كتب صائب بارودي
ما زالت الفوضى تعمّ لبنان وما زالت النزاعات والصراعات تتغلغل بين أطرافه وقواه السياسية وما زال ملف أزماته يراوح مكانه دون تقدم أو حلحلة نتيجة الخلافات المستحكمة بين الأفرقاء المعنية حيث تدور المعالجات في حلقة مفرغة بين شروط وشروط مضادة واقتراحات من هنا واقتراحات من هناك وطرح مبادرة من هذا ومبادرة من ذاك .
خاصةً وأن الملف اللبناني مأزوم تحت ثلاث عناوين: إنتخاب الرئيس،والجنوب والنزوح.
في جوّ إنتخاب الرئيس فكل التحركات والإتصالات واللقاءات والمباحثات بين الجهات المعنية بإيجاد حل مقبول لكل الأطراف ما زال بعيد المنال رغم كل البيانات والتصريحات الإيجابية التي تبشر ولا تنفّر وتوحي باقتراب الحل والمعالجة، إلاّ أنها لا تتطابق مع الواقع الذي يكشف عبر حقيقته الخلافات المستشرية بين مختلف الأفرقاء.
فاللجنة الخماسية التي تجري اللقاءات والإتصالات بين الكتل النيابية ورئيس مجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الأعمال والقوى السياسية ولا يصدر عنها أي بيان رسمي باستثناء تصريح يصدر عن هذا العضو في اللجنة أو ذاك
التكتل يتحدث عن اللقاء وفق تصوره ورؤيته وتتباين المواقف حول مشاركة هذا السفير في لقاء وغيابه عن لقاء آخر ما يعني أن التحركات واللقاءات لإستهلاك الوقت وهدره دون أية نتيجة إيجابية وناجحة في تحقيق الإنجاز المنتظر.
أما العنوان الآخر في الملف اللبناني فهو أحداث الجنوب وإطلاق النار وتطبيق القرار ١٧٠١ فلا أمل يُرتجى في تحقيقه إلاّ وفق شروط “حزب الله” وفي مقدمها وقف إطلاق النار وإنسحاب القوات الصهيونية من غزة، إضافة إلى شروط قيادات الكيان الصهيوني التي تدعو إلى إنسحاب “حزب الله” إلى حدود الليطاني وتسليم سلاحه للدولة اللبنانية وهو ما رفضه رفضاً بتاتاً وهو أساس حضوره ونفوذه وهيمنته على الدولة وقراراتها والأهم هو عنوان إمتداد النفوذ الإيراني في المنطقة.
ولما كانت الأزمة الرئاسية مرتبطة بمعالجة أحداث الجنوب وقرار ١٧٠١ فلن يتم إنتخاب الرئيس الجديد إلاّ في اليوم التالي لتنفيذ القرار ١٧٠١ وإنهاء أحداث الجنوب وهو ما يعتبر في هذه الأجواء من سابع المستحيلات، رغم لقاءات اللجنة الخماسية وتحركات نواب المعارضة في الخارج ولقاءاتهم الأميركية والفرنسية والأوروبية والمبادرات المطروحة من هذا الطرف أو ذاك.
فإذا كان وقف إطلاق النار وإنسحاب القوات الصهيونية من غزة مرهون بإرادة القرار الأميركي والقيادة الصهيونية.
وقرار وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار ١٧٠١ في الجنوب اللبناني مرهون بإرادة “حزب الله” الملتزم بتوجيهات وسياسة النظام الإيراني ومصالحه فلا حلاً ومعالجة للأزمة اللبنانية مهما علت الأصوات وتكثفت اللقاءات والمباحثات.
وهذا ما يؤكد أن أي حل مقترح لذلك يجب أن يقترن بالتوقيع الأميركي والإيراني.
أما أزمة النزوح السوري فمهما ازداد الصخب والضجة وعُقدت مؤتمرات وأُجريت اتصالات وعُقدت اتفاقيات فلن يتم معالجتها إلاّ بموافقة النظام السوري بتوجيهات إيرانية وقبول “حزب الله” لأن النزوح السوري ناتج عن مخطط فارسي مشبوه ومريب مبرمج لدول المنطقة تُنفذه أذرع إيران العسكرية ليشتد فيها صراع النفوذ بين الإدارة الأميركية والصهيونية والفارسية!..