كتب صائب بارودي

بالمرصاد

بعد يومين تُتِم حرب غزة شهرها الثاني وقد أشبعها الباحثون دراسةً وتحليلاً وتدقيقًا وتقييمًا واختلفت آراء المراقببين حول خلفياتها وأسبابها وأهدافها.
أجمع الكثيرون على أنها جاءت ردة فعل إنتقامية للعدو الصهيوني على عملية “طوفان الأقصى ” التي نفذتها حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” بُغتةً ضد الكيان الصهيوني انطلاقاً من مستوطنات غلاف غزة.
وقد اكتفت أغلبية المراقبين والمتابعين بالحديث عن حرب غزة من الجانب العسكري انطلاقاً من هجوم حماس المفاجىء على المستوطنات الصهيونية (طوفان الأقصى) والرد الإنتقامي الصهيوني بشن حرب تدميرية شاملة ضد غزة وشعبها بلغت حدود الإبادة.
هذا المشهد الكارثي المأساوي أثار عدة تساؤلات:

  • هل يُعقل أن تكون ردة الفعل لعملية حماس العسكرية في مساحة محدودة، وإن كانت شديدة وقاسية أدت إلى سقوط قتلى واعتقال أسرى من سكان المستوطنات الصهيونية حرب شاملة واسعة وتدميرية هائلة ضد قطاع غزة وسكانها أدت إلى استشهاد وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين وإلحاق دمار شبه كامل بمباني القطاع والتهجير القسري لأهله؟!
  • ما مدى صحة ما قيل عن أن عملية “طوفان الأقصى” كانت مفاجئة لكل الجهات والقوى الدولية والإقليمية حتى الحلفاء المعنيين بالحدث؟!
  • لماذا تَرافق شنّ القوات العسكرية الصهيونية هجومها على غزة مع انتشار الأساطيل البحرية الأميركية والأوروبية في البحر الأبيض المتوسط مع تصريحات متتالية للمسؤولين الأميركيين والأوروبيين خاصةً فرنسا وبريطانيا مؤيدة وداعمة للعدوان الصهيوني الهمجي على غزة مقابل صمت الأنظمة الإقليمية والعربية وعدم قيامها بأي تحرك للتصدي والمساندة والمواجهة؟! وترك الشعب الفلسطيني لمواجهة مصيره منفرداً.

لقد كشفت حرب غزة عن أوراق سياسية كانت تخفي في طيّاتها مواقف وسلوكيات تتسم بالإزدواجية ومتناقضة ذات طابع نفاقي وانتهازي ما يؤكد على أن عدوان غزة وأحداثه ومجرياته تدلّ بأن هناك أزمة أخلاق وقِيَم، وليست مجرد خلافات وخصومات وصراع على النفوذ.

فعلى الصعيد الدولي كشفت حرب غزة أن القيم والمبادئ وحريات الشعوب التي ادعتها أميركا وفرنسا وبريطانيا وقامت ثوراتها المعروفة في ظلّها سقطت وتبيّن كذبها وزيفها ونفاقها في هذه الحرب ودعم هذه الدول للعدو الصهيوني وعدوانه الغاشم.

-كشفت عن ازدواجية المعايير التي تعتمدها أميركا وأوروبا في مواقفها السياسية حيث وقفت إلى جانب أوكرانيا ودعمتها بكل القدرات والإمكانيات العسكرية والمادية والسياسية في مواجهة ما أسمته العدوان الروسي وانتهاكه للقوانين الإنسانية والقانونية وحقوق الشعوب، في الوقت التي تجاهلت ذلك في حرب غزة ودعمت العدوانية الصهيونية وانتهاكها لكل القوانين والشرائع الأممية ضد الشعب الفلسطيني.

وعلى الصعيد الإقليمي أسقطت حرب غزة الأقنعة التي كانت تخفي المواقف الإنتهازية للنظامين الإيراني والتركي.

أما على الصعيد العربي حدِّث ولا حرج ويمكن إختصاره بأن الأمة تعيش حالة رِدّة وأزمة إنتماء وأخلاق.
ولهذا الحديث تابع ذا صلة…

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top