حصيلة الإغتصاب في لبنان في ازدياد فمن يُحاسِب؟

بقلم رفال صبري

يومًا بعد يومًا يضجّ المجتمع اللّبناني بحالات اغتصاب جديدة وبأساليب شنيعة دون رادع وبلا قيود في ظلّ الفلتان الأمني الذي يشهده من جميع الجهات ومن خلال الجرائم المتعدّدة الأوجه، أمّا حديث اليوم فهو جريمة الإغتصاب!

جرائم الإغتصاب ليست أمرًا جديدًا ولا موضوعًا مستجدًّا في لبنان، إلّا أنّ هذه الحالات في ازدياد خصوصًا فيما يتعلّق باغتصاب القاصرات والقاصرين وفي ظلّ استدراجهم بطُرق غير متوقّعة كما حدث خلال هذه السّنة في عشرات حوادث العنف الجنسي – تلك الحالات التي تمّ التصريح عنها طبعًا – ففي معظم الحالات يتمّ التستّر على الأمر وإخفائه ولوم الضحية مهما كان عمرها ووضعها الإجتماعي ووضع مبرّرات لا أصل لها لتبريئ المجرم!

حالات العنف الجنسي ضد الأطفال في لبنان ارتفعت من 10% عام 2020 إلى 12% عام 2022 وهذا ما كُشف منها فقط، بغض النّظر عمّا بقي مستورًا ومخفيًّا…
البعض يتعرض للإغتصاب من أقرب النّاس إليه في داخل منزله وآخرون من غرباء في الشّوارع وفي الأماكن العامّة… لكن النتيجة واحدة والمجرم في صورة واحدة والعقوبة يجب أن تكون على قدر هذا الجُرم.
لعلّ حادثة الإغتصاب الأخيرة التي وقعت في منطقة “صبرا” كانت الشّرارة الّتي أشعلت فتيل هذه الجرائم في الإعلام… فمن خلال إدراج فتاة قاصر تبلغ من العمر 14 سنة إلى شقة مهجورة وضربها بوحشية وتعذيبها واغتصابها في الوقت نفسه، لا بل وتصويرها وابتزازها بالمشاهد وبالتّالي القيام بأربع جرائم في جريمة واحدة يستدعي التّساؤل التّالي: “أين الدّولة من هذا الفلتان؟”

يشير المحامي “حسن الدّرويش”، إلى أنّ في بعض حالات الإغتصاب تكون النتيجة هي الوفاة وهنا يتداخل جرم الإغتصاب مع جرم القتل وبالتّالي تتشدّد العقوبة لتصبح المحاسبة جنائية وننتقل من مرحلة التعدي الجنسي إلى القتل المتعمّد، تمامًا كما حدث مع الطّفلة “لين طالب”. وبالنسبة للإعتداء على القاصرات كان القانون يعفو عن المعتدي التهمة في حال تزوّج من المُعتدى عليها، أمّا اليوم سقط هذا القانون بقرار من مجلس النّواب.
يضيف “الدّرويش” تمّ تشديد عقوبة مجامعة القاصر من خلال المادة 506 من قانون العقوبات بتهمة الإقدام على اجراء فعل منافٍ للحشمة والتحرش الجنسي، كما ويعاقب القانون اللّبناني على إجبار الأطفال والقاصرين بارتكباب الفحشاء بالإكراه من خلال العنف والتهديد بالأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن6 سنوات من المادة 507 من العقوبات.

يُكمل “الدّرويش” التحرش بالأطفال يعتبر كأي جريمة تحرش أخرى لكن مع ظرف مشدد وهو وقوع الفعل على قاصر، إذْ نصت المادة 509 وما يليها على عقوبة السجن مع الأشغال الشاقة لفترة لا تقل عن سبع سنوات، ويتم تشديدها إذا كان المجرم موظفًا أو رجل دين أو من أقارب الضحية لتصل إلى الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.

من جهتها تشير “نجاة محمّد فوّاز” ناشطة إجتماعية في جمعيات عدّة، إلى أنّ المغتصب هو شخص غير متوازن نفسيًّا يعيش حالة من الإضطرابات التي تجعله غير واعٍ وغير مدرك قد يكون سببها رواسب من طفولته أو من خلال تجارب قد مرّ بها قد ترسّخت في عقله الباطن.
ترى “فوّاز” أنّ مواقع التّواصل الاجتماعي تلعب دورًا كبيرًا في التّأثير على تفكير الأشخاص قد تجعل من الممنوع مباحًا ومن الخطأ أمرًا عاديًّا قد يؤدّي بالمراهقين والشباب إلى القيام بأفعال منافية للأخلاق.

تؤكّد “فوّاز” أنّه من الواجب احتضان المغتَصب/ة وتقبّله/ها وعدم إلقاء اللّوم على الضحية أو وضعها موضع الجاني أو المخطئ لا سيّما من جهة الأهل والأقرباء لأنّها في هذه الحالة ستعيش صدمات متتالية وسيكون التخطي صعبًا جدًّا عليها في ظلّ غياب الدّعم النّفسي والاجتماعي والأسري.

تتابع “فوّاز” إنّ التوعية مهمّة وضرورية جدًّا وهي واجب الجمعيات في توعية الأمهات من ناحية التربية والتعامل مع الطّفل منذ الصّغر وترسيخ فكرة الحُرمات وعدم الكشف عن الجسم وأعضائه أمام الغريب والقريب وبالتّالي تعريف الطّفل على ملكية جسده وعدم مشاركته مع الآخرين.
بالإضافة إلى تعويده منذ الصّغر على الصّراحة والحديث بالمشاركة وبناء الثّقة بينه وبين الطّرف الآخر إمّا من خلال العائلة نفسها أو من خلال الدّعم من الجمعيات وذلك لتجنب الخوف أو الوقوع في الخطأ أو حتى إخفائه.

في عصر التطوّر والسرعة لا يزال المجتمع اللّبناني يسير ببطئ نحو الأمن والسلام ويبقى بحاجة إلى تظافر جهود الدّولة والجمعيات والأهل كي يصل إلى مرحلة الوعي الكافي الّذي يحدّ من الجرائم والإعتداءات والتصرفات المنافية للأخلاق…

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top