كتب صائب بارودي
من حق اللبنانيين الطبيعي والمشروع أن يصابوا بالإحباط واليأس والتشاؤم من حل الأزمة اللبنانية بعد متابعتهم طيلة الأشهر الماضية للتحركات و الإتصالات والمفاوضات التي جرت بين أطراف متعددة ووساطات مختلفة لموفدين دوليين وعرب ومبادرات نيابية لإيجاد الحل المناسب لكن دون جدوى حتى ساور اللبنانيين الشكوك بكل ما يجري وما يدور في الكواليس وتلك الإجتماعات التي لم تصل إلى أية نتائج إيجابية،اللهم بعض البيانات والتصريحات التي تصدر من هنا وهناك وتحوم حول مصداقيتها الشبهات والريبة، لبقائها حبراً على ورق دون ترجمة عملية.
وقد رأى بعض المراقبين والمتابعين إن هذه التحركات والتصريحات لم تكن إلّا للمراوغة والمناورة وملأ الفراغ الزمني حتى تحين الظروف المناسبة لإعلان الصفقة النهائية الموعودة والمنتظرة بين مختلف الأفرقاء والقوى المتصارعة في ساحة الأزمة؟!..
وبعد متابعة دقيقة وقراءة عميقة حصر الباحثون من أهل الفكر والرأي أن الأزمة السياسية في لبنان رهينة جهتين الإنتظار لا يمكن معالجتها إلّا عبرهما إن لم تكن من إنتاجهما: جهة إقليمية وأخرى محلية.
- فالجهة الإقليمية لاعبها الأساسي أميركا من خلال ذراعها في المنطقة العدو الصهيوني،وإيران وذراعها الرئيسي في المنطقة “حزب الله”.
ولما كان الحزب والعدو الصهيوني يخوضان حرب استنزاف ومناوشات في الجنوب اللبناني تحت يافطة حرب غزة تطبيقاً لقاعدة وحدة الساحات والأصح الحل الشامل للمنطقة ، مروراً بالإتفاق النووي الإيراني الأميركي ،ستبقى الأزمة اللبنانية على لائحة الإنتظار لنتائج تلك الحرب باعتبار معالجتها إحدى نتائجها المرجوة.
لذا يبقى موقف “حزب الله” في الأزمة اللبنانية مرهوناً بنهاية هذا السيناريو الإقليمي ووفق ما سيحققه من مكاسب ونفوذ سياسي يعزز موقفه محلياً وإقليمياً وعلى أساس مبدأ إن عجز عن تحقيق أهدافه فهو قادر على تعطيل أهداف الآخرين؟!..
- أما الجهة المحلية فلاعبها الآخر إضافةً إلى “حزب الله” هو حزب “القوات اللبنانية” وهو الشريك والحليف الرئيسي لحزب الله في الأزمة اللبنانية وتعطيل معالجتها رغم مظاهر الخصومة السياسية بينهما .
فموقف سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية مرهون بتحقيق هدفين
شديدي الأهمية والإستراتيجية له محلي وخارجي.
فالهدف المحلي الذي يسعى حيثياً لتحقيقه بكل الوسائل المتاحة والمناورات احتكار ومصادرة التمثيل المسيحي والتفرد بقيادته ودفاعه عن المجتمع المسيحي في لبنان، لذا يتصدر أي مشهد سياسي له أبعاد وانعكاسات طائفية كما حدث عند مقتل أحد قيادتي القوات باسكال سليمان وخطابه التحريضي، وتزامناً يسعى إلى تحجيم دور القيادات المسيحية الأخرى وإبعادها عن المشهد السياسي الفاعل الحزبية منها والمستقلة.
والهدف الخارجي الذي يسعى جعجع إلى تحقيقه هو الإيحاء للجهات الخارجية عربياً وأجنبياً أنه يمتلك القدرات والإمكانيات على جمع المعارضة الوطنية اللبنانية وقيادتها في مواجهة “حزب الله” والتصدي لأهدافه الإيرانية التخريبية وأطماعها في لبنان وهو ما سعى إليه من خلال دعوته لإجتماع في معراب الأخير والذي فشل حسب رأي الكثير من المراقبين مما استدعى مبادرة السفير السعودي بإهدائه عباية سعودية كجائزة ترضية ولما يقدمه من مساهمات ورد اعتبار لما فشل من تحقيق إنجازات ، وهو ما قد يدفعه إلى تعطيل حل الأزمة اللبنانية على مبدأ حليفه في التعطيل “حزب الله”، عند العجز عن تحقيق الهدف أسعى لتعطيل هدف الآخرين!..