ذكرت مصادر فلسطينية أنّ بعض الدول المانحة تراجعت عن قرارها بتعليق مساعداتها المالية لـ»الأونروا» على خلفية اتهام 12 موظفاً من الوكالة بالمشاركة أو بتأييد عملية «طوفان الأقصى»، بعدما وصل عددها إلى نحو 18 دولة، ما هدّد استمرار خدماتها. وقال مدير الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان علي هويدي لـ»نداء الوطن» إن دول أستراليا والسويد وكندا والمفوضية الأوروبية وفنلندا تراجعت عن قرار تعليق مساعداتها، بينما رفعت نسبة مساهمتها كل من إسبانيا وايرلندا وبلجيكا والنرويج ودفعت السعودية 40 مليون دولار أميركي، معتبراً «أنها خطوة على الطريق الصحيح لكشف زيف الادّعاءات الإسرائيلية».
ورغم قرار التراجع، أكدت المصادر الفلسطينية نفسها «أنّ الخطر على «الأونروا» ما زال قائماً، إذ إن الولايات المتحدة الأميركية لم تستأنف مساعداتها المالية بعد، وهي تشكّل ثلث موازنة «الأونروا» المالية، بل تعمل على تجفيف التمويل عنها من خلال بحث إجراءات في الكونغرس، ومن بينها تمديد تعليق التمويل حتى العام 2025».
بالمقابل، رأى عضو المكتب السياسي لـ»الجبهة الديمقراطية» فتحي كليب «أنّ دعم «الأونروا» السياسي من قبل الأسرة الدولية ليس كافياً ما لم يقترن بدعم مالي وبمعالجات تضع حدّاً لسياسة الابتزاز السياسي المالي، ورغم استمرار الخطر، فإن عودة «الأونروا» لعملها في قطاع غزّة واستئناف بعض الدول دعمها المالي يؤشّر على أن المشروع الإسرائيلي الأميركي بدأ بالتفكّك والانهيار، وهذا يتطلّب بذل جهود فلسطينية وعربية لإبعاد وكالة الغوث عن دائرة الضغوط وتوفير الحماية لها سياسياً ومالياً بعيداً عن سيف التحريض اليومي ضدّ عملها وبرامجها وسياساتها، ودعوة الدول المانحة لتكون أكثر توازناً في تعاطيها مع القضية الفلسطينية والتزامها بالقرارات الدولية التي هي موضع انتهاك من قبل إسرائيل».
وتقتنع القوى الفلسطينية ومعها أبناء المخيمات أن محاصرة «الأونروا» مالياً هدفه سياسي، ويتمثّل بمحاولة إنهاء عملها وتصفية القضية الفلسطينية وشطب حقّ العودة، ما يستدعي صوغ استراتيجية وطنية فلسطينية توحّد حركة اللاجئين داخل وخارج فلسطين، وتعمل على صيانة وحماية حقوقها وفي المقدمة منها حقّ العودة ومكانته القانونية والسياسية.
وفي أول تداعيات تعليق التمويل، قرّرت «الأونروا» صرف المساعدات النقدية للاجئين الفلسطينيين في لبنان المسجّلين في برنامج شبكة الأمان الاجتماعي والأشخاص المدرجين ضمن الفئات الأكثر حاجة (الأطفال، كبار السنّ، الأشخاص ذوي الإعاقة، والمصابين بأمراض مزمنة معرف عنها سلفاً) ولكن بقيمة 30 دولاراً أميركياً بدلاً من 50 دولاراً، بينما تم تأمين التمويل الكافي لتوزيع المساعدات النقدية للاجئين الفلسطينيين من سوريا عن شهري آذار ونيسان بمبلغ 25 دولاراً للشخص الواحد شهرياً و60 دولاراً لكل عائلة شهرياً.
وفي خطوة مفاجئة، تلقّى مدير ثانوية دير ياسين في مخيم البص في منطقة صور المربي فتح شريف بريداً إلكترونياً من مفوض عام «الأونروا» فيليب لازاريني، يبلغه فيه توقيفه عن العمل ثلاثة أشهر، تحت ذريعة ممارسته أنشطة سياسية تخالف الحيادية ويطلب منه تسليم كل متعلّقاته ووضع نفسه تحت لجنة تحقيق.
بينما تلقّى النقابي الفلسطيني رائف أحمد بريداً إلكترونياً من المديرة العامة للوكالة دوروثي كلاوس تبلغه فيه اتّخاذ إجراء بحقّه يتمثّل بحسم راتب شهري وتأخير علاوته السنوية شهرين إضافيين، تحت ذريعة مشاركته في مسيرة لحملة «حق العمل» قبل خمس سنوات، ما يطرح علامة استفهام حول الإجراء وأبعاده السياسية والوطنية في هذا التوقيت بالذات.
وكانت أزمة خلافات حادّة تفجّرت بين القوى الفلسطينية وإدارة «الأونروا» وكلاوس، على خلفية الطلب من شريف تقديم استقالته قبل 2 آذار الجاري، بحجّة نشاطه السياسي والوطني، ومخالفته الحيادية في الوظيفة، غير أنه رفض الأمر، بينما طلبت القوى الفلسطينية التراجع عنه واعتبرته ابتزازاً.
محمد دهشة – نداء الوطن