لا معالجة لملف النزوح… إلّا!

كتب صائب بارودي

الأحداث الأمنية التي شهدتها بعض المناطق اللبنانية مؤخرًا واتهم بارتكابها سوريون وأثارت نقمة وغضب الشارع اللبناني وزوبعة سياسية اشترك فيها مختلف القوى السياسية، جعلت ملف النزوح السوري يتصدر كل جداول الأعمال لكل الاجتماعات واللقاءات التي تُعقد للتباحث في الأوضاع اللبنانية،حتى بات ملف النزوح السوري الشغل الشاغل وحديث الساعة المتداول ليتجاوز بمناقشاته ومعالجاته الحدود اللبنانية.

وما زاد في الطين بلّة تصريحات وبيانات صادرة عن قيادات سياسية كانت تتعاطف مع الشعب السوري في ثورته ضد نظامه وتقوم بتأييده ودعمه بكل الأساليب والإمكانيات، إضافة إلى مواقف بعض المسؤولين في السلطة اللبنانية التي تزيد المخاوف والهواجس والقلق عند المواطنين اللبنانيين .

فقد صرّح وزير الداخلية بالقول “أن الوجود السوري غير مقبول ولا يتحمّله لبنان، ونرى أن هناك الكثير من الجرائم يرتكبها سوريون” كما سبقه في الموقف وزير المهجرين المعروف بقربه من النظام السوري بقوله “إن بين النازحين عشرين ألف مسلح”..

وهنا يجدر التساؤل هل يتحمّل النازح السوري الآخر والمواطن اللبناني وزر إهمال السلطة اللبنانية وعدم مبادرتها لإتخاذ الإجراءات الرسمية مع النازحين ، ومن المسؤول عن عدم تحديد أعداد النازحين وخريطة توزيع إقاماتهم على الأراضي اللبنانية ومتابعة تحركاتهم وممارستهم للعمل، ولماذا هذا الخطاب التحريضي والفتنوي الصادر عن القوى السياسية المختلفة عند وقوع أي مخالفة أو حدث أمني تتجه أصابع الإتهام مباشرةً إلى السوري مقروناً بخطاب تحريضي وتعبوي؟..

والسؤال الأهم لماذا كان الصمت يطبق على هؤلاء عندما كانت الفوائد والمنافع تتدفق نتيجة العلاقة مع السوريين النازحين في التجارة وتهريب المواد الغذائية والمحروقات إلى سوريا قبل رفع الدعم وتهريب العملات الأجنبية لتحقيق مكاسب وأرباح ضخمة، والتي كانت تتم برعاية وحماية قوى سياسية وأجهزة نافذة!!..

ويرى مراقبون أن النزوح كان يتم وفق خطة سياسية لخدمة النظام السوري بالتوافق مع إيران لتنفيذ سيناريو التغيير الديموغرافي في سوريا والذي بدأ مع مصادرة مساكن وأراضي الشعب السوري التي غادرها قسرًا هربًا من القصف والقتل والدمار .

كما يشيرون إلى أن نزوح الشعب السوري من بلداته وقراه ومدنه الواقعة على الحدود اللبنانية من الزبداني إلى القصير احتلها “حزب الله” بذريعة الدفاع عن بعض العائلات التي تربطها صلة القربى بعائلات لبنانية إذ لا يمكن للنازحين من أبناء تلك المناطق العودة إلاّ بعد تحريرها من الفصائل الموالية لإيران.

ويؤكد المراقبون إن ملف النزوح شائك وصعب الحلّ والمعالجة كما يتصورها البعض لأن النظام السوري يمارس عبره أبشع صور الإبتزاز والإستغلال مع الدول الغربية والعربية،كما أن بعض القوى السياسية تمارس الإنتهازية والإبتزاز لتحقيق مآرب ومصالح ونفوذ سياسي.

لذلك يخلص المراقبون إلى أن النظام السوري والقوى السياسية اللبنانية متوافقون على تعطيل أي معالجة لملف النزوح رغم كل المؤتمرات والإجتماعات التي يعقدونها، ومع كل الضجيج والصخب المفتعل، باعتبار ان المعالجة الحقيقية والواقعية لهذا الملف لن يتم إلاّ بعقد مؤتمر يشارك فيه المعنيون الحقيقيون بالملف سياسياً وماليًا و أمنيًا، وفي طليعتهم أميركا وأوروبا وإيران ودول الخليج.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top