مطار القليعات.. “ضحيّة” الكيّديات والحسابات المحلية الضيّقة!.. سامي نادر: إنمائيًا اقتصاديًا وأمنيًا يجب أن يكون لكل بلد عدّة مطارات

بقلم تيريزا كرم

رغم المخاطر المستمرة التي تهدد مطار رفيق الحريري الدولي من قصف الى انقطاع التيار الكهربائي ، يظل مطار القليعات مغلقًا لأسباب سياسية ، مما يعطل جهود إحيائه ويحول دون تحقيق إمكانياته الكامنة، حيث تُحرم منطقة بأكملها من الاستفادة من مرفق حيوي مهم، تحت وطأة اعتبارات محلية وحتى اقليمية، تتجاهل مصالح الناس وحقوقهم الأساسية.

مطار القليعات، الذي يقع في شمال لبنان، يمثل مشروعًا استراتيجيًا يمكن أن يُحدث تحولاً كبيرًا في الاقتصاد المحلي. كان يُفترض أن يعزّز هذا المطار النشاطات الاقتصادية المتنوعة، بما في ذلك التجارة والصناعة والسياحة، بفضل موقعه القريب من المعالم السياحية والأثرية البارزة. وفقًا لدراسة أعدتها وزارة الأشغال العامة، كان يُتوقع أن يُسهم المشروع في تطوير قطاعات التجارة والزراعة والصناعة، مع إمكانية خلق حوالي 6 آلاف فرصة عمل في السنة الأولى، وزيادة هذا العدد إلى 21 ألف فرصة بحلول عام 2018.ولكن، وعلى الرغم من هذه التوقعات الطموحة، ظل هذا المشروع حبيس الأوراق والدراسات غير المنفذة. إذ لم تُتخذ أي خطوات فعلية لتحريك هذا المرفق الحيوي، مما يعرقل تحقيق الفوائد المرجوة.

في ظل هذا الجمود، تستمر الهيمنة السياسية ل”حزب الله” على قرارات الدولة، بما يخدم مصالحه الخاصة، دون اعتبار لحقوق واحتياجات المواطنين.

وفي حديث خاص ل”ديمقراطيا نيوز”، أكد الباحث والخبير الاستراتيجي الدكتور سامي نادر أن أسباب عرقلة فتح مطار القليعات سياسية بامتياز. وأوضح ” من الضروري لأي بلد أن يكون لديه أكثر من مطار لأسباب تنموية واقتصادية وأمنية”. وأردف: “مطار القليعات والرياق تم التخطيط لهما في فترة الستينات على أساس تنمية متوازنة بين المناطق، لأن أي مطار هو بشكل أساسي مرفأ اقتصادي، وبالتالي كلما زاد عدد المطارات في البلاد، زاد المحرك الاقتصادي الإضافي، مما يحفز النمو”.

واكد نادر ان “مطار القليعات يمكن أن يحيي منطقة الشمال بأكملها، يخلق وظائف، يساعد في تصدير الخضار، وينعش السياحة. كما يمكن تخصيص المطار لحركة سياحية داخلية معينة في الشمال، ويسهل الوصول إلى المعالم السياحية المهمة في المنطقة.” أضاف، إنه “مرتكز ومرفق يمكن بناء مناطق حرة إلى جانبه وصناعات جديدة، ما يساهم في إحياء هذه المنطقة المهمشة. كما يمكن أن يسهل دخول وخروج اللبنانيين في حال إغلاق مطار رفيق الحريري الدولي لأسباب معينة، فهو بديل مهم. على سبيل المثال، تمتلك جزيرة قبرص، التي تبعد مسافات قصيرة عن لبنان، حوالي تسعة مطارات، فالمرافئ الجوية او البحرية تشكل في اي بلد دافعًا أساسيًا لتطور وتقدم الإقتصاد والقطاعات الانتاجية.”

وفيما يتعلق بالأعذار المقدمة لعدم فتح مطار القليعات، يشير الدكتور نادر الى أن “السيطرة السياسية لحزب الله واضحة على هذا الملف. ويقول: “في 7 آب 2008، طالب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بتغيير مدير مطار رفيق الحريري الدولي، اللواء وفيق شقير، واتهمه بالتواطؤ مع “حزب الله” في تسهيل نقل أسلحة ومواد عسكرية عبر المطار. هذه المطالب أدت إلى زيادة التوتر بين الأطراف السياسية في لبنان وساهمت في تفاقم الأزمة السياسية، خاصة بعد أحداث 7 أيار 2008. هذه التطورات كانت جزءًا من الصراع الأكبر حول نفوذ “حزب الله” في المؤسسات اللبنانية ومحاولة الحكومة فرض سلطتها على المرافق الحيوية في البلاد.

تابع ، مطار رفيق حريري الدولي هو بمثابة ورقة ضغط سياسية أخرى يستخدمها “حزب الله” لفرض سيطرته. مضيفًا “بعد انفجار 4 آب وتدمير المرفأ، لم يعد هناك مرفأ آخر في لبنان. ما ينطبق على المطارات ينطبق على المرافئ، وهذه الأحادية تخنق البلد سياسيًا واقتصاديًا.”

بالنسبة لحلحلة ومعالجة هذا الموضوع، أكد الدكتور نادر “ضرورة مطالبة نواب طرابلس والشمال بهذا الملف الحيوي ورفع الصوت والضغط من خلال التحالفات مع الأطراف السياسية حتى لو كان هناك اختلاف سياسي. يجب أن يكون هذا الملف من الأولويات، ويجب الدفع باتجاه إقرار مشروع القانون لتطبيقه”.

في ظل هذه السياسات، يُحاصر اللبنانيون بين خيارات ضيقة، حيث يتعرضون لمخاطر قصف مطار رفيق الحريري الدولي، في الوقت الذي يفتقدون فيه لأبسط حقوقهم في التنمية والتقدم. إن تعطيل مشروع مطار القليعات ليس مجرد تأخير في تنفيذ مشروع اقتصادي، بل هو تجسيد لتجاهل الحقوق الأساسية للمواطنين، وحالة من الحصار السياسي الذي يكرس معاناتهم ويعوق فرصهم في الانماء والازدهار.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: