كتب صائب بارودي
مازال المشهد السياسي يتكرر يومياً في لبنان، فالتحركات واللقاءات والإتصالات الجارية على قدمٍ وساق لمعالجة الأزمة اللبنانية الرئاسية والسياسية والعسكرية تدور في حلقة مفرغة وحركة بلا بركة وكما يُقال تسمع ضجيج الرحى ولا ترى طحيناً.
فمازالت الدولة قائمة بحكم الإستمرارية والعلاقات السياسية الدولية وعضوية منظمة الأمم المتحدة،أما وطنياً فلا مؤشر يؤكد على حسن سير مؤسساتها الدستورية. فالرئاسة في حالة شغور ،والسلطة التنفيذية في حالة تصريف أعمال بلا جدوى، والمجلس النيابي معطل عن مهامه التشريعية والمرافق وإداراتها العامة قائمة على قاعدة التمديد أو التجديد أو الوكالة؟.
ويمكن القول أن الدولة قائمة على مبدأ “سيري فعين الله ترعاك”.
ويُحكى أن هناك محاولات كثيرة ومساعٍ حثيثة لمعالجة الأزمة واقتراح الحلول، فحيناً يصل موفد أميركي ويجري مباحثات ويغادر، وحيناً يصل الموفد الفرنسي ويتباحث مع المسؤولين ويغادر، وحيناً آخر تجتمع اللجنة الخماسية وتلتقي الجهات المعنية ويتناقشون في المستجدات التي لا توحي أصلاً بأي مستجدات!..
والمضحك المبكي في هذه الإتصالات واللقاءات لا يصدر عنها أي بيانات تفيد بالمضمون والمحتوى بل يكتفون بتصريح مقتضب بأنها كانت إيجابية ولكن لا ترجمة لإيجابياتها على الواقع العملي.
وما زاد في الطين بلّة مؤخراً رهن الأزمة اللبنانية بالوضع العسكري في غزة وجنوب لبنان أي بيد “حزب الله” وهو المُبتغى والمُرتجى رغم أن الأخير في مواقفه المعلنة يفصل أي علاقة أو ارتباط بين أزمة الرئاسة والحرب في غزة والجنوب. لكن في الحقيقة إن الأزمة اللبنانية هي من أهم الخطوات التي أقدم على إثارتها اللاعبون المحليون والإقليميون والدوليون تمهيداً لهذه الحرب.
هي لعبة أدواتها متشابكة واللاعبون فيها محترفين ومتمرسين في لعبة “البلياردو” يقذفون الكرة اتجاه كرة ليصيبوا فيها كرة أخرى هي الهدف والغاية. أو كما صار معروفاً في سيناريوهات السياسة الدولية بالفوضى الخلاّقة أي أن تثير فوضى وشغباً لصالح تحقيق هدف استراتيجي آخر..
لذا حين ينتهي الحديث عن حرب غزة والجنوب اللبناني ومندرجات القرار ١٧٠١ يبدأ الحديث الجدّي حول الرئاسة اللبنانية ومندرجات أزماتها المتفرعة السياسية والإقتصادية والمالية.
هذا إن لم تتوسع رقعة فوضى الأذرع الأخرى لصالح مفاوضات استراتيجية تجري في موقع آخر على تقاسم النفوذ؟!