، وان لم يكن بحنكة أبيه ولا بخبرته، لكنّه نظرًا لصغر سنّه والظروف التي عاشها استطاع كسب مكانة خاصة لدى اللبنانيين، حتى اليوم وبغيابه في السنوات الأخيرة عن لبنان لا يزال حاضرًا ومطالبًا بالعودة”…