كتب صائب بارودي
أغرب ما في سلوك الطبقة الحاكمة أو الزمر السياسية وفصائلها المختلفة في الوطن والأمة محاولاتهم الدائمة تزيين سوء أعمالهم عبر إختلاق المبررات الخبيثة وتزييف الحقائق وتحريفها بترويج الأكاذيب والأضاليل التي قد يخدعون بها بعض الناس لبعض الوقت ويقعون في حبائلها ولكن ليس كل الناس وكل الوقت،فقد تُغيّب الحقيقة ولكن ستكشف لا محالة بعد حين.
في الآونة الأخيرة تناقلت بعض وكالات الأنباء تصريحات لقادة من حماس زعموا فيها أن حرب غزة أحيت من جديد القضية الفلسطينية بعد أن كادت تتعرض للتصفية والنسيان ولا بد من تضحيات كثيرة مقابل ذلك.
كما توجه كبار قادة حماس من جهة أخرى إلى الشعب الأردني يطالبونه بالتحرك لدعم المقاومة في غزة ما اعتبره بعض المراقبين تحريضاً ماكراً
للشارع الأردني ضد النظام الهاشمي خاصةً وأن الشارع الأردني يتميز بالحساسية الشديدة لكونه يضم عدداً كبيراً من حاملي الجنسية الأردنية من أصول فلسطينية ما يحمل في طياته محاولة خبيثة لإثارة الفتنة بين فئات الشعب الأردني خاصةً وأن غالبيته من العشائر الداعمة بشدة للعاهل الأردني.
وتساءل المراقبون لماذا هذا النداء الحمساوي في هذا التوقيت بالذات وللشعب الأردني دون غيره من الشعب العربي بمجمله؟!
يُذكر أن في الأردن عدداً كبيراً من المنتسبين إلى حركة الإخوان المسلمين المؤيدين لحركة حماس ويخشى أن يكون القصد من النداء الحمساوي تحريض هؤلاء على إثارة الشغب في المناطق الأردنية المختلفة ما قد يؤدي إلى الإحتكاك مع العشائر وهو ما حدث مرات عديدة سابقاً كما يُعيد للذاكرة الطرح المريب بجعل الأردن الوطن البديل للشعب الفلسطيني.
ويتساءل المراقبون لماذا يدّعي قادة حماس أن حرب غزة أحيت القضية الفلسطينية بعد محاولات تجري لتصفيتها وهي لم تزل في وجدان الشعب العربي في كل أقطاره ومدنه وإذا كانت بالفعل قد تعرضت للتصفية فهي حين رفضت حماس الإنضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها المختلفة،وقامت باجتياح غزة وتصفية معارضيها وإلقاء جثثهم من سطوح مباني القطاع والإستيلاء على السلطة في غزة بدعمٍ من العدو في أيار عام ٢٠٠٧ وانفصالها عن باقي مدن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
ويتساءل المراقبون كيف يحق لقادة حماس أن يبرروا دهاءً بذريعة إحياء القضية الفلسطينية تقديم التضحيات الهائلة التي بلغت ٣٣ ألف شهيد وعشرات الآلاف من المصابين والمعاقين ومئات الآلاف من المشردين والنازحين وتدمير مدن القطاع ومبانيها لكسب شرعية دولية لوجودها وسلطتها المغتصبة عبر إجراء مفاوضات ومباحثات كأنها هي المُحاور الفلسطيني الرئيسي والأوحد!
والمستغرب أن تصل المباحثات والمفاوضات الجارية إلى تقديم اقتراح حماسي بانسحاب جيش العدو وعودة النازحين إلى شمال القطاع والمدن الأخرى وكأن حرباً لم تقع ولم يُسقط الشهداء والمصابون ولم ينزح عن أراضيه مئات الآلاف من الشعب المنكوب!!
ولماذا حدث ما حدث في ٧ تشرين الأول؟؟
وبناءً على هذه المآسي والكوارث يتساءل المراقبون من يسعى إلى القضاء على الشعب الفلسطيني في غزة وتصفية قضيته للحفاظ على سلطته ونفوذه؟ من يستحق المساءلة والمحاسبة على ما اقترفت يداه فينال العقاب ولعنة التاريخ؟