بقلم تيريزا كرم
شهد لبنان مؤخرًا حادثة خطيرة تمثلت في اندلاع حريق كبير في مطمر النفايات بمنطقة الجديدة – برج حمود، مما أعاد تسليط الضوء على أزمة النفايات المستمرة في البلاد والتحديات البيئية والصحية المترتبة عليها. الحريق الذي اندلع في المطمر ليس مجرد حادث عرضي، بل هو نتيجة لسنوات من سوء الإدارة البيئية والمكبات العشوائية، مما جعل هذه الأزمة على رأس الأولويات الوطنية الملحة.*وزير البيئة: احتواء الحريق والتحقيقات الجارية..
في لقاء خاص مع “ديمقراطيا نيوز”، تحدث وزير البيئة ناصر ياسين عن حادثة الحريق، مؤكدًا على خطورة النفايات غير العضوية عند حرقها وما ينجم عنها من انبعاثات سامة تؤثر سلبًا على صحة الإنسان والمناخ. وأشار ياسين إلى أن حرق النفايات، خاصة غير العضوية، يُعد تهديدًا كبيرًا للصحة العامة والبيئة، مشددًا على أهمية اتخاذ إجراءات فورية للحد من هذه الكوارث البيئية.
و أوضح ياسين أن الحريق في مطمر الجديدة تم احتواؤه بفضل الجهود السريعة لفرق الإطفاء والدفاع المدني، حيث تمت السيطرة عليه في غضون 12 ساعة، مما منع انتشار أوسع للحريق. وأكد أن النيابة العامة البيئية بدأت تحقيقات جنائية لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء الحادث، مشيرًا إلى احتمال أن يكون الحريق متعمدًا. كما لفت ياسين إلى أن مجلس الإنماء والإعمار، المسؤول عن إدارة المطمر منذ عام 2015، سيكون تحت التدقيق خلال التحقيق.
استراتيجية وطنية لإدارة النفايات
و كشف ياسين عن الجهود الجارية لوضع استراتيجية وطنية جديدة لتنفيذ قانون النفايات الصادر عام 2018، مشيرًا إلى تقسيم لبنان إلى 17 منطقة خدمية لمعالجة النفايات عبر الفرز والطمر المنظم. وأوضح أن العمل جارٍ على إعادة تأهيل معمل الفرز في الكرنتينا الذي تضرر جراء انفجار مرفأ بيروت، بدعم من البنك الدولي. بالإضافة إلى ذلك، يجري التخطيط لمشاريع مماثلة في مناطق مثل عكار، النبطية، راشيا، وبعلبك.
وفيما يخص الإصلاحات، أكد ياسين أن الوزارة كانت مستثناة من الإدارة المباشرة للمطامر في السابق، وكان دورها يقتصر على الرقابة. لكن اليوم، تعمل الوزارة بشكل أكثر مسؤولية وجدية، مضيفًا أن الهيئة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة ستصدر بمرسوم قريبًا كجزء من الإصلاحات التي تتطلب انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وفي الختام ، أكد ياسين أن الوزارة تعمل على وضع حلول مستدامة لتجنب تكرار الأزمات المتعلقة بالنفايات. مشددا على أن اللامركزية في إدارة النفايات ستكون من أبرز أولويات المرحلة المقبلة، لضمان استدامة الحلول وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة في إدارة النفايات.
غياث يزبك: تقصير حكومي واضح
في مقابلته مع “ديمقراطيا نيوز”، انتقد النائب غياث يزبك، رئيس لجنة البيئة في مجلس النواب، تقاعس الحكومة في التعامل مع ملف النفايات. وذكر أن النواب، وخاصة أعضاء لجنة البيئة، مضطرون للعب دور يتجاوز سلطتهم الرقابية والتشريعية، حيث إن الأوضاع الحالية تشكل تهديدًا حقيقيًا على الصحة العامة وحياة المواطنين.
وأشار يزبك إلى أن المطامر، التي كان من المفترض أن تُدار وفق معايير بيئية، تحولت إلى مكبات فوضوية تهدد البيئة والمواطنين. وأكد أنه رغم أن اللجنة تراقب عمل الحكومة ووزارة البيئة، إلا أنها لا تستطيع تقديم ضمانات لأن ذلك من اختصاص السلطة التنفيذية. وبيّن يزبك أن لجنة تقصي الحقائق التي تشكلت تهدف إلى كشف المتورطين في إدارة المطامر بشكل فوضوي، والتحقيق في مدى الالتزام بدفتر الشروط، وكشف أسباب الحرائق المتكررة.و أعرب يزبك عن أسفه لعجز الحكومة المستقيلة عن القيام بواجباتها، لكنه شدد على أن هناك إمكانيات لدى الجهات المعنية لتحويل المكبات الخطرة إلى مطامر صحية. كما كشف عن وجود عصابات تستفيد من مطمر الجديدة بحوالي 2 مليون دولار سنويًا، مما يثير تساؤلات حول غياب الدولة عن إدارة هذه المرافق.
ما بين تلوث الهواء الناتج عن الحرائق السامة، وغياب الإصلاحات الفعلية، يدفع اللبنانيون الثمن الأكبر. وبينما يتراشق المسؤولون بالتهم، يبقى الوضع البيئي في البلاد على حافة الكارثة المستمرة.