أوضاع أمنية مستتبة وموسم سياحي مستمر.. حقيقة أم تضخيم؟

بقلم رفال صبري

يعيش لبنان في الوقت الراهن حالة من الانقسام والتناقض على صعيد الحياة الإجتماعية، إذْ أنّه يقف على شفا حفرةٍ من الحرب، لكن رغم ذلك شعبه يقاوم الظروف ويتحدى المعوقات الأمنية ويكمل الحياة بشكلها المعتاد.. هذه هي الصورة الأولية لكن هل هذا العام هو كالأعوام السابقة؟الموسم السياحي في لبنان عادةً ما ينقسم بين مغتربين وسياح لكن ماذا عن هذه السنة؟ وكم بلغ عدد الوافدين إلى مطار رفيق الحريري الدولي في الفترة الماضية؟في هذا الإطار أشار “ج.ب” موظف في التاكسي الخاص بمطار بيروت منذ أكثر من ٣٠ عامًا، إلى أنّ نسبة السياح هذه السنة تقلّصت إلى نحو ما يقارب ال ٣٠٪، علمًا أنّ الوافدين ليسوا من الطبقات العالية التي كان يشهدها لبنان في السابق، بمعنى أنّ السائح القادم في ظلّ هذه الظروف هو الذي لا يملك القدرة المادية لزيارة بلدان ذات تكلفة أعلى خصوصًا وأنّ السياحة حاليًا انخفضت تكلفتها بصورة كبيرة مقارنةً بالسابق، إذْ يتم استغلال الأسعار المنخفضة للسياحة، لكن لا يمكن نفي وجود عنصريّ الخوف والتردد لدى السياح بسبب أصداء جدارات الصوت التي تتردد بشكلٍ فجائيّ وبسبب الجو الأمني بشكلٍ عام.يضيف: “ناهيك عن العدد الكبير من الفنادق التي أقفلت أبوابها مؤخّرًا، فعلى سبيل المثال فندق “فينيسيا” الذي يملك ٤ مبانٍ أغلق ثلاث منها وترك واحدًا فقط.والفنادق التي اعتادت في هذه الأشهر من السنة أن تكون تكلفتها ما يقارب ال ١٠٠$ قلصتها نحو ٦٠$ وأنشأت عروضات للمجموعات السياحية لتعزيز نشاط القطاع.”يؤكّد “ج.ب” أنّ عمله كموظف في تاكسي المطار قد تقلص نحو ٧٠٪ هذا العام، ففي السنة الماضية كان أفضل بكثير.. “اعتدنا على قدوم السياح من الجنسيات العربية ذات الطبقات العالية الذين يمتلكون منازل صيفية في مناطق جبلية مختلفة، لكنّهم قرروا عدم المجيء هذا العام بسبب الخوف من حدوث حرب وعدم القدرة على المغادرة.”لعلّ الصورة المتداولة عن لبنان على مواقع التواصل الاجتماعي لها دور كبير في إحياء الموسم السياحي هذا العام رغم صعوبة الظروف، رغم تراجع نسبة السياح والوافدين بشكلٍ عام، لكن لا يزال القطاع نشطًا نسبيًا، وقد يعود ذلك إلى مجموعة مقاطع الفيديو التي انتشرت مؤخّرًا من قِبل المغتربين ولقاءاتهم بأهلهم بعد سنوات من الغربة ونقل الصورة الجميلة عن لبنان، حتى دخل الشعب اللبناني الترند على منصة “تيك توك” باعتباره “الشعب المحب للحياة” إذْ تساءل رواد مواقع التواصل من خلال تعليقاتهم حول سرّ تفاؤل اللبناني وسعادته رغم ما يمرّ به!..لكن الحقيقة المخفية أنّ الشعب اللبناني المحب للحياة في داخله خوف كبير يعتريه يحاول أن يتغلب عليه وأن يكون أكبر منه، وفي هذا الإطار تشير “إسراء هادي” لبنانية مغتربة في ألمانيا، إلى أنّها وفدت إلى لبنان في زيارةٍ إلى أهلها مع طفلتها الرضيعة في فترةٍ أمنية صعبة، حاولت أن تكون أقوى من الظروف كي تلتقي بعائلتها، لكنّ زيارتها لم تسر كما كان مخطط لها بسبب التداعيات الأمنية الحاصلة، وخوفًا من إحتمالية إغلاق المطار، وبسبب أصداء جدار الصوت الذي شكّل حالة رعب لابنتها، ممّا اضطرها إلى العودة خلال مدّةٍ أقصر من الحجز المحدّد سلفًا، وقضاء وقتها في لبنان على عجلة وخوف.ما بين حبّ الحياة والواقع المرير تتأرجح الحياة الإجتماعية في لبنان، يحاول شعبه أن يوازن ما بين رغبته بالفرح وما بين الخوف المفروض عليه.. يغلبه الحنين إلى الوطن رغم الظروف، وينقل أبهى صورة عن وطنه إلى دول الخارج، ويعيد إحياءه من جديد، وهكذا أصبح الشعب اللبناني رمزًا للتفاؤل والصمود!..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top