بقلم سالي عايش – دبيّ
تشهد حملة المسح الوطني للصحة والتغذية 2024-2025، التي أطلقتها وزارة الصحة ووقاية المجتمع في دولة الإمارات، تفاعلًا مميزًا وحماسيًا من كافة شرائح المجتمع والفئات المستهدفة، مما يعكس القوة الفاعلة للحملات التوعوية التي تنظمها الوزارة بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين، مثل المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء والجهات الصحية المحلية. في هذا السياق، تعتبر هذه الحملة خطوة نوعية تهدف إلى تشكيل مستقبل صحي مشرق للإمارات، من خلال وضع سياسات صحية قائمة على أدلة علمية دقيقة لتحسين جودة الحياة في الدولة.
وتغطي الحملة طيفًا واسعًا من المؤشرات الصحية والتغذوية، بما في ذلك المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية، ونفقات الأسرة على الصحة، وانتشار الأمراض غير السارية، وعوامل الخطر التي تصاحبها. بالإضافة إلى ذلك، تشمل القياسات الفيزيائية الحيوية، ومدى الوصول إلى الرعاية الصحية، ونقص المغذيات الدقيقة، فضلاً عن صحة النساء الحوامل ونمو الأطفال. هذه البيانات ستكون بمثابة الأساس الذي يُبنى عليه مستقبل الرعاية الصحية في الدولة.
من جانب آخر، تجسد هذه الجهود دور الصيدليات المتنامي في نشر الوعي الصحي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت منصات التواصل أداة قوية في أيدي الصيادلة لنشر المعلومات الطبية الدقيقة والمفيدة بطرق مبتكرة وجاذبة. وفي هذا السياق، تحدثت الصيدلانية زينا أيمن لـ “ديمقراطيا نيوز” عن توجهات جديدة في مجال الصيدلة، حيث أشارت إلى أهمية إنشاء مقاطع قصيرة على شكل “ريلز” عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
في هذا الصدد، قالت أيمن: “بصفتي صيدلانية، فإن الأهم بالنسبة لي هو تقديم معلومات موثوقة ومحدثة تستند إلى أبحاث علمية دقيقة. أركز على مواضيع شائعة وذات أهمية في الوقت الراهن، مثل موسم الإنفلونزا، أو فيروس جديد، أو حتى توجهات حديثة على منصة تيك توك يتبعها الناس معتقدين صحتها.
الأسلوب الذي أعتمده يتضمن نشر مقطع تمثيلي قصير على شكل ريلز، يتبعه طرح الموضوع مرة أخرى على القصص بأسلوب أكثر تفاعلية وأقل رسمية. من خلال التفاعل الذي أتلقاه، سواء من الردود أو الأسئلة، أتمكن من معرفة ما إذا كان الجمهور قد استوعب الفكرة أم لا.
الإبداع في عرض المعلومات أمر لا غنى عنه. للأسف، نحن جيل يفتقر الصبر؛ لذا يجب أن تكون المعلومات المقدمة مبتكرة، مثيرة للاهتمام، والأهم من ذلك، قصيرة ومباشرة. كما يجب أن تكون مدعومة بالأدلة القاطعة، نظرًا لأن هناك مواضيع قد يختلف فيها الصيادلة في وجهات النظر.
من ناحية أخرى، يميل الناس أيضًا إلى مشاهدة تجارب الآخرين. على سبيل المثال، قمت بزيادة الوعي حول نوبة هلع تعرضت لها فتاة، وبدأت بعرض فيديو للفتاة يتبعه تحليل للأعراض والحالة المرضية. لقد صُدمت من عدد الأشخاص الذين مروا بتجارب مماثلة ولكنهم لم يجرؤوا على مشاركة ما عايشوه. كما أن العديد من الطلاب قاموا بمشاركة الفيديو على قصصهم كنوع من التوعية حول كيفية التصرف في مثل هذه الحالات إذا تكررت.
على منصاتي الاجتماعية، أحرص على اختيار مواضيع تناسب الفئة العمرية من 13 عامًا فما فوق (مع تركيز أكبر على المراهقين والشباب). على سبيل المثال، يتعامل المراهقون غالبًا مع مشكلات حب الشباب والاختلالات الهرمونية، لذلك أتطرق إلى هذه المواضيع بكلمات بسيطة بعيدًا عن المصطلحات الطبية المعقدة التي قد لا يفهمونها جيدًا. كما أحرص على الترويج لمنتجات آمنة وخالية من الآثار الجانبية، لضمان سلامة استخدامها حتى في حال تم استخدامها بشكل خاطئ.”
وفي السياق نفسه، أضافت الدكتورة نور سليم، صيدلانية وصانعة محتوى طبي، لـ “ديمقراطيا نيوز” عن أهمية استثمار المنصات الرقمية لنشر التوعية الصحية بشكل ملهم ومحفز. حيث أكدت أن محتواها يستند إلى أبحاث علمية دقيقة، مقدمة بأسلوب تفاعلي يخطف الأنظار ويبقي المتابعين متلهفين للمزيد.
وأضافت الدكتورة سليم أنها تعتمد في نشر محتواها على مقاطع قصيرة مثل “ريلز”، يتبعها مناقشات تفاعلية على القصص لشرح المفاهيم الطبية بعمق أكبر. هذا الأسلوب أثبت فعاليته في تعزيز الوعي الصحي، وجعل المعلومات الطبية في متناول الجميع بشكل مبسط ومشوق، بعيدًا عن الروتين التقليدي. وشددت سليم: “علينا أن نقدم المعلومات مدعومة بأدلة علمية راسخة، خاصةً في المواضيع التي قد تثير جدلًا بين الصيادلة.” واستعرضت تجربة ناجحة لها في رفع الوعي حول نوبات الهلع، حيث شاركت قصصًا شخصية تم تحليلها علميًا، مما خلق تفاعلًا هائلًا من المتابعين الذين مروا بتجارب مشابهة ولكن لم يتجرأوا على الحديث عنها.
وتابعت أنها تختار مواضيع تهم الفئة العمرية من 13 عامًا فما فوق، مركزةً على قضايا تلامس حياة المراهقين والشباب، مثل مشكلات حب الشباب والاختلالات الهرمونية. وتحرص على تقديم محتوى بلغة بسيطة ومباشرة، تضمن وصول الرسالة بوضوح وتأثير كبير.
من ناحية أخرى، سلطت الصيدلانية بشرى العمري الضوء على أهمية مواجهة الإعلانات المضللة المنتشرة حول الفيتامينات والمكملات الغذائية على وسائل التواصل الاجتماعي. وقالت العمري: “هناك ظواهر منتشرة تدفع الناس للتساؤل عن مدى صحتها. اليوم، الثقة بالصيدلي أصبحت أعظم بفضل خلفيتهم العلمية الصلبة. وألتزم بتقديم معلومات محايدة ومبنية على حقائق علمية، مسلطة الضوء على الفوائد الحقيقية للمكونات بغض النظر عن الجهة المنتجة أو الحملة الإعلانية.”
وفي هذا السياق أيضًا، أكدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع التزامها التام بسرية البيانات المجمعة، واستخدامها حصريًا لأغراض إحصائية وبحثية. وقد أكدت الدكتورة علياء زيد حربي، مديرة مركز الإحصاء والبحوث في الوزارة، على أهمية التفاعل الإيجابي مع الحملة، مشيرةً إلى أن هذا التفاعل يعزز قدرة الجهات الصحية على مواجهة التحديات الراهنة، ويدفع مستويات الصحة العامة نحو آفاق جديدة.
من خلال هذه الجهود المتكاملة، تقوم الصيدليات بدور محوري في دعم جهود الدولة لتعزيز الصحة العامة، وبناء ثقة مجتمعية قوية في زمن يشهد تدفقًا هائلًا للمعلومات عبر الإنترنت. بناءً على ذلك، تعتبر هذه المبادرات ليست مجرد خطوات بسيطة، بل هي لبنات أساسية في تحقيق رؤية “نحن الإمارات 2031″، حيث تسهم بشكل فاعل في بناء مجتمع أكثر وعيًا، صحةً، ونشاطًا.