بقلم روعة الرفاعي
لا تزال مشكلة النفايات وإيجاد الحلول الجذرية لها ” أم المشاكل” في بلد منهار بالكامل لا يسمح لمن يريد مناقشة القضية والبحث عن الحلول تناولها.
لذا فإنّ الحديث عنها يبقى مرهوناً بفوضى من هنا كما هو حاصل عند مداخل مدينة طرابلس ” البحصاص” حيث تنتشر النفايات بشكل عشوائي على الطرقات، وعند مدخل منطقة أبي سمراء ” السكة البيضاء”، وهذه الأزمة قديمة متجددة بشكل مستمر كونه ما من ملاحقة ولا أي متابعة من قبل بلدية طرابلس والتي تقول بأنّ ” الموضوع معقد” ولا يمكن وضع حد له قبل حلّ أزمة النفايات..
وبات من المعلوم أنّ مصدر هذه النفايات هي الأقضية المجاورة لطرابلس والتي ترزح أيضاً تحت نير مشكلة عدم وجود مكبات أو مطامر أو أي مكان يمكن للمواطن أو البلديات اللجوء اليه للتخلص من النفايات .
ويبقى مكب النفايات القديم في طرابلس على حاله ، وفي كل مرة يخرج من يشير إلى إحتمالية حصول إنفجار داخله قد يكون لتداعياته ما هو أخطر من إنفجار مرفأ بيروت!..
فهل من الضروري الخوف من وضع المكب بصورته الحالية؟..
وهل إنّ إنفجاراً يتهدده في أي لحظة نظراً لوضعه الغير مستقر كما تشير بعض وسائل الإعلام؟!..
” ديمقراطيا نيوز” يلقي الضوء على القضية التي أدخلت الرعب في نفوس المواطنين، خصوصًا أبناء منطقة الميناء لقربهم من المكب وذلك من خلال اللقاء الذي أجراه مع مدير كلية الصحة في الجامعة اللبنانية والخبير البيئي الدكتور جلال حلواني الذي فنّد تفاصيل إنشاء المكب والمراحل التي مرّ بها عبر السنوات وصولاً إلى وضعه الحالي فماذا قال؟..
المساءلة يجب أن تطال كل رؤساء الإتحاد
بداية يقول الدكتور حلواني :” القضية أنّ هناك من يريد تحقيق الأموال لكن المشكلة هي في مكان آخر، فالجميع يبثون الحملات الإعلامية كونهم يرغبون بالتعويضات على حساب مدينة طرابلس ، من الناحية الإدارية المسؤول ليس الرئيس السابق أحمد قمر الدين لوحده وإنما كل رؤساء الإتحاد السابقين بدءاً من الرئيس سمير الشعراني رحمه الله، إضافة إلى من كان يعمل على تحضير الملفات وعنيت بهما عبدالله عبد الوهاب وديمة الحمصي، الملف برمته بإدارة إتحاد بلديات الفيحاء ولا علاقة لبلدية طرابلس، وبالتالي لا يجوز حصر الملف بالمهندس قمر الدين “.
وتابع الدكتور حلواني:” كما إنه من الظلم رمي الكرة في ملعب مجلس الإنماء والإعمار الذي يقوم بما يكلّف به من قبل مجلس الوزراء، لذا لا يمكن محاكمة رئيس المجلس نبيل الجسر ولا بد من مراجعة كل رؤساء الحكومات على مدار 25 سنة، أما فيما خص شركة باتكو فهي بدأت منذ العام 1999 إلى يومنا هذا وهي مسؤولة عن التنفيذ وفقاً لدفتر الشروط والذي أعد من قبل مكاتب إستشارية هندسية تراقب التنفيذ من قبل مجلس الإنماء والإعمار”.
وأضاف الدكتور حلواني:” أساس المشكلة عدم توفر المكان البديل والمسؤول بالدرجة الأولى إتحاد بلديات الفيحاء المعني بالتنسيق مع المجالس البلدية ، لكن رؤساء البلديات في ذلك الوقت كانوا يغيّبون مجالس البلديات عن القيام بدورها، وخلال ولايتي لم أحضر سوى جلسة واحدة بناء على طلبي للمشاركة في معالجة مشكلة النفايات”.
لا خطر تفجير
وحول ما إذا كان المكب الحالي مهدد بالإنفجار يقول الدكتور حلواني:” التقرير الذي صدر عبر وسائل الإعلام بأن المكب مهدد بالإنفجار غير دقيق لا من الناحية العلمية ولا الهندسية ، وأنا بالنسبة لي كمهندس كيميائي وليس فقط مهندس متخصص في المجال البيئي والنفايات والمياه ، حينما نتحدث عن إنفجار غاز هناك شروط ، ومن يريد كتابة أي تقرير علمي لا بد له من الحصول على الوسائل العلمية وأن لا يكتفي بأخذ الصور، وفي ظل غياب الدراسات العلمية الموثقة والميدانية والعملية لا يمكن الإعتماد على أي تقرير علمي ، حتى الساعة ما من مسح علمي دقيق لمكامن الخطر في مكب النفايات ، ولا يكفي أن أقول بأنّ شركة أنشأت بئراً إستكشافياً أو أكثر، وكي نتحدث بطريقة علمية دقيقة صادقة لا بد من وجود أكثر من عشرة آبار إستكشافية موزعة في كل الأماكن الموجودة مقارنة مع المساحة الجغرافية للمكب، لهذا السبب أقول طالما أنه ما من تقرير علمي موثق إعتمد المنهجية العلمية لإدارة الكوارث، وما من إختبارات علمية وفقاً للأصول المتبعة دولياً، لا يمكن لأي شخص إصدار الحكم بأن هناك إنفجار..
أعود الى الناحية الهندسية لأقول بأن عملية الطمر كانت تتم عبر الطبقات ، فالنفايات العضوية يتم رصها بآلات مخصصة، ثم يتم فلش طبقة من الرمل، مما يساهم في حبس وتحلّل النفايات في غياب الأوكسجين ( هضم لا هوائي ) ينتج عنه بيوميتان وهذا الغاز ينتشر بين هاتين الطبقتين ، بإختصار هناك على الأقل 20 طبقة، مما يشير إلى أن غاز الميثان ليس موجوداً في خزان واحد وإنما ضمن طبقات محبوسة بالرمل والغاز ينبعث عبر المسام الموجودة داخل جبل النفايات”.
ويتابع:” حينما طلبت من إحدى الشركات بأن تقوم بعملية تنفيس وضعت أنبوب مثقوب في عدة أماكن للسماح للغاز الموجود داخل الطبقات بأن يخرج إلى الهواء ، وبتكليف من نقابة المهندسين راقبنا الموضوع ومتابعته، وتأكدنا من طريقة إنبعاث الغاز، أما غاز البيومتان هو غاز خفيف يتصاعد ويختلط مع الأوكسجين في الهواء ليس له لا لون ولا رائحة ولا طعم ولا يحترق إلا في حال وجود شعلة، وقد رأينا منذ حوالي السنتين كيف إشتعل حريق كبير في المكب واستمر لخمس ساعات دون أن ينفجر، لكنه استمر لساعات بسبب إنبعاث غاز البيوميتان إلى أن تم خنقه بالرمال والمياه “.