كتب صائب بارودي
أخيراً نفذت إيران تهديدها وشنّت هجوماً جوياً مباشراً على الكيان الصهيوني استعملت فيه مئات الطائرات والصواريخ والمسيّرات المختلفة واستغرق ما يقارب ست ساعات لم يسفر عنه خسائر مادية وبشرية باستثناء تدمير جزئي لقاعدتين عسكريتين في صحراء النقب حتى أن كثيرين من المراقبين أطلقوا على العملية العسكرية اسم “المسرحية” لما أحاطها من شكوك.
فقد جاءت البيانات والتصريحات الصادرة من مختلف الأطراف أن العملية تمت بعد اجراء إيران اتصالات متعددة مع الولايات المتحدة الأميركية والدول المحيطة لإبلاغهم عزمها القيام بعملية الثأر والإنتقام من العدو الصهيوني، رداً على مهاجمته القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل سبعة من قيادات الحرس الثوري وأبلغت القيادة الإيرانية المعنيين أن هجومها محدود بأهداف لا تستدعي تصعيد الأجواء وتوسيعها.
ويبدو أن إيران قد صدقت ووفت بوعدها لذلك أسمتها عملية “الوعد الصادق” فقد تمت العملية العسكرية خلال ست ساعات من منتصف الليل حتى الفجر وتحت إشراف ومتابعة القوات الأميركية والفرنسية والبريطانية التي استطاعت إسقاط ٩٠٪ من الطائرات والصواريخ الإيرانية عبر قواعدها المتواجدة في الدول المحيطة وبذلك وفّرت على الكيان الصهيوني استهلاك أسلحته وعتاده وأعباء التصدي والمواجهة،فمُنِحت إيران فرصة الحفاظ على ماء الوجه، ومنحت العدو الصهيوني فرصة النجاح في التصدي والانتصار الوهمي. حيث لم يسجل أي خسائر بشرية ومادية للكيان الصهيوني مقابل ما ألحقه بإيران و”حزب الله” من خسائر بشرية كثيرة في تصفية واغتيال قيادات كبيرة إيرانية ومن “حزب الله”، كانت تواجه بالتهديد والوعيد والتلويح بالويل والبثور وعظائم الأمور ليخمد ضجيجها وصخبها بعد حين بانتظار ما هو آت، حتى حدث الهجوم الإيراني الجوي الباغت (المعلوم والمعروف مسبقاً لدى مختلف الأوساط والأطراف والجهات المعنية)، أعقبه إعلان إيراني رسمي عن إنتهاء الهجوم وتحقيق الثأر والإنتقام الذي وعدت به.
هذا هو الوصف الشكلي للهجوم الإيراني الصوري الفولكلوري وهدفه العلني الظاهر .
أما الهدف الباطني والخفي فهو إنقاذ نتنياهو وحكومة العدو الصهيوني من أزمتهما السياسية الداخلية وتغطية جرائمهم الوحشية في غزة بعد الإنتفاضات القوية والشديدة لأبناء الكيان الصهيوني ضد سياسة نتنياهو وموقفه من مباحثات استرداد الأسرى الصهيونين لدى “حماس” وإعادة اللُحمة والتضامن في مواجهة إيران.
كما أدى الهجوم الإيراني إلى تهدئة شعوب الدول التي تظاهرت ضد نتنياهو وسياسة الإبادة التي ينفذها في غزة وشعبها وتحوّلت إلى تأييده في مواجهة إيران وعدوانها،فتوقفت مظاهرات الغضب وصمتت أصوات التنديد.
ما أتاح الفرصة الآن للكيان الصهيوني للإستعداد التام لشنّ حملته الأخيرة على رفح بزخم سياسي متجدّد التي من المرجح أن يكون توقيتها مقرون بتوقيت الإنتهاء من إنشاء مرفأ رفح الذي تبرعت ببنائه أميركا بذريعة إيصال المساعدات، ليكون مرفأ التهجير والترحيل للشعب الفلسطيني من رفح هرباً من العدوان الصهيوني المرتقب وهو ما يعتبر طعنة غدر إيرانية ل”حماس” التي قدّمت القضية الفلسطينية لأعدائها على طبقٍ من فضة!!..
