ما يحصل مع السُنّة اليوم يشبه المقاطعة المسيحية عام 1992

مصدر دبلوماسي لموقع “ديموقراطيا نيوز” : سعد الحريري سيخوض استحقاق 2026 أو…!

كتب د. عبدالله بارودي الساعة 25 – خاص يوم اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري ظهر 14 شباط (فبراير) عام 2005، تردّدت على مسامع الناس بعد ساعات قليلة من وقوع الزلزال المشؤوم عبارة ” ستثبت الأيام والأشهر والسنوات القادمة فداحة خسارة وغياب رفيق الحريري عن الحياة السياسية اللبنانية ونتائجها الكارثية على لبنان واللبنانيين جميعًا”. عصر يوم 22 كانون الثاني (يناير)عام 2022 أعلن الرئيس سعد الحريري من “بيت الوسط” تعليق عمله السياسي، انتشرت ذات العبارة بين عموم الشعب اللبناني ” ستثبت الأيام والأشهر والسنوات القادمة فداحة خسارة وغياب سعد الحريري عن الحياة السياسية اللبنانية ونتائجها الكارثية على لبنان واللبنانيين جميعًا”. وقد تحققت الخلاصات التي تمّ التوصل اليها في المرّتين، وكان لغياب الرجلين بالغ الأثر على كامل مساحة الوطن، وعلى جميع اللبنانيين مسلمين ومسيحيين. وان كانت عودة رفيق الحريري الى الحياة أمرًا من المستحيل تحقيقه، الا ان ما يخفّف من لوعة وحرقة بُعد سعد الحريري عن المشهدية السياسية عند اللبنانيين عموماً ولدى محبيه ومؤيديه وبيئته الحاضنة في الطائفة السُنيّة خصوصًا، أنه لا يزال حيًّا يُرزق يعيش في دولة عربية شقيقة مجاورة للأراضي اللبنانية. سنتان على غياب سعد الحريري، لا حول ولا قوة للطائفة السنية، تحوّلت الى فئةٍ مغلوبٍ على أمرها، وأفرادها تائهين، شاردين، خائفين من المستقبل وما سيحمله لهم من مفاجآت وصدمات أقوى وأقسى من التي مضت!.. سنتان على غياب سعد الحريري، ولم يظهر أي بوادر تؤسس لاعلان ولادة مرجعية سياسية قادرة على قيادة هذه الطائفة الى برّ الأمان، واعادتها لتكون ركيزة اساسية وعِماد الحياة السياسية اللبنانية، كما بدت مع ظهور طيف رفيق الحريري في بداية تسعينيات القرن الماضي. بدت الناس غير قادرة أو متقبّلة لغياب زعيمها الشاب سعد الحريري، ولا تريد أو حتى تعمل أو تجهد لتكوين أو تأسيس حالة سياسية جديدة تتابع المسيرة معها، ولو كان من لحمه ودمه، طالما أن صاحب العلاقة لا يُعطي الاذن بذلك!.. ثمة من يقول، هي ذات حالة الاحباط التي أصابت المسيحيين عام 1992، وأدت الى مقاطعتهم لكل الاستحقاقات الدستورية والسياسية، ولم تفلح معظم الشخصيات المسيحية التي تبوأت المقاعد النيابية والحقائب الوزارية في تلك الحقبة الزمنية من تعويض غياب الزعماء المسيحيين واسترضاء القاعدة المسيحية العريضة. فلجأ المسيحيون الى بكركي وسيّدها عند كل مناسبة سياسية، كبديلٍ مؤقت لحين عودة قياداتهم الى العمل السياسي. وهكذا يفعل أبناء الطائفة السُنيّة وفاعلياتها، يلجؤون اليوم الى “دار الفتوى” وسيّدها بمباركةٍ سعودية، كاجراءٍ مؤقت يخفّف عنهم ثقل غياب مرجعيتهم السياسية. لكنه لن يكون بأي حالٍ من الأحوال استبدالًا لموقع زعيمهم ورئيسهم سعد الحريري!.. هذه المقدمة كانت جزءًا من نقاشٍ مستفيضٍ جمع عدة شخصيات سياسية ودبلوماسية حول طاولة عشاءٍ مستديرة في دارة احدى الشخصيات السياسية المرموقة منذ ايام قليلة. لكن ما لفتني تساؤل أحد الدبلوماسيين ” ومن قال أن سعد الحريري لن يعود؟.. هل حسم الأمر؟”. بعدها جلست الى جانبه وسألته عن قصده، قال بصراحة ” سعد الحريري لن يعود الآن، هذا الأمر مفروغ منه.. لكن اذا سارت الأمور كما يخطّط لها فالعودة ستكون واقعة لا محالة. لا يمكن الاستمرار من دونه وهو أمر أصبح متفقًا عليه عربيًا ودوليًا “. وأضاف ” ما هو مبرّر عودة الحريري اليوم؟ الأمور لا تزال على حالها.. أعتقد أنه سيتمّ انتخاب رئيس للجمهورية وتسمية رئيس للحكومة لا يستفزان أي طرف سياسي. وحين سألته عن الأسماء أجاب” اللواء البيسري مطروح بشكل جديّ، لكن هناك أيضًا مرشح أو اثنان من خارج الأسماء المتداولة يتم البحث بهما. أما بالنسبة لرئاسة الحكومة فأعتقد أن الرئيس تمام سلام الأوفر حظًا، كما طرح في الآونة الأخيرة اسم رجل الأعمال رمزي الحافظ (هو ابن مدينة طرابلس، نجل رئيس الحكومة الأسبق الراحل أمين الحافظ، مقيم في الولايات المتحدة الأميركية وعيّن عضوًا في مجلس ادارة المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس)، علمًا أن حظوظ الرئيس ميقاتي ليست منعدمة”!.. يتابع الدبلوماسي كلامه “حكومة العهد الأولى ستبقى لحين الاستحقاق النيابي عام 2026.. قبلها بأشهر قليلة وفي حال استمرّ الواقع السياسي اللبناني على حاله سنشهد عودة تدريجية لسعد الحريري استعدادًا لخوض الاستحقاق النيابي.” يبتسم قليلًا ويتابع ” تصوّر معي هذه المشهدية، باعتقادك ان بقينا على نفس قانون الانتخاب الحالي وهو الأمر المرجح، كم مقعد ستحصد لوائح الحريري في لبنان؟ أجبته بسرعة لنقل بين 20 و22 نائب، أوحى لي بعدم الموافقة ثم قال ” ان بقينا أحياء تذكر ما سأقوله لك الآن، لن تنقص نواب كتلة الحريري عن 27 أو 26 نائب. وسيشكّل بعدها ثاني أو ثالث جكومات العهد”.. سألته بسرعة قبل انتهاء الحوار، وماذا لو لم يتحقق ما ذكرته؟. قال بسرعة خيالية ” نعم، هذا أمر جائز، ولكن حتى البديل عن هذا السيناريو سيكون بقرار من الرئيس الحريري وبمباركته وموافقته، لكن برأيي هذا الأمر أو القرار لم يحن أوانه بعد”!..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top