بقلم هبة علّام
مع دخول مهلة الأيام التسعين القانونية والتي يجب أن تسبق دعوة وزارة الداخلية للهيئات الناخبة لانتخاب مجالس بلدية واختيارية، ورغم تأكيد الوزير بسام المولوي الاستعداد للانتخابات، فإن ذلك لا يعني حتمية إنجازها نظراً للعقبات التي تعترضها.
وفي الوقت الذي بدأت إمكانية التأجيل مرة جديدة تلوح في الأفق، بسبب الحرب الدائرة جنوباً والتي طالت مؤخراً مناطق أبعد وصولاً إلى بعلبك، فإنّه على بُعد كيلومترات من الحدود مع فلسطين المحتّلة أنجز الكيان الإسرائيلي خلال هذه الحرب ومنذ أيام انتخابات المجالس المحلية باستثناء مناطق الشمال والجنوب، أي أنها تمّت بشكل جزئي.
الجميع في لبنان يُؤكّد أن إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية ضرورة ملّحة لاعتبارين، أوّلها متعلّق بوجود 124 بلدية منحلّة بينما الأكثرية المتبقّية من البلديات تعاني الشلل بسبب الانهيار المالي، وثانياً لأن وجود بلديات فاعلة من شأنه أن يُسهّل معالجة الكثير من الملفات الضاغطة.
وبينما تعتقد أوساط متابعة أنه لا يوجد إرادة سياسية حقيقية لإنجاز هذا الاستحقاق وبالتالي التأجيل مرة جديدة، تُشدّد أغلب الكتل النيابية على موقفها من ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها لا سيّما وأنه تم رصد تمويلها في الموازنة، فيما وضع آخرون على الهامش إمكانية البحث والنقاش قبل حسم القرار، وذلك بحسب تطورات الأوضاع الأمنية والوقائع على الأرض.
عضو تكتل “الجمهورية القوية”، النائب غادة أيوب شدّدت في حديث لـ “ديمقراطيا نيوز” على ثبات موقف التكتل من ضرورة إنجاز هذا الاستحقاق، مؤكدةً عدم جواز تأجيله مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع الأمني في الجنوب، وبالتالي إجراء الانتخابات البلدية في المناطق الأخرى باستثناء مثلاً القرى الحدودية جنوباً على أن تُجرى في وقت لاحق بعد وقف إطلاق النار، لافتةً إلى أن هذه الحالة ليست جديدة وقد تم اللجوء إليها في فترات سابقة ولا مانع من إعادة التجربة.
واعتبرت أيوب أن “مساوىء التأجيل أكبر من إجراء الانتخابات في هذه الظروف، لأن البلديات اليوم هي الجهة المعوّل عليها أن ترافق هموم المواطنين وحاجاتهم المحلية، في ظل وجود عدد كبير منها منحّل، فيما لن يستطيع المحافظ أو القائمقام من القيام بكل مهام البلدية الضاغطة والكثيرة”.وفي حال تقدم اقتراح تأجيل الانتخابات، أكدت أيوب أن التكتل لن يُصوّت على ذلك، مذكرةً بأن وزير الداخلية أكد أنه سيقوم بكل التدابير والإجراءات والتعاميم التي يفرضها القانون من حيث المهل الدستورية، وبالتالي لا عوائق لذلك “إلا إذا كان هناك فريق سياسي معيّن ضد الديمقراطية وضد الانتخابات، وفي نيّته التأجيل كما حدث في المرة السابقة، حيث كانت الحجة عدم توفّر التمويل، فيما اليوم يبدو أن الوضع الأمني سيكون الذريعة”.
وفي السياق، شدّدت أيوب على ضرورة إجراء كل الاستحقاقات الدستورية بدءًا برئاسة الجمهورية، لافتةً إلى أنّ ربط مصير لبنان والاستحقاقات بمصير غزة هو أمر غير صحّي وضد مصلحة لبنان. كما “القوات”، أكد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد خواجة في حديث لـ “ديمقراطيا نيوز” موقف الكتلة المبدئي من ضرورة إنجاز هذه الانتخابات في توقيتها، مذكّرًا بالوضع المُذري للمجالس البلدية المتهالكة نتيجة التمديد والانهيار المالي الذي أثّر بشكل مباشر على البلديات وقدراتها، لأن أغلب إنفاقها بالدولار فيما الجباية بالليرة اللبنانية، إضافة إلى أن الكثير من المكلّفين لا يدفعون نتيجة الظروف المادية الصعبة.
وعن إمكانية التأجيل، أشار خواجة إلى أنه من المبكر اتخاذ موقف جازم نتيجة الوضع السائد في المنطقة وفي الجنوب، لاسيّما وأن التوتر بدأ يمتد إلى أماكن أخرى.
وأضاف “عندما نصل إلى لحظة القرار، والمعطيات لا تسمح بإجراء الانتخابات، يُصبح هناك بحث آخر، وعندها فإنه حسب الوقائع يُبنى على الشيئ مقتضاه، إذ إن هذه الحرب قد تمتد لأشهر بعد ويمكن أن تتوقّف غداً”.
وبالنسبة للحلول والطروحات التي من الممكن أن توضع على الطاولة كتجزئة الانتخابات مثلاً، لفت خواجة إلى أن “كل ذلك يتم درسه في توقيته بحسب المعطيات المتوفّرة، لأننا اليوم أمام وضع متحرّك غير ثابت، وبالتالي لا يمكن اتخاذ موقف جازم مسبق بشأنه”.
بدوره، قال عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبدالله في حديث لـ “ديمقراطيا نيوز” إن “موقف التكتل مع إجراء الانتخابات حُكمًا، لكن الوضع الأمني يشكّل مسؤولية كبيرة خصوصًا وأن الأمور أصبحت أخطر بعدما تم قصف بعلبك وقبلها جدرا”، مشيراً إلى أن “اتخاذ قرار وتحمّل مسؤولية التجمّعات يحتاج إلى نقاش مع المسؤولين الأمنيين وفقاً للظروف والواقع على الأرض، وعندها يتم اتخاذ القرار المناسب”.
كما لفت عبدالله إلى أن “المانع الوحيد لعدم إجراء الانتخابات هو فقط المانع الأمني، وفي حال استمرار الحرب لأشهر أخرى، فإن الأمر يتطلب نقاشاً جدياً، وعلى الحكومة حينها أن تتخذ توجّهاته بما يضمن سلامة المواطنين”.
وفيما يتعلّق بإجراء انتخابات باستثناء المناطق التي تعيش حالة الحرب، اعتبر أنه “ليس ضرورياً تأجيل الانتخابات عام كامل كما جرت العادة، فمن الممكن أن يكون الأمر لأشهر قليلة، وبمجرد تحقّق الاستقرار الأمني ووقف إطلاق نار يتم إنجاز الاستحقاق في حال كانت تطورات الأوضاع تشي بذلك، وبالتالي من دون ثبات هذا الوضع أمنياً فإن اتخاذ القرار سيكون صعباً”.