تزامناً مع اقتراب الوساطات في غزة من التوصل إلى إعلان وقف النار ومن ثم تعزيز الهدنة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل والترتيبات اللاحقة المرتبطة بالتهدئة، تبدو جبهة الجنوب التفاوضية أكثر تعقيداً نتيجة التصلّب الإسرائيلي في مطلب انسحاب حزب الله عسكرياً من الجنوب وتولّي الجيش اللبناني والقوات الدولية مهمة منع وليس مراقبة عودة الإنتشار العسكري للحزب إلى المناطق والمراكز التي يخليها.
مصدر عسكري سابق مشارك في ترتيبات تنفيذ القرار ١٧٠١ في العام ٢٠٠٦ لفت إلى أن مطالب إسرائيل تعني تسجيل انتصار دبلوماسي بنكهة عسكرية تتجاوز مسألة المناوشات التي بدأها حزب الله دعماً وإسناداً لغزة وموافقة الحزب عليها لجهة الإنسحاب ولو كيلومتراً واحداً عن الحدود تعني اعترافاً مباشراً بالهزيمة وثمناً يسدده حزب الله اليوم نتيجة المناوشات ما لم يسدده نتيجة حرب تموز، خاصة وأن الثمن السياسي في الداخل على صعيد رئاسة الجمهورية لا يبدو في الحسبان بعد تأكيد المعارضة عدم سيرها بمرشحّه للرئاسة، أي أن الخسارة ستكون ثلاثية، دبلوماسية، عسكرية وسياسية داخلية.
وبناء عليه، يعتقد المصدر بأن أي اتفاق لوقف النار في الجنوب يتضمن سحب حزب الله لسلاحه ومقاتليه لا يستطيع الموافقة عليه، أما على الجانب الإسرائيلي فإن أي اتفاق لا يتضمن سحب مقاتلي الحزب مع ضمانات عدم العودة لن توافق عليه بعد تجربة العام ٢٠٠٦ وإعادة الحزب لقواعده وتعزيز مراكزه وتطوير أسلحته.
وختم المصدر العسكري بأن عدم التوصل لاتفاق وقف النار في الجنوب اللبناني لا يعني بالضرورة اندلاع حرب شاملة إنما استمرار للمناوشات و “ميني حرب” تؤدي في النتيجة إلى فرض أمر واقع ونشوء منطقة عمليات عسكرية عازلة نتيجة تهجير سكان القرى المتاخمة للحدود واستمرار لعبة عض الأصابع لأسابيع وربما أشهر طويلة بعد وقف النار في غزة وتفرّغ إسرائيل لجبهتها الشمالية دعماً وإسناداً لبقاء رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو في منصبه.