كتب صائب بارودي
غريب حال لبنان وشعبه،عجيب أمر بلد ينهار،حتى بلغ قاع هاوية ليس لها قرار، ويتلقى تحذيرات وتنبيهات ونصائح بأنه آيل للسقوط ومُهدّد بوجوده السياسي والاندثار، ولا أحد من مسؤوليه وسياسييه يحرك ساكناً، بل ازدادوا تجاهلاً وإهمالاً ولا مبالاة، فالاهتمام بالسعي فقط لتحصين مواقعهم ونفوذهم وحماية مصالحهم ومكاسبهم في مواجهة أي نتائج سلبية طارئة، والشعب يشخص إليهم بكل إعجاب وتقدير غير آبه لأي تغيير وكأنه اكتفى بقبوله خاضعاً خانعاً حكم الانتحار!..
هي مقدمة سياسية وجدانية تلّخص المشهد اللبناني،حيث تقرع طبول الحرب في ميدانها العسكري الذي أعدّ لها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة،وتُؤجج في ميدانها السياسي كل مشاعر الكراهية والعنصرية،وتنثر في الأرض بذور الحقد والتفرقة.
يُدير هذه الحرب ويشرف على تسعيرها واشتداد نار لهيبها وامتدادها “حزب المساومة”وأمينه العام، و”حزب الخوات اللبنانية” ورئيسه. فالأول بذريعة التصدي للعدو الصيهوني واعتداءاته الوحشية على الجنوب وهو بيئته المذهبية الطبيعية، والثاني بذريعة التصدي للإحتلال الإيراني مُدعياً حماية بيئته المسيحية.ط!..
في الواقع وحقيقة الأمر أن كُلاً منهما يسعى بكل ما أُوتي من قوة وإمكانيات إلى تحقيق غاياته ومآربه وأهدافه السياسية وتمكنّه من السيطرة والتسلط على الوطن وقراراته السيادية ولو كان الثمن زوال الوطن.
وتحت ظل هذه الذرائع المختلقة الوهمية يتبادل الطرفان بين الحين والآخر الخطاب السياسي المتوتر والساخن الذي لا يخفي في مضامينه الأبعاد الطائفية والفئوية، فأمين عام حزب “المساومة” يتهم خصومه الآخرين بتنفيذ أجندة أجنبية ونواياهم التقسيمية حين قال في إحدى خطبه الأخيرة:”إذا أرادوا العدّ فنحن جاهزون لنبدأ”؟!..
من جهته رئيس حزب”الخوات اللبنانية” يكرر عند أي مناسبة إتهامه الآخرين تنفيذ أجندة إيرانية ويُهددون أمن الوطن ويعملون على زعزعة استقراره وتعطيل أي سعي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية متجاهلاً ومتغاضياً عن دوره المشارك بفاعلية في هذا التعطيل!!..
حتى إنّ جعجع بدأ يكشف عن نواياه التقسيميّة الخفية عبر بعض الممارسات والمواقف مستغلاً حساسية الملف الإنساني للوجود السوري في لبنان لا تخلو من المشاعر العنصريّة والطائفية، حيث يدعو إلى إجلاء النازحين من بلدات ومدن متميّزة بغالبيتها المسيحية “متحصّناً بقوة القانون خبثاً ومكراً “حتى صار بعض المحافظين المعروفين بانتماءاتهم السياسية برفقة نواب من الخوات وحلفائه في تلك المناطق يجولون لتنفيذ دعوة الإجلاء، بلغت مؤخراً إلى دعوة مدراء المدارس إلى عدم تسجيل الطلاب السوريين وحرمانهم من متابعة دراستهم؟ ما يدفع للإعتقاد أنه استفادة لحلم قديم مستجد بتحقيق “الفيدرالية” والإدارة الذاتية؟! فشِل تحقيقه في مرحلة سابقة.
طبعاً ليس من الضرورة التطرق وذكر كل تفاصيل هذه المواقف والممارسات لأنها معروفة لدى مختلف الأوساط اللبنانية ومدركون لخطورتها حيث أصبحت روتيناً يومياً وموضع استياء واشمئزاز ممزوج بمشاعر الخوف والقلق من عواقبها الوخيمة.
ومع احتدام المواقف وسخونة الخطاب السياسي تنكشف معالم الفدرالية المقنّعة لدى الحزب والقوات وتُعيد للذاكرة حلم تعديل الطائف لأحدهما وتحقيق اللامركزية الإدارية والمالية للآخر .
وهنا يسأل أحدهم ولا يخلو السؤال من الخبث والريبة أين موقف السنّة ومرجعيتها المشهود لها بالإعتدال؟
طبعاً المستهدف في السؤال الحريرية السياسية؟
وللحديث صلة…