إتفاق الحزب والشيطان الأكبر؟

كتب صائب بارودي

طفح الكيل، وبلغ السيل الزُبى وما عاد للوقت فسحة بعدما أهدره الساعون كما يزعمون إلى حل الأزمة اللبنانية، فاللقاءات والإجتماعات والمباحثات التي عُقدت بين أعضاء لجنة السفراء الخماسية واستغرقت عدة شهور لم يسفر عنها أي نتائج إيجابية رغم تصريحاتهم الملتوية،وذهبت أدراج الرياح لتنتهي إلى بيان ينطوي على تهديد ووعيد موجه إلى الشعب اللبناني محذراً من تداعيات صعبة التدارك على الإقتصاد اللبناني واستقراره السياسي والإجتماعي ولا يمكن للبنان الإنتظار شهراً آخر ، فالإسراع في انتخاب رئيس هو ضروري لضمان وجود لبنان بفعالية.

كما أن موفد الرئاسة الفرنسية لودريان وبعد ست زيارات إلى لبنان وجولاته المكوكية بين المسؤولين والقوى السياسية اللبنانية في إطار المساعي لحل الأزمة اللبنانية ومناقشة الفراغ الرئاسي المستمر لم يستطع تحقيق الأماني المرجوّة والأهداف المنشودة، ويكاد يُقال إنه أُصيب بالإحباط وهو ما انطوى عليه تصريحه الأخير عند وصوله إلى بيروت في زيارته الأخيرة أنه لا يحمل معه أي مبادرة أو أفكار جديدة ؟!..

هنا يُطرح السؤال إذن ما الدافع لزيارته الأخيرة؟..
يُجيب بعض المراقبين إنها جولة على المسؤولين والسياسيين لإنعاش الذاكرة معهم في كل ما تم بحثه ومناقشته في الزيارات السابقة لوضع التقرير الأخير عنه وتقديمه للرئيس الفرنسي ماكرون لدراسته مع الرئيس الأميركي بايدن في إطار القمة المرتقبة بينهما في الأيام القليلة المقبلة. وربما ينهي لودريان تقريره حول الأزمة اللبنانية برأي خاص ومختصر: “فالج لا تعالج”. وقد كشف عن ذلك بالقول للبنانيين :” أن بلدهم ذاهب إلى الزوال السياسي “.

فالأزمة اللبنانية مختلقة ومصطنعة منذ البداية وكل المسؤولين والسياسيين اللبنانيين مشاركين فيها لأهداف خبيثة ونوايا ماكرة تخفي مآرب خاصة وغايات سياسية لكل منهم دون أي اعتبار لمصلحة الوطن وشعبه.

جميعهم يمارسون الخطاب الباطني فيدعون أنهم يرغبون في انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد لكنهم يفتعلون العراقيل لتعطيل انتخابه، ويضع كل منهم شروطه ومطالبه رغم أنهم يزعمون بأنهم لا يربطون مواقفهم من انتخاب الرئيس بقضايا أخرى لكنهم في الواقع يراوغون ويناورون .

ف”حزب الله” يرهن موقفه من انتخاب الرئيس بنهاية حرب غزة وبالتالي الإشتباكات في الجنوب، عسى أن يحقق نصراً أو يُمنح نصراً وهمياً يترجمه إلى مكاسب سلطوية ونفوذ سياسي يهيمن من خلاله على القرار الوطني. وهو على ما يبدو قد ضمن الحصول عليه بالتفاهم مع مبعوث “الشيطان الأكبر” الأميركي هوكشتاين الذي كشف في مقابلة مع مؤسسة كارتيجي للسلام الدولي عن اتفاق مع “حزب الله” يتم تنفيذه على مراحل يخفف الصراع بين الحزب والكيان الصهيوني ويُقلّص بعض الدوافع للصراع وإقامة حدود معترف بها لأول مرة بين البلدين. وتبدأ بالسماح لسكان المجتمعات الشمالية في الكيان الصهيوني العودة إلى منازلهم ولسكان المجتمعات الجنوبية في لبنان العودة إلى قراهم. وأشار مقابل ذلك إلى إغراءات وحزمة إقتصادية لإنعاش الإقتصاد اللبناني!!..

رغم ذلك ألمح هوكشتاين إلى أنه لا يتوقع سلاماً دائماً؟ما يعني تسليماً وترخيصاً لاحتفاظ “حزب الله” بسلاحه بذريعة استمرار المقاومة؟!..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top