بقلم روعة الرفاعي
من يجول داخل مراكز الإيواء المنتشرة في مدينة طرابلس يلمس بما لا يقبل الشك المساعي التي يبذلها أهل المدينة في سبيل الوقوف إلى جانب أهلهم الذين هربوا من العدوان الإسرائيلي على قراهم في الجنوب، ويدحض كل الشائعات التي تنتشر عبر شبكات التواصل الإجتماعي والتي تهدف إلى إثارة البلبلة وإشاعة الفتن في المدينة.
وداخل الكواليتي – إن حيث يتواجد العدد الأكبر من النازحين، لا يمكنك إلا وأن تشاهد سيارات المواطنين من المدينة وهي تدخل لتقدم مساعدات عينية من أغطية وحليب ومواد تنظيف وحتى وجبات إفطار يقدمونها ويرفضون حتى تسجيل أسمائهم جلّ همهم مد يد العون لمن فقد منزله وهرب تاركاً وراءه كل ما يملك وبات بأمس الحاجة لأي نوع من المساعدات والتي تحتاجها كل مراكز الإيواء بحسب المعلومات التي حصل عليها موقع ” ديمقراطيا نيوز” فالمنظمات حتى الساعة لم تقدم أي شيء كونها تقوم بداية بمسح لكل المراكز ولولا الجمعيات الأهلية وما توفره من خدمات في الوقت الراهن لكان النازح أمام معضلة كبيرة أقلّه على صعيد تأمين وجبات الغذاء اليومية لأطفاله.
إزاء هذا الضغط كيف إستقبلت طرابلس النازحين وكيف هي الإستعدادات لإستقبال المزيد من الأعداد خاصة بعد توجيه الضربات المكثفة لمنطقة الضاحية ؟؟!
الحسامي تجار طرابلس على اهبة الاستعداد
أمين سر جمعية تجار طرابلس غسان الحسامي قال :”وكأنه كتب على اللبنانيين هذا الشقاء منذ ما يزيد على خمسة عقود ، بكل أسف لا نعرف الأيام الحلوة وبخاصة ما يتعرض له أهلنا في جنوب لبنان وفي الضاحية الجنوبية، نسأل الله أن يرحم الشهداء والشفاء العاجل للمصابين ، طبعاً طرابلس إستقبلت عشرات الألوف من الوافدين وأكدت بالعين المجردة وبالممارسة على أنها مدينة لبنانية منفتحة على الإنسانية والتآخي وإحتواء كل من لحأ إليها بمكارم أخلاقها، النزوح ليس سهلاً وما ينجم عنه من مصائب داخل مدارس تفتقر للبنى التحتية والإمكانيات لتلبية الإحتياجات وصون الكرامات بدءاً من توفير المياه والمياه الساخنة وصولاً لأمور لوجستية أخرى من الحاجات المعيشية اليومية”.
وتابع:” لا شك بأنّ لهذه الأزمة مردود ايجابي محدود كون الوافدين خرجوا من دون أغراض وهم يحتاجون للكثير من الضروريات وعلى مختلف الفئات العمرية ، لكن ومن موقعي كأمين سر لجمعية تجار طرابلس أؤكد على أن الزملاء التجار يدركون الصعوبات وكل أسواق المدينة بعيدة كل البعد عن أي إتهام بالإستغلال وبزيادة الأسعار لا بالعكس التاجر يبادر إلى تقديم المساهمة لهم بكل ما أمكن بهدف التخفيف عن كاهلهم”.
الشريف : لمسنا طيبة أهل المدينة
المسؤولة عن جمعية ” رواد التنمية ” سارة الشريف والمعنية بشؤون النازحين ضمن فندق ” كواليتي إن ” قالت:” مبدئياً هناك حوالي 800 نازحاً في الفندق وبالطبع العدد في إزدياد بسبب كثرة توافد النازحين، والحقيقة أن الدعم يأتي من فاعلي الخير بعدما نشرنا فيديو عبر شبكات التواصل الإجتماعي وحتى اللحظة تأتينا الإتصالات من كافة المناطق ومن الخارج بهدف تقديم التبرعات الفردية إما بالمال وإما بالمساعدات العينية”.
وتابعت:” طبعاً عملنا على تأمين المياه في الفندق كما الكهرباء وكل المستلزمات المطلوبة من حمامات وأدوات التنظيف فضلاً عن الحمامات المتنقلة والأدوية وبات لدينا صيدلية يشرف عليها صيادلة متطوعين، كما شكلنا لجنة أهل من النازحين بهدف إنشاء إدارة ذاتية وباتوا معنا بأعمال التنظيم”.
وعن دور المنظمات قالت:” حتى اللحظة لم أتلق سوى الاتصالات لمعرفة الأعداد وضمن مركزنا لم تدخل أي منظمة دولية ولم نحصل على أي مساعدات”.
وعن طرابلس تقول:” هناك أعداد كبيرة من أبناء طرابلس الذين يقدمون المساعدات من منازلهم من فرش وغاز كل التبرعات العينية هي من اهل طرابلس،
مبيض : همم الشباب عالية
رئيسة قطاع المرأة في تيار العزم جنان مبيض سكاف قالت:” رغم الظروف الصعبة والتي يمر بها أهل طرابلس سواء من الجهة الإقتصادية أو الإجتماعية إلاّ إنهم وعلى وقع هذه الكارثة الأليمة عملوا على فتح منازلهم ومؤسساتهم ومراكزهم لإستقبال الأهالي من كل المناطق الجنوبية”.
وتابعت:” خلال جولة ميدانية على المدارس لحظة وصول أهلنا تمكنا من تأمين المستلزمات بشكل عشوائي، لكن وبعد تنظيم الأمور فإن التنسيق بدأ مع اللجنة الوطنية التي شكلتها الدولة، وتديرها قائمقام محافظة الشمال ايمان الرافعي والتي تشرف لوجستياً على كل المراكز لإيواء النازحين مع المنظمات الدولية، كما ونتابع مع رئيس بلدية طرابلس، الحمدلله الهمم عالية والشباب مندفعة والجمعيات تسعى إلى تقديم الخدمات وكي لا يكون هناك أي هدر على صعيد المؤسسات فإننا نبذل جهداً في التنظيم والمتابعة مع مؤسسة الدولة لمعرفة النواقص وتأمينها، بالطبع نحن كجمعية لن نقصر تجاه أهل طرابلس والمساعدات الاجتماعية والصحية ستبقى متزامنة مع مساعدات النازحين”.
وأكدت مبيض على ” أن نهج طرابلس واضح وهو الإقبال والإنفتاح وإحترام الآخر وإستقباله في أحلك الظروف، وجعنا في الوطن واحد ومتى تألم عضو في الجسم فإن كل الأعضاء تتداعى في سبيل شفائه، حينما تعرض مرفأ بيروت للإنفجار كلنا وقفنا إلى جانب بعضنا البعض ، كذلك الأمر اليوم كل المناطق اللبنانية منازلها مفتوحة لأهل الجنوب، وليس صحيحاً هناك أصوات رافضة وإن وجدت فهي لا تمثل أهل المدينة وسنبقى جنباً إلى جنب سنة وكل الطوائف “.
نشطاء يفتحون قلوبهم للنازحين
الناشطة سلاف الحاج قالت:” بعيداً عن كل الإنتماءات والمواقف فإن المطلوب منّا اليوم الوقوف إلى جانب بعضنا البعض وطرابلس لا تتحدث إلا بأصلها وأهلها إستقبلوا النازحين بطريقة جداً مشرفة ، هناك عائلات لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بأعمال حزب الله والتي يدفع ثمنها البلد ككل، في النهاية لا يمكننا إلا التكاتف مع بعضنا وكلنا قد نتعرض لمثل هذه الأحوال ما جرى يشبه طرابلس وأهلها وكرمهم ونحن شعب واحد لا يمكننا إلا الوقوف وقفة تضامن مع إخواننا في الوطن والوحدة الوطنية هي أساس اليوم أكثر من أي وقت مضى “.
من جهته المختار محمد حمزة قال:” منذ العام 2006 ومنازل الشمال مفتوحة لكل مواطن لبناني من أي منطقة أتى، وما تمتاز به دائماً أن المصائب تجمعنا وتوحدنا وبإذن الله سنبقى يداً واحدة”.
وعن مراكز الإيواء يقول:” كنا نتمنى التنظيم بشكل أكبر ونعرف هذه المراكز تحت رعاية من؟؟؟ عدد النازحين كبير جداً وبالطبع المساعدات لا تسد الحاجات ذلك أن المكان الذي يتسع لعشرة أشخاص لا يوجد فيه سوى فرشتين مما يضطرهم للنوم على الأرض ومن خلال الإعلام نرفع الصوت للوقوف إلى جانب طرابلس والتي تحتضن النازحين لفترات غير محددة مما يتطلب منا العمل بشكل فعلي من أجل الإستمرارية”.
ورأى حمزة بأنّ الشائعات ” كثيرة ولكن أهل طرابلس أثبتوا أنهم أهل طيبة حتى إن البعض منهم قدم منازل يمتلكها وهي لفتة كريمة وقبل هذه الأزمة كنت ممن فقدوا الأمل بالبلد لكن مع هذا الإختبار عاد الإيمان لقلبي بأهمية طرابلس وشعبها الطيب”.