بقلم ساريا الجرّاح
حبرٌ من الوعود على أوراق تحقيق السلام والأمن في الجنوب اللبناني، تقول احدى السّيدات في الجنوب “لا حيلة في اليد ولا رحمة في قبضة العدو، هكذا هو حالنا في الجنوب”. ليل الأربعاء حوّل العدو منطقة الهبارية الى ساحة دموية ذهب ضحيتها سبعة أشخاص ادّعت اسرائيل أن مبتغاها متعمّد محمّلة ضميرها فرضية وجود جماعات ارهابية اسلامية لطالما أوجعت الجبهة الجنوبية بمجرد وجودها. وعلى وقع الهدن الرمضانية المزيّفة من غزة وصولاً الى الجنوب يستمتع العدو بضرب رسائل في العمق اللبناني مفادها الأساسي دحض قرار مجلس الأمن المطالب بوقف اطلاق الناربشكل نهائي في غزة. فـ جورجينا في السراي لحفظ الأمن مع ميقاتي، وهنية في طهران يستهزء بعزلة اسرائيلة غير مسبوقة، والعدو يرفض هدن حماس المقترحة، كلّ هذه الأحداث لم تأتي عبثاً بل هي قطرة مطر في أرض تنزف غياب حقيقة شهدائها.
فما كان على اسرائيل الّا الهروب من حشرتها وترجمتها في لبنان طارحة فرضيات عدّة أبرزها “اتساع رقعة الحرب في الجنوب”.
تشير مصادر مقرّبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لـ “ديمقراطيا نيوز” إلى أن مسألة الحرب واضحة جداً وطريقها طويل مؤكدة أنه ورغم توسّع الاستاتيكو القائم الا أن الرقعة الحربية ستبقى مصغرة بأهداف محددة ولا انباء في الأفق توحي توسيعها.
ومن ناحية جهوزية الحكومة اللبنانية تقول المصادر” الحكومة بصدد الجهوزية الدائمة في ظلّ العديد من الاجتماعات التي تناولت الأوضاع الحاصلة في الجنوب اللبناني”، مشددة على ملف المهجّرين اللبنانين من الجنوب وكيفية مساعدتهم مستشهدة بما ذكره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن مسح الأضرار قائلاً ” الحرب لا زالت قائمة، واذا لم تتوقف سوف نعجز عن مسح كل هذه الأضرار الحاصلة وسيتم تأجيل عمليات الترميم إلى ما بعد انتهاء العمليات العسكرية الراهنة”.
وختمت أن الجهوزية ستكون وفق الواقع حيث تملك مساعدات للمهجرين اللبنانيين من قراهم، اما عن الأملاك الخاصة تقول “هذا الملف نتحدث به بعد انتهاء الحرب”.
ومن جهته يؤكد عضو تكتل اللقاء الديموقراطي النائب بلال عبدالله لـ “ديمقراطيا نيوز” أنه حتّى الساعة إسرائيل تسعى إلى جرّ لبنان لحرب شاملة وبات واضحا ً ان الحزب ولبنان يتجنبا بقعة التوسيع الشامل. وأكد انه وبعد اصدار قرار مجلس الامن لوقف إطلاق النار او الهدنة التي من المفترض التزام طرفيها بها، وسّعت إسرائيل مروحية استهدافاتها ضد المدنيين.
ومن جهة ثانية تحدث عبدالله عن خطة لمحاولة توسيع المواجهة مع لبنان لكن ردود المقاومة استطاعت ان تبقى في إطار السياق السابق وهو التركيز على النقاط والمناطق العسكرية ليس إلا، وعن امكانية توسّع الحرب بشكل جدي يقول ” في أي لحظة من اللحظات ممكن ان نتحوّل من عمليات مصغرة إلى حرب شاملة!”.
وختم ان الجانب اللبناني ليس بصدد القيام بمثل هذه الخطوة لا على الصعيد الرسمي ولا حتى المقاومة ملقياً امكانية حدوثه من الجانب الثاني قائلاً “الفعل سيكون اسرائيلي مية بالمية”.
الحزب لا يريد أن يكون الواجهة باشعال الحرب
يستبعد العميد المتقاعد هشام جابر امكانية افتتاح الحرب الواسعة لكنها ممكنة في حالة واحدة عبر ضرب الحزب بمواقع مهمة تفرض على الاخير ضرورة الرد الصارم بحجة “أنتم من بدأتم”.
وحذّر جابر من احتمال توسّع الحرب الجنوبية الى اقليمية ستورّط الولايات المتحدة الاميريكية حتماً.
الا أن سقف التوسّع الجغرافي الاسرائيلي سيكون على حساب لبنان المحدود خاصة في القطاع الغرب “الساحل الفلسطيني” لوجود أهداف خطيرة مثل حيفا وتل أبيب وحتّى عكّا تعتبر بمثابة اعلان حرب، بالمقابل يمكنه التحرك عبر الجولان وبنك أهداف تساعده على الرد.
وأشار الى أن الموانع كثيرة لتوسع الحرب خاصة على الجبهة الاميريكية حيث ستكون تداعياتها أكبر من حرب غزة.
وفي المقابل يشير عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض إلى إن “التصعيد الذي يمارسه العدو الإسرائيلي خصوصًا منذ أيام على جبهة الجنوب بعد ارتكابه مجزرة موصوفة وواضحة في بلدة الهبارية، إنما هو تعبير عن المأزق الذي يراوح فيه الإسرائيليون على المستويين السياسي والعسكري في غزة كما في جبهة الجنوب.
ورأى ان “العجز عن الحسم لأسباب ميدانية بالدرجة الأولى نتيجة صلابة المقاومة وتفاقم التعقيدات السياسية التي يواجهها الإسرائيلي دوليا والعجز عن الخروج من الحرب لأنه سيشكل هزيمة مدوية له خصوصا في ظل خروجه خالي الوفاض من أي إنجازات في تحقيق الأهداف التي أعلنها”.
واعتبر فياض أن “الإسرائيلي يتجه لخيار التصعيد العسكري كبديل عن الحرب المفتوحة وهذا ما تدل عليه مؤشرات الأيام الماضية، والتصعيد بحسب الممارسة الإسرائيلية يعني الإستهداف في العمق كما حصل في البقاع الغربي وبعلبك أو بضرب مراكز صحية وخدماتية مدنية كما حصل في العديسة والهبارية”.
واضاف “إن أمعن العدو في خيار التصعيد فعليه أن يحسب حساباته جيدا لأن خسائره سترتفع ومشكلة الشمال لديه ستزداد تفاقما وبالمحصلة سيزداد مأزقه تعقيدا لأن المعادلة واضحة وبسيطة، فالمقاومة ستواجه التصعيد بالتصعيد وردودها ستصبح أقسى كما ونوعا عمقا وأهدافا.
وختم معتبرًا انه “من المعيب والمؤسف فعلا انه في الوقت الذي تنخرط فيه المقاومة في هذا الواجب بأعلى درجات الفداء والتضحية، ينشغل البعض بإطلاق المواقف الموهنة ويمارس الحرتقات السياسية أو الميدانية الرخيصة، أو يفتح نقاشات يزعم أنها مصيرية في لحظة سياسية مشبوهة وإن هؤلاء يعيشون في حال إنفصال عن الواقع ويعيشون داخل أوهامهم وهواجسهم”.
“نحن امام عدو مجنون مجرم لا يراعي اي معايير إنسانية واخلاقية وبالتالي هذا ما يحتم ابقاء كل الاحتمالات مفتوحة”، هذا ما عبّر عنه النائب وليد البعريني موضحاً أن المعطيات التي تصله عن امكانية توسيع رقعة الاستهداف الاسرائيلي واستهداف المدنيين يدعو فعلاً للقلق. في المقابل شدد على متابعته الضغوط الخارجية وخصوصاً الأمريكية بهدف عدم توسيع الحرب، وهذا الأمر يجبره على استبعاد امكانية التوسيع.
وفيما عبّرت مصادر دبلوماسية لـ “ديمقراطيا نيوز” عن “قلق من تفريغ اسرائيل لطاقتها في الجنوب اللبناني عقب قرار مجلس الامن حول غزة، مترجمة تهديداتها الاخيرة بحرب على لبنان، وهذا تحديدا ما اعلن عنه وزير الخارجية الاسرائيلية يوآف غالانت إثر صدور القرار قائلاً “الموقف الاميركي بعدم وضع فيتو على القرار، نقطة تحوّل في مسار الحرب، والعلاقة مع نتنياهو، ولكن ما اخشى منه هو أن يغامر نتنياهو إما في اتجاه رفح او في اتجاه لبنان”.