بقلم روعة الرفاعي
تتوالى فصول معاناة الأطفال يومياً سواء على صعيد لبنان ككل أو على صعيد الشمال بشكل خاص ، ويكاد لا يخلو يوماً من حوادث يتعرضون لها وبالطبع يكون لكل حادثة رواية إمّا بسبب الوضع الإقتصادي السيء أو الإنهيار الأخلاقي وتفشي مادة المخدرات وأحياناً كثيرة يكون للتفكك الأسري الحظ الأوفر ليتضح فيما بعد إنما التفكك الحاصل هو بسبب العاملين الأساسيين الفقر و إنهيار القيم الأخلاقية التي تعصف بمجتمعنا منذ سنوات بسبب الضغط الحاصل من قبل النازحين السوريين والذين تبقى قضية عودتهم معلّقة إلى أجلٍ غير مسمى.
بالأمس ضجّت مواقع التواصل الإجتماعي بخبر العثور على ثلاثة أطفال قصّر متروكين على قارعة الطريق بلا مأوى في زيتون أبي سمراء وضمن منطقة خالية من السكان وحدها الكلاب الشاردة كانت لتصطادهم لولا العناية الإلهية التي أنقذتهم بعد وجودهم من قبل عدد من الشبان.
وفور شيوع الخبر عبر ” الواتساب” بادر الشيخ خليل حجازي لإحتضانهم وهم : محمد ثماني سنوات، آية خمس سنوات وأسيل ثلاث سنوات وكانت والدتهم “سورية الجنسية” قامت برميهم في تلك المنطقة بعدما عجزت عن إكمال رسالتها في تربيتهم وحدها بعدما سجن زوجها ” اللبناني” بحسب المعلومات المتوفرة والتي تؤكد أن عائلة الأب تعيش في منطقة أبي سمراء وهي على علم بالموضوع ولم تحرك ساكناً.
والى جانب الأهل الذين تخلّوا عن مسؤولياتهم بشكل مريب كذلك هي الجمعيات الخيرية التي تعنى بالأطفال والتي رفضت تسلمهم بحجة عدم وجود الاماكن لديها، لكن مصير الأطفال الذين عانوا الجوع والعطش والخوف لساعات طويلة لن يكون مجهولاً بعدما أعلنت عمتهم إحتضانها لهم، فإلى متى ستستمر معضلة تشريد الأطفال وإغتصابهم وإنتهاك حقوقهم في بلد ضائع يجهل المصير والمستقبل ؟!
المصري مأساة تدمي القلوب
الناشط حميد المصري كان قد ساهم في ايجاد الأطفال مع بعض الأهالي قال لموقع “ديمقراطيا نيوز”:” من خلال شبكات التواصل علمنا بأن هناك أطفال مرميين خلف الجامعة الكويتية في منطقة زيتون أبي سمراء ، وعلى الفور توجهت إلى المكان فإذا هم في أرض مقطوعة خالية إلا من الكلاب الشاردة وبالطبع من أجل حمايتهم أجرينا عدة إتصالات بالمياتم والجمعيات الخيرية الموجودة في المنطقة لكن كل المحاولات باءت بالفشل إلى أن تمنى علينا أحد الأهالي بأخذهم والإعتناء لهم”.
وتابع :” والد الأطفال لبناني من آل مرعي وهو في السجن بتهمة السرقة والمخدرات ووالدتهم السورية الجنسية قامت برميهم في الشارع ، أما عائلة الأب فهي تقطن في أبي سمراء لكنها غير معنية وهي ليست المرة الأولى التي يرمون فيها الأولاد بالشارع وليس بسبب الأوضاع الإقتصادي وإنما بسبب التفكك الأسري”.
الشيخ حجازي مستعد لتكفلهم وإحتضانهم
من جهته الشيخ خليل حجازي والذي إحتضن الأطفال ليلاً قال:” تم إيجاد الأطفال في زيتون أبي سمراء وضمن منطقة بعيدة عن السكان ، ولحظة إيجادهم تم نشر صورهم عبر شبكات التواصل وعلى الفور طالبت بهم وإستلمتهم بحالة مزرية جداً من الجوع والعطش والتعب والنعس الشديد حيث كانت الساعة الحادية عشرة ليلًا ، وبحسب شهود العيان فإن الأطفال وجدوا منذ ساعات الصباح وقضوا النهار بطوله في نفس المكان، طبعاً عملنا على تنظيفهم وإطعامهم وتغيير ملابسهم كل هذا تحت نظر الجهات الأمنية ، وصباح اليوم التالي تم تسليمهم إلى مخفر أبي سمراء وحضرت الجهات المختصة بشؤون الأحداث وفي هذه الأثناء تم التعرف عليهم من قبل عمتهم التي تقطن في بيروت وشاهدت الصور والفيديو عبر شبكات التواصل وأكدت بأنّها ستتسلمهم من المخفر وتأخذهم للعيش معها مع تقديم الإهتمام والرعاية الكاملة تحت أنظار حماية الأحداث”.
وتوجه الشيخ حجازي بالشكر الجزيل لكل إنسان أضاء على هذه المسألة الإنسانية والتي أدمت القلوب وأهل طرابلس أثبتوا أنهم أهل إنسانيّة فالكل إندفع وطالب بتقديم المساعدة ومد يد العون للأطفال، ولو لم يتم التعرف عليهم من قبل الأهل كنا على إستعداد لتربيتهم مدى الحياة وإلحاقهم بالمدارس وتأمين كل إحتياجاتهم”.