“لقاء معراب”: زعامة مسيحية.. و”عجز” بتوحيد المعارضة الوطنية!..

كتب عبدالله بارودي

بغض النظر عن عنوان المؤتمر وصوابيته، أحقيته وضرورة تنفيذه، توقيته ومدى القدرة على ترجمة أهدافه، نجحت “القوات اللبنانية” من خلال لقاء “معراب” من اثبات علوّ كعبها في الشارع المسيحي!..

استطاع “القواتيون” اظهار زعامة “الحكيم” ومرجعيته على الشخصيات المسيحية الحزبية والمستقلة وقدّموا مشهدية كرّست تفّوقهم الواضح على كل الأطراف المسيحية وفي طليعتهم “التيار الوطنيّ الحرّ”، الطرف المعني المباشر باللعبة السياسية الداخلية!..

صورة أرادها جعجع لإظهار مدى قوته واتساع نفوذه المسيحي للخارج وتحديدًا للدول المعنيّة بالملف اللبناني خصوصًا مع اقتراب الدخول والبحث الجدّي بالملف الرئاسي وبدء طرح الأسماء التي قد تشكّل منطلق لإعلان الرئيس بري عن موعد اولى الجلسات الإنتخابية بدوراتها المتتالية!!..

كان لقاء معراب بالنسبة للقواتيين مناسبة لتقديم “قائدهم” الناطق الرسمي بإسم المعارضة اللبنانية او ما كان يُعرف سابقًا ب قوى “١٤ آذار” بهدف مواجهة “حزب الله” ومحوره وتسجيل اول نقطة في مواجهة الإستحقاقات الداخلية، على أمل ان يشكّل هذا الأمر فرصة لإرضاء بعض الأطراف العربية والدولية!..

وبُغية تحقيق المُراد حاولت “القوات” ان تجمع بعض النواب و الشخصيات من مختلف الطوائف والمذاهب علّهم يساعدونها في بلورة ورسم لوحة تحيي في أذهان الناس ذكريات لقاءات “البريستول” او تجمّعات “١٤ آذار”.. لكنها فشلت!.

نعم، ببساطة وبكل موضوعية وحرص على تماسك هذه الجبهة ووحدتها، سقطت “القوات” في لمّ شمل المعارضة واظهار الصورة الجامعة التي تلبي طموحات اللبنانيين وآمالهم لعدة أسباب:

اولا: في عزّ وقوة وتمدّد “١٤ آذار” لم يكن هناك طرف او حزب او قائد سياسي متزعّم لهذه الحركة وناطق بإسمها، أقلّه كان هناك قيادة جماعية ثلاثية او رباعية تحت غطاء تنظيمي سُمي حينها الأمانة العامة ل “١٤ آذار”.. فلماذا الإصرار على إظهار الزعامة الفردية الحزبية والشخصية؟؟..

ثانيًا: معظم اللقاءات والمؤتمرات والتجمعات ل “قوى المعارضة” نظّمت اما في الساحات العامة او الفنادق او مجمّع البيال. ولم تستعمل في أي وقتٍ من الأوقات المقرّات الحزبية تكريسًا للقيادة الجماعية وحماية الأحزاب والتيارات السياسية قدر الإمكان أمام كوادرها وجمهورها..

ثالثًا: غياب المكوّن الشيعي وهو الأمر الطبيعي في ظلّ فشل “المعارضة” منذ الأساس في تشكيل حاضنة “شيعية” مواجهة للثنائي وتفضيل بعض الشخصيات الشيعية المستقلة استغلال نفوذ “١٤ آذار” السياسي والمالي والإعلامي حينها لتحقيق أهدافها ومصالحها الشخصية ما أفقدها ثقة الجمهور الشيعي لا تزال تدفع ثمنه لغاية هذه اللحظة!..

رابعًا: شكّل اعتذار المكوّن الدرزي وتحديدًا كتلة “اللقاء الديمقراطي” او شخصيات تمثل “الحزب التقدمي الإشتراكي” عن المشاركة في هذا اللقاء ضربة موجعة للمنظمين وابتعاد أكثر فأكثر عن فكرة توحيد جبهة المعارضة تحت سقف واحد.. فبدا ان لكل حزب او تيار معارض سقف خاص به!..

خامسًا: عدم حضور رئيس الحزب المسيحي الثاني في المعارضة حزب “الكتائب” سامي الجميّل شخصيًّا اللقاء وهي رسالة مباشرة وواضحة بعدم تقبّل اظهار القيادة القواتية لباقي المكوّنات السياسية!..

سادسًا: لم يستطع منظموا اللقاء وعرّابوه ان يحجبون عبر تلاوة النائب وضاح الصادق لتوصيات اللقاء ضعف التمثيل “السنيّ”، مع شغور مقاعد أغلبية نوابهم والشخصيات التي تعبّر عن نبض شارعهم، بمن فيهم أصدقاء الأمس الذين أصبحوا خارج “العباءة الحريرية” النائبان السابقان أحمد فتفت ومصطفى علوش، وهو ما يعني حتمًا ان كل المحاولات التي جرت لجمع شمل هذه الشخصيات ومعهم النائب أشرف ريفي لم تصل لخواتيمها، وبقي ريفي وحيدًا في ساحة “معراب”!..

ثمة من يقول، بأن ذكاء سمير جعجع سيدلّه بسرعة بأن رسائل عربية مشفّرة أرسلت لبعض النواب والشخصيات تحديدًا على الساحة السُنيّة لتجنّب المشاركة في اللقاء وذلك مع تزايد احتمالات وفرص انطلاق الحوار الجديّ مع “الثنائي الشيعي” حول الأسماء الرئاسية!..

أحد المشاركين في لقاء “معراب”، وفي طريق عودته الى منطقته شمالًا، أعاد تشغيل هاتفه ليقرأ عبر المنصات الاخبارية ومواقع التواصل الإجتماعي ردود الفعل حول المؤتمر، فوجد ان الناس لا همّ عندها سوى الإطمئنان على صحة الرئيس سعد الحريري!..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top