كتب عبدالله بارودي
منذ الدقائق الأولى لمغادرة الرئيس سعد الحريري الأراضي اللبنانية عائدًا الى مقرّ اقامته في العاصمة الإماراتية، عادت أقلام “الغرف السوداء” لتبث وتنشر سمومها تحت مسميّات وأشكال اعلامية مختلفة، “تقارير” و “مقالات”.. “خفايا” و”خبايا”.. “أسرار” و”زوايا”.
كلّها بهدف احباط “المستقبليين” وجمهور “سعد الحريري” ولنكن أكثر دقة “البيئة السُنيّة” بشكل عام.
علمًا ان سياق الزيارة وبعض تفاصيلها وجزئياتها كان معلومًا منذ الليلة الأولى لوصول الحريري الى العاصمة بيروت، ونُشر عبر مختلف الوسائل الإعلامية، ولم يبخل جهازه الإعلاميّ بأي معلومة او اشارة مفيدة، قد تُغني السائل “الصحافيّ” عن بذل أي جهدٍ إضافيّ لاستقاء المعلومة من مصدرٍ أو موقعٍ آخر..
لكن طالما ان النوايا “السيئة” و”الخبيثة” هي الهدف لأي خبر او تقرير سينشر لاحقًا، فكل ما نتحدث عنه لا نفع منه ولا فائدة.. فعبثًا تحاول ان تجعل من “اللئيم والوضيع” “كريم وعزيز”!..
بالنسبة لهؤلاء الرئيس سعد الحريري ومعه “تيار المستقبل” أحبطوا الشارع السنيّ بعد ان غادر الحريري لبنان عائدًا الى أبو ظبي رغم التوقعات بأن الرجل سيبقى في البلد وسيعلن انهاء قرار تعليق العمل السياسي!..
ويعتبر من يصوّر نفسه “ضنينًا” و”خائفًا” على مصلحة الحريري وجمهوره، بأن “المستقبل” أخطأ أساسًا بإطلاق شعاره “تعوا ننزل .. ليرجع”، تمهيدًا لزيارة الحريري بيروت واحياء الذكرى ١٩ لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري. فما أهمية هذا الشعار ومن هو المسؤول عن اختياره لمحاسبته، طالما ان الحريري لن يبقى في لبنان، الأمر الذي سبّب هذه الحالة من “الخذلان” و”الإحباط” عند محبيّ ومناصريّ الحريري؟!..
لكن، حتى ولو كانت هذه التساؤلات غير “بريئة” ولا تصدر عن “نوايا حسنة”، بل العكس، هدفها “التشويش” على الزيارة ومحاولة التخفيف من “وهجها” و “قيمتها” والإنقلاب عليه، الا انه من الواجب الردّ على هذه “الاستنتاجات” و”التساؤلات” تبيانًا للحقيقة، ومن ثم لكشف “زيف” و”خبث” من يدّعون “الفضيلة” أمام الرأي العام اللبناني!..
أولًا- من الظلم بمكان القول ان “الماكنة الإعلامية” للرئيس سعد الحريري او المسؤولين في “تيار المستقبل”، قد أشاروا في الأسابيع والأيام التي سبقت الزيارة من خلال اطلالات اعلامية او اجتماعات تنظيمية و شعبيّة، او اعطوا “تلميحات” و”معلومات” لصحافيين و اعلاميين توحي بأن الحريري عائد بشكل نهائي الى لبنان وسيعلن قرار انهاء تعليق عمله السياسي!..
ثانيًا- أما عن شعار ذكرى “١٤ شباط” لهذا العام “تعوا ننزل.. ليرجع”، فلم يكن الهدف منه او دلالته بأن المشاركة في احياء الذكرى يعني حُكمًا اعلان الحريري عودته للحياة السياسية. وهو الأمر الذي كان معلومًا لدى كوادر و جمهور “المستقبل” ومحبي سعد الحريري قبل غيرهم.
انما وبكل صراحة، كان الهدف من الدعوة للمشاركة الكثيفة في الذكرى هذا العام تكريس شيء واحد، لا بل وفرض أمر واقع، وهو ان “الحريرية السياسية والوطنية” لا تنتهي ولا تزول من قلوب وعقول اللبنانيين، زد على ذلك، بأن سعد الحريري سيبقى المرجعية السُنيّة والوطنية الأولى، والناس لن تقبل عنه بديلا!..
وقد حقق الشعار بالفعل أهدافه بحكم المشهدية التي رسمها الناس منذ يوم الأربعاء الماضي..
ثالثًا- صحيح ان ما جرى وتحقق في “١٤ شباط ٢٠٢٤” جاء نتيجة تفاعل الجمهور مع شعار الحملة، ولكن قبل كل ذلك كان بسبب اشتياقهم الكبير للرئيس الحريري، وقد عبّروا عنه ب”اجتياح” “بيت الوسط” والإصرار على معانقة “حبيبهم” و”قائدهم” و”مرجعيتهم” والذي لا بدّ أنه ترك أثرًا طيّبًا عند سعد الحريري- وهو ما أعلن عنه على كل حال في عدة مواقف- وسيعينه بالتأكيد على اتخاذ قراره المناسب، والا لما كان مضطرًا أساسًا للتعبير عن امكانية اتخاذ قرار العودة للعمل السياسي ب” كل شي بوقته حلو”!..
وعلى كل حال، “الوقت قريب”!..