كتب صائب بارودي
صار الحديث في الأزمة اللبنانية مملّاً ويثير الاشمئزاز والسخرية والاستياء
مكرر ويجترّ نفسه. فلا جديد يستجد إلاّ التلاعب بالكلمات والأسلوب كمن يقول أحدهم أفادت المعلومات وذكرت مصادر بدلاً عن مصادر ذكرت والمعلومات أفادت.
كما صار التداول فيه كلعبة”الدويخة” ولعبة “الزهر والفنجان”!.
من يرتجي الحل ومن يسعى إلى إيجاده ؟ أي موفد وأي وسيط وأي مبعوث أو أي سفير؟..
هل هو الأميركي؟أم الفرنسي؟أم القطري؟أم السعودي؟أو المصري؟ أم جميعهم مشتركين عبر لجنة خماسية؟..
ويُحكى عن اتصالات ولقاءات ومباحثات واجتماعات وتصريحات إيجابية مهدئة ومسكّنة!.
أصلاً من يملك قرار الحل وأين عاصمته؟هل في واشنطن؟أم باريس؟أم الرياض أو الدوحة؟أسئلة تدور في حلقة مفرغة و”الطاسة” ضائعة، والوقت يفترس الوطن وينهش حياة المواطن!!..
واللافت المضحك أن محور الاتصالات واللقاءات ومرجعيتها رئيس المجلس النيابي الذي يمسك بكل الخيوط المتشابكة ويحتكر ألغازها ويصادر نتائجها ليؤكد المؤكد بالإشارة إلى استمرار المساعي وضرورة الحوار ويتناسون أن هذه المعزوفة بدأت منذ حزيران ٢٠٢٣ مع الجلسة النيابية الأولى التي عقدت لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وانتهت بالفشل لينضم إليها الوسيط الدولي كعازف إضافي على وتر المساعي والحوار.
المثير للسخرية أن الجهة الأخرى للحوار والمساعي هو المجلس النيابي الذي يدّعي أعضاؤه أنهم يرغبون بانتخاب رئيس للجمهورية صناعة لبنانية بينما هم يعرقلون تحقيق ذلك مستنجدين بوسيط دولي مزوّد بالحقائب الدبلوماسية المليئة بالعملات الصعبة لينال كل منهم مخصصاته وضمان حصته بالحفاظ على مواقعه ونفوذه في العهد الجديد…
وما زاد طين النواب بلّة أنهم تفرّقوا إلى عدة زمر وشلل لتزداد الأزمة تعقيداً وتزداد معالجتها صعوبة، فباستثناء كتلة الممانعة(حزب الله+أمل) التي تتمتع بالعدد الأكبر نسبياً من النواب، ثم كتلة المعارضة(القوات اللبنانية+التيار الوطني الحر المتحالف مع حزب الله) ليتوزع النواب الباقون على كتل مختلف المسميات ( الكتائب+المستقلون+التغييريون+ التوافق الوطني+التجدد+اللقاء الوطني +الاعتدال وآخرون).
يُقال إذا أردت القضاء على مجتمع والسيطرة على زمام أموره وشؤونه شتّت شمله وقطّع أوصاله واجعل التناحر شغلهم الشاغل.
وقد ترجمت هذه المقولة القوى الكبرى الدولية والعربية إلى واقع عبر الانتخابات النيابية الأخيرة حيث لا تدري أيادي من؟ في جيوب من؟!..
وجاءت حرب الكيان الصهيوني و”حماس” و”حزب الله” في غزة والجنوب اللبناني وخفاياها وأسرارها في المُنْطلَقِ والمُنتهى المجهول (المعلوم)، لتجعل قرار الحل والربط في الأزمة اللبنانية ضمن مندرجات التسوية والصفقة المنتظرة إقليمياً (أميركياً- إيرانياً-عربياً)..
أما ما يُقال عدا ذلك عن لقاءات واتصالات ومباحثات ووساطات وتحركات ذهاباً إياباً وتصريحات مختلفة الأهداف والغايات فهي في إطار اللغة الباطنية السائدة مؤخراً.
أما لبنانياً وبكل صراحة ووضوح لا يقطع الشك في نوايا النواب وخلفياتهم المريبة إلاّ يقين مبادرتهم للإستقالة من مجلس النواب ليرقى رئيسه إلى مرتبة الشغور وتصريف الأعمال اقتداءًا بمن سبقه، والدعوة إلى إنتخاب مجلس نيابي جديد حتى بإشرافٍ دوليّ..