العقرب – خاص
لم تخرج كلمة رئيس حزب “القوات اللبنانية” في احتفالية ذكرى شهداء المقاومة عن المعتاد أو المأمول أو حتى المتوقع في مقاربة معظم الملفات الداخلية والاقليمية ، وان طغى عليها في طبيعة الحال ملف المواجهة مع “حزب الله” عبر رفض جعجع المغامرة العسكرية الجديدة التي أقحم الحزب البلد فيها رُغمًا عن ارادة اللبنانيين، متجاوزًأ كعادته موقف الدولة اللبنانية وقرار مؤسساتها وأجهزتها الرسمية.
في طبيعة الحال ، لا يمكن تجاوز العلاقة العاطفية والروحية التي تجمع جعجع بقاعدته “القواتية” الشعبية ، كما لا يمكنك كمتابع الا ان تحترم مدى الوحدة القائمة بين جعجع والبيئة القواتية من جهة والقضية الأم المرتكزة على مقاومة أي احتلال خارجي للبنان او اعتداء عليه من عدوّ ، صديق أو شقيق..
قضية تجذّرت في وجدان “القواتيين” وتحوّلت الى عقيدة دينية ودنيوية ولدت ورسخت في القلوب والعقول ، وتناقلتها الأجيال جيلًا بعد جيل..
أما في السياسة، كان ” الحكيم” صريحًا وواضحًا في التعبير عن رفض القوات والمعارضة وكل اللبنانيين “الشرفاء” لما يقوم به “حزب الله ” داعيًا اياه الى العودة الى لبنان ، باعتبار ما يقوم به لم يوفر اي دعم أو مساندة لغزة والفلسطينيين ، بل هي مجرّد مهمة ومغامرة عسكرية جديدة خدمة لايران وتلبية لمشروعها الاقليميّ.
أكد جعجع على دعم القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في ان يكون لديه دولة فلسطينية مستقلة وفقًا لمبادرة السلام التي أعلنت في بيروت عام 2002 ، أي حلّ الدولتين ، ولم ينس أن يشكر السلطة الفلسطينية لتفهمها الواقع اللبناني بعدم القدرة على تحمّل وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيّمات وخطره داخلها..
لم يفوّت”رئيس القوات” الفرصة ، بل استغلها الى أبعد الحدود ، في ردّه على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري “القديمة – الجديدة” التي أطلقها في مناسبة ذكرى تغييب الامام موسى الصدر.
قالها جعجع بالفم الملآن ” الطريق الى قصر بعبدا لا تمرّ بحارة حريك ، والدخول الى قصر بعبدا لا يكون من بوابة عين التينة ووفق شروطها وحوارها المفتعل”.. ما يعني أن سيّد معراب رفض ضمنيًا ومجددًا مبادرة بري غير آبهٍ الى موقف الجزء الآخر من “المعارضة” الذين ضمّنوا بيانهم موافقة مبدئية ولو باستحياء على مبادرة بري!..
لكن الملفت ، أن جعجع حاول ان لا يقطع “شعرة معاوية” مع بري وهو يعلم ان مفتاح جلسة الانتخابات الرئاسية بيده ، فقدّم له شبه مبادرة قائمة على موافقة مبدئية لفتح النقاش الجدي حول الدستور وأي لبنان نريد؟ لكن بشرط أن يتم هذا الأمر في قصر بعبدا بعد انجاز الاستحقاق الرئاسي..
مبادرة يعتقد جعجع بأنها قد تداعب أحلام ” الثنائي الشيعي” وخصوصًا ” حزب الله” وتنزله عن الشجرة ، لتفتح معه باب المساومات وتبادل المنافع والمصالح!..
ثمة من يجزم ، بأن ” الحكيم” يعلم بأن شعار ” الغد لنا” لا يمكن ترجمته الا بانجاز التسويات وتبادل المصالح بين المكونّات اللبنانية ، وقد تكون مبادرته قبول النقاش حول الدستور وتعديلاته تحت عنوان “اي لبنان نريد” انطلاقة حقيقية للتسوية الداخلية المأمولة علّها تلقى صدىً لدى الطرف الآخر ، وان كان موقف المفتي قبلان اليوم لا يوحي أبدًا بذلك!!..