بقلم رفال صبري
لطالما انتشرت في الآونة الأخيرة معضلة الشذوذ الجنسي والمثلية الجنسية في المجتمعات الغربية وانتقلت بدورها إلى العربية ولا تزال بين التقبل والرفض… وهذه إشكالية كبيرة تقع بين الإطار النفسي والبيولوجي وتندرج ضمن معضلات أخلاقية عديدة!
على الضفة الثانية يقبع نوعٌ آخر من الاضطرابات الجنسية، أو إذا صحّ التعبير “التشكيك في الهوية”، وهو كحال كل من “جنى” و”لورد” اللتين ظهرتا مع “رابعة الزيات”: اعتراف صريح بأنهما أنثيان، لكن بالشكل والتصرفات تماهي مع الجنس الآخر. فما هو التفسير النفسي لهذه الحالات؟
في هذا الإطار، تشير الأخصائية والمرشدة النفسية الاجتماعية “ندين داعوق” في حديثٍ إلى “ديمقراطيا نيوز”، إلى أنّه عندما يتصرّف جنس معين كجنسٍ آخر، فذلك قد يعود للبيئة التي تحيط به والتي تعامل الجنس الذي يخالفه بطريقةٍ أفضل مما يعاملونه، مما يؤدي إلى تخلي هذا الشخص عن شكله وهويته، فعلى سبيل المثال؛ إذا كانت أنثى والمجتمع من حولها يميّز الذكر ويحترمه ويسمع رأيه وهي على العكس تمامًا.. حينها قد تحاول الظهور بمظهر ذكوري لكسب نفس المكانة ويُعرَف هذا التصرف في علم النفس الاجتماعي بانخفاض تقدير الذات ومحاولة لفت نظر.
تضيف “داعوق” “كما وقد يعود سببه إلى معاملة الأهل للشخصية، كما في بعض الأحيان يكون جنس المولود المتوقع مخالفًا لرغبتهم وعندما يأتي المولود يعاملونه كجنسٍ مختلفٍ عما هو عليه في الحقيقة.. فتطلق الأم شعر ابنها وتربطه له أو على العكس كأن يقوم الأهل بقصّ شعر الفتاة كي تبدو مثل الذكر ، وكذلك الأمر ينطبق على اللّباس وطبيعة الألعاب والأنشطة”.
هذا من الناحية الاجتماعية وانطلاقًا من التربية والبيئة، اللّتين تركتا تأثيرًا كبيرًا على تصرفات وطبيعة الفرد وتقبل جنسه أو رفضه، أمّا على الصعيد النفسي فلعلّ هناك دوافع خفيّة غير مرئية تدفع إلى التصرفات المذكورة، على غرار ما يتعلق بالتربية والبيئة التي تكون غالبًا أسبابها واضحة.
وهنا تشير “داعوق”، إلى أنّ “هذه التصرفات قد تكون نابعة من صدمة نفسية بسبب عدم تقبل الأهل لجنس المولود ومعاملته كجنسٍ آخر كما سبق وذكرنا فتتشتت هويته، وقد يكون نتيجة التغيّر الهرموني وعدم تقبل المراهق لشكل جنسه الذي هو عليه فيسعى للتميّز والتغيير ولفت الأنظار.
كما ويمكن أن يكون السبب حادثة معيّنة أو صدمة حدثت في مرحلة الطفولة كالتحرش، الاغتصاب، أو حتى التنمر.. فيلجأ الطفل إلى حماية نفسه عبر تغيير هويته الجنسية.”
ولا يجب علينا أن نغفل عن أثر المجتمع الذكوري الذي ما زال يهيمن على المجتمعات العربية بشكل كبير، فيميّز الرجل عن المرأة بالمعاملة والمكانة، إذْ يحق له ما لا يحق لها!
وعلى سبيل المثال، قصة الكاتبة “نوال السعداوي”، التي أحبّت أن تكون قوية ومتحرّرة كما أخيها لأنّ أمها كانت تميّزه عنها فقصّت شعرها الطّويل حتّى تتشبّه به.
أمّا عن العلاج، فتشير “داعوق”، إلى أنّه “في هذه الحالات التي لا تنتمي إلى المثلية الجنسية لكنها تتشبه بالجنس الآخر من حيث المظهر والتصرفات، يجب أن تخضع لجلسات علاج نفسي وتأكيد الهوية الجنسية والتصرف وفق ذلك، فعلى الرغم من ادعاء هؤلاء المصالحة مع أنفسهم إلا أنهم يعانون اضطراب نفسي سببه التخبّط في بيئة غير سويّة أدت بهم إلى اتباع سلوك مغاير لجنسهم الأساسي ودفعتهم إلى تغيير هويتهم الجنسية شكلًا لإرضاء أنفسهم أو حتى إرضاء غيرهم.