تاريخ التيّار يشهد

العقرب – ديمقراطيا نيوز

جبران باسيل يحاول محاكاة صعود عمّه ميشال عون، مستهدفاً استقطاب الجمهور المسيحي من خلال تبنّي خطاب يُظهره كمدافع عن حقوقهم و حريص على تعزيز دورهم. لكنّ جبران يتجاهل أنّ الأوضاع الراهنة التي يمرّ بها المسيحيّون هي نِتاج لسياسات تضليليّة و شعبويّة اتّبعها هو و تيّاره السياسي على مدار عقود. استراتيجيّة تعتمد بشكل كبير على إثارة النعرات و نشر الأكاذيب في محاولة للتلاعب بمشاعر المسيحيّين و كسب دعمهم تحضيراً للمساومة عليهم لمن يدفع له أكثر.

مؤسِّس تيّاره باع المسيحيين لحافظ الأسد، و أدخلهم في حروب دمّرت المجتمع المسيحي و هرب إلى فرنسا ليخلِّص نفسه. عاد من فرنسا بصفقة مع النظام السوري و مباركته ليوهِم الناس أنّه هو من أخرج السوري من لبنان. بعدها زار الأسد، متنكِّراً لكلّ تضحيات شبابه، و تنصُّل من مسؤوليّته تجاه المعتقلّين في السجون السوريّة و شهداء الجيش اللبناني الذين واجهوا الجيش السوري بأمره. عقَد إتّفاق مع حزب الله ليشرّع وجود سلاحه طمعاً بالكرسي الرئاسي و ليسقط بذلك إدّعاءاته بأنّه مع الدولة القويّة و حصريّة السلاح. ممّا أسقط سببه المعلَن لمعاركه، لتوحيد البندقيّة، التي دمّرت المنطقة المسيحيّة في حرب الإلغاء. وعد بإعادة التوازن إلى الدولة، لكن في الواقع، التوازن المنشود انحصر في تعيين أعضاء جماعته في الدولة، مشاركاً في الفساد مع النظام القائم. تنازل عن شعار التغيير و الإصلاح، الذي رفعه لاستمالة المسيحيين، فبدلاً من تحقيق إصلاحات حقيقيّة، تغاضى عن التجاوزات و شارك في سرقة الناس. خذل أنصار التيّار عندما تسلّم جبران باسيل القيادة، ناقضاً مبدأً أساسيّاً للتيّار المعارض و الرافض بشدّة للإقطاعية و التوريث السياسي. بعد وصول ميشال عون إلى قصر بعبدا، تخلّى عن كلّ المبادئ و الناس لحزب الله مقابل الحصول على السلطة، المال، و الصفقات، بينما أسند إلى الحزب دور الأمن و السيطرة العسكرية.

بعد هذا السرد السريع لتاريخ التيار، يتباكى جبران اليوم على دور المسيحيين الذي ساوم عليه خدمةً لمشروع زعامته، و يتحسَّر اليوم على دور ضربه بممارساته السلطويّة و تسليم قراره لحزب الله. ينوح على فساد هو أساسه حيث أفقر الناس و ضرب الإقتصاد خدمةً لإقتصاد الحزب البديل. يشتكي ضُعف الدور المسيحي و هو لا يزال حتى اليوم يحاول مع من ينتقدهم السيطرة عليه عبر محاولة تمرير رئيس تحت تصرّفه و عبر تمرير قوانين في حكومة يهاجمها في العلن و يتعامل معها في الكواليس لتمرير مشاريع تخصّه. يحاول اليوم إظهار نفسه الحريص على دور المسيحيين و يزايد على القوى المسيحية لجرِّهم لوَحل خطاباته الشعبويّة التي لم تعد تلقى صدى لدى معظم المسيحيين. لا يزال جبران كما دائما يلعب في ملعبه المفضّل تحت الطاولة، فلا مكان له على الطاولة بعد اليوم.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top