دبيّ تواصل جهودها لتمكين ودمج الفئات المجتمعية من خلال شراكات جديدة.. “اليماحي” و”يتيم” ترويان ل “ديمقراطيا نيوز” تجربة الإمارات مع “أصحاب الهمم” و”أطفال التوحّد”

بقلم سالي عايش- دبيّ

وقّعت هيئة الطرق والمواصلات في دبي مذكرة تفاهم مع مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، تهدف إلى تقديم امتيازات وخدمات مخصصة لأصحاب الهمم المنتسبين للمؤسسة، ضمن جهود تعزيز التعاون والشراكة بين الجهات الحكومية والمؤسسات الإنسانية في الدولة. تم توقيع المذكرة في مقر الهيئة، بحضور المدير التنفيذي لمؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، مريم محمد المهيري، مدير قطاع الخدمات المجتمعية في الهيئة، أحمد سعيد السويدي، إلى جانب عدد من المسؤولين.تأتي هذه الخطوة ضمن الجهود المستمرة لهيئة الطرق والمواصلات لتعزيز الرعاية والدعم لأصحاب الهمم، من خلال توفير بيئة شاملة ومتكاملة تمكنهم من الاندماج الكامل في المجتمع. بموجب المذكرة، سيتمكن أصحاب الهمم من الوصول إلى خدمات الهيئة بأسعار مخفضة أو مجانية، بالإضافة إلى الاستفادة من برامج الدعم والتدريب المصممة خصيصًا لتمكينهم. كما ستوفر الهيئة إرشادات وتوجيهات حول كيفية الاستفادة القصوى من هذه الخدمات بما يتناسب مع احتياجاتهم الخاصة، لتعزيز استقلاليتهم ومشاركتهم الفعالة في المجتمع.

تقول عائشة اليماحي، مستشارة مجلس إدارة “ألف للتعليم”، في حديثها لـ”لديمقراطيا نيوز”: ” ليس من المستغرب في دولة الإمارات إطلاقًا أن ترى أحد “أصحاب الهمم” يشغل منصبًا أو يؤدي وظيفة في القطاعين العام والخاص بكل ثقة واقتدار. فقد أدركت الإمارات مبكرًا أهمية هذه الشريحة، ولم تكتفِ بالاعتراف بها فحسب، بل عملت على تمكينها بشكل شامل، مما جعل الأفراد يدركون خصوصية حالاتهم ويتعاملون معها بروح التحدي والإصرار.”

وتواصل اليماحي: “الإمارات تجاوزت مرحلة الاعتراف إلى مرحلة التمكين الفعلي، حيث سخّرت كل إمكانياتها لتوفير بيئة داعمة تتيح لأصحاب الهمم تطوير مهاراتهم واستثمار طاقاتهم بشكل كامل. من خلال سياسات متكاملة تشمل التعليم، التوظيف، والرعاية الصحية، تضمن الدولة لأصحاب الهمم فرصة حقيقية للتفوق والتميّز.”

وتؤكد اليماحي أن “دولة الإمارات تمثل نموذجًا فريدًا في التكافل الاجتماعي، حيث تتضافر جهود جميع المؤسسات الحكومية والخاصة لضمان دمج أصحاب الهمم بشكل كامل في المجتمع. سواء عبر توفير وظائف تليق بإمكانياتهم أو من خلال إطلاق مبادرات مجتمعية تحفّز مشاركتهم الفعالة.”يمثل مصطلح “أصحاب الهمم”، الذي أطلقته دولة الإمارات على أصحاب الإعاقات في عام 2017، نقلة نوعية في فهم هذه الشريحة من البشر، إذ تجاوز هذا المسمى التصورات التقليدية عن الإعاقة، وعبر عن فلسفة جديدة تشير إلى القوة والإرادة التي يتمتع بها هؤلاء الأشخاص، من خلال التركيز على الإمكانيات والقدرات، بدلًا من التحديات والصعوبات. وتعزز هذه الفلسفة بيئة مجتمعية خالية من الحواجز، تهدف إلى تمكين أصحاب الهمم وأسرهم عبر مجموعة من المحاور، تشمل الصحة والتعليم والتأهيل المهني والحياة العامة والثقافة والرياضة وإمكانية الوصول.انطلاقاً من الأثر المعنوي الإيجابي لمصطلح “أصحاب الهمم”، بادرت المؤسسات الحكومية والأهلية، بتشجيع ودعم من الدولة، إلى ترجمة ذلك من خلال العديد من المبادرات الخلاقة الهادفة إلى دمج أصحاب الهمم في المجتمع وجعلهم أشخاصاً فاعلين ومنتجين وليسوا عالة على محيطهم.

في سياق آخر، تقدم مبادرة “بيتي مكان للجميع” دليلاً شاملاً لبناء وتهيئة المساكن الصديقة لأصحاب الهمم. يشتمل الدليل على معايير تصميمية تأخذ في الاعتبار احتياجات فئات الإعاقة المختلفة، ما يمكّن أي فرد من تحويل منزله إلى بيئة مريحة وملائمة لأصحاب الهمم، سواء كانوا من سكان المنزل أو من زواره. تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز رؤية القيادة الرشيدة لجعل مدينة دبي مكانًا يمكن للجميع التعايش فيه بتقبل واحترام. وفي عام 2023، أكد رئيس مجلس تمكين أصحاب الهمم في شرطة دبي، الرائد عبد الله حمد الشامسي، أن المجلس انتهى من تنفيذ خطته في إعداد وتأهيل 40 مبنى في شرطة دبي بنسبة 100%، لتكون صديقة لأصحاب الهمم، وفقاً لمعايير كود دبي للبيئة المؤهلة وقوائم التدقيق الخاصة بها، مبيّناً أن 16 مبنىً منها حصلت فعلياً على شهادة “وصول” المعتمدة من بلدية دبي لاستيفائها كافة متطلبات كود دبي للبيئة المؤهلة، في حين تقدم المجلس للحصول على الاعتماد في المباني المتبقية.

لا تقتصر جهود الدولة على تعزيز دور أصحاب الهمم وحسب، بل تركز على نشر الوعي لدى عائلاتهم، وذلك من خلال فعالية “أنا وأخي” التي أطلقتها وزارة تنمية المجتمع والتي ركزت على تمكين أخوة أصحاب الهمم من خلال إشراكهم في أنشطة ترفيهية وتعليمية مع “أصحاب الهمم”، ما يتيح الفرصة أمام الأخوة لتبادل الخبرات في عمليات التأهيل ولعب دور أساسي في الدمج إلى جانب الأبوين.

في هذا الإطار، تبرز الأخصائية والاستشارية في عملية الدمج وتحليل السلوك، وأول إماراتية حاصلة على شهادة “بورد السلوك” وناشطة في مواقع التواصل الاجتماعي “شريفة اليتيم” التي تنظر بإيجابية نحو أطفال التوحد، مؤكدة أن التوحد ليس إعاقة أو نقصاً، بل هو طريقة تفكير مختلفة.

تقول اليتيم ” لديمقراطيا نيوز”: “هؤلاء الأطفال لديهم مواهب فريدة تتطلب الاهتمام والدعم. وتمكينهم والارتقاء بهم، أنشأتُ ورشاً توجيه أولياء الأمور في كيفية التعامل مع ذوي اضطرابات التوحد، باستخدام اللهجة الإماراتية لتبسيط التواصل. كما قدمتُ تطبيق “توكانت” المجاني لأولياء الأمور والاختصاصيين، لتعريف أطفال التوحد على السلوك الصحيح من خلال نظام تحفيزي قائم على الرموز.”

وصلت دولة الإمارات بأصحاب الهمم إلى ما هم عليه اليوم، أصحاب همم حقيقيون ينافسون الأسوياء في كل المجالات، وذلك إيماناً من رؤوس هرم القيادة في الإمارات بأن الإعاقة ليست بفقدان عضو من الجسد أو حاسة من الحواس، وإنما الإعاقة الحقيقية هي في ضعف الإرادة والعجز الحقيقي هو فقدان الأمل والطموح.

وعليه يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: “ما حققه أصحاب الهمم في مختلف المجالات وعلى مدى السنوات الماضية من إنجازات هو دليل على أن العزيمة والإرادة يصنعان المستحيل و يدفعان الإنسان إلى مواجهة كل الظروف والتحديات بثبات للوصول إلى الأهداف والغايات”.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: