بقلم تيريزا كرم
لطالما كان لبنان مثالاً يُحتذى على الوحدة والتعاضد في وجه الأزمات، ورغم جميع انقساماته، الا ان الشعب اللبناني لا يتوانى عن الوقوف إلى جانب بعضه البعض في الأوقات الصعبة والحرجة، تجسيداً لمقولة جبران خليل جبران: “ما أغنى الشعوب إن لم تعرف وحدة الصف، وما أفقرها إن لم تتعاضد في الشدة، فالوحدة هي القوة، والتكاتف هو السبيل للنجاة.”
هذا المبدأ الذي تجسده الأيادي المتشابكة من مختلف الطوائف، يعبّر عنه كذلك شارل مالك حين قال: “في الشدائد، يكون الامتحان الحقيقي للولاء للوطن، فالوطن لا يقوم على الطوائف والمذاهب، بل على الأيادي المتشابكة في وجه المحن.”
“مطر” و الشارع السنيّ: التضامن مع النازحين وتأكيد على الوحدة الوطنية
ترجم الشارع السني محبته وتضامنه مع النازحين من الجنوب، مما يعيد للأذهان مواقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي طالما دعا إلى الوحدة الوطنية في وجه المحن. ولم يخطئ الرئيس الحريري حين قال: “المصائب ليست نهاية الطريق، بل هي نقطة انطلاق جديدة نحو الوحدة الوطنية، فالتحديات لا تفرقنا، بل تصهرنا في بوتقة التضامن.”
وضمن هذا السياق، أكد النائب إيهاب مطر في حديث خاص لـ”دمقراطيا نيوز” أن المرحلة الحالية تتطلب أولاً وأخيراً وحدة وطنية وتكاتفاً بعيداً عن المصالح الخاصة وتصفية الحسابات السياسية، والوقوف خلف خريطة طريق الدولة كما رسمها الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي، من خلال الالتزام بتطبيق القرار 1701 وانتشار الجيش اللبناني جنوب لبنان، ومواجهة الطوابير الخامسة التي تحاول رمي الفتن بين اللبنانيين.
وأضاف مطر: “طرابلس، التي لطالما كانت عنواناً للاحتضان اللبناني، تفتح أبوابها لجميع النازحين طالما أن من يدخلها يتفهم واقعها وتاريخها وجروحها، ويتجنب كل ما يشكل استفزازاً للطرابلسيين.” وشدد على ضرورة التوافق الوطني الذي بات عنوان كل الاستحقاقات، بما في ذلك ملف رئاسة الجمهورية.
التيار الوطني الحر: احتضان ومساعدة للنازحين
بدوره أكد النائب في التيار الوطني الحر، غسان عطالله في حديث خاص لموقع “دمقراطيا نيوز”، ، أن التيار يعمل كخلية نحل لاستقبال النازحين من الجنوب والمناطق المتضررة، موضحًا أن التيار فتح مطابخ في مختلف المناطق لتقديم الوجبات للموجودين فيها. وأضاف: “في السعديات، نقوم في منزلي بتأمين مختلف المستلزمات للنازحين القادمين من الناعمة إلى ساحل الشوف وصولاً إلى الرميلة. نحن متكفلون بجميع الاحتياجات من مختلف النواحي، سواء كانت غذائية، طبية، أو لوجستية.”
وأشار عطالله إلى أن “التيار الوطني الحر” يتكفل باستقبال النازحين، مؤكداً وجود قرار حزبي واضح بأن يتم احتضان “إخوتنا في الوطن”، قائلاً: “هؤلاء شعبنا وناسنا، ومنعًا لأي خطأ أو استغلال للوضع، نتعامل معهم على أساس أخلاقياتنا ومبادئنا في التيار”. وأوضح أن نواب التيار، مثل النائب سليم عون في زحلة والنائب جورج عطالله في الكورة، يعملون ليل نهار لمساعدة النازحين، فيما تنشط خلية المتن بإنشاء مطبخ ميداني لتوزيع الوجبات.
كما أن التيار في كسروان يساهم بمساعدة جميع النازحين، ويعمل نواب التيار بقوة في الشمال، حيث يتجول النائب أسعد درغام في مختلف المناطق لتقديم الدعم.
وختم عطالله حديثه بالتأكيد على أن “الوقت اليوم هو للعمل الجاد لمساعدة أهلنا وشركائنا في الوطن، وليس للمناكفات السياسية”، مشددًا على أن التيار الوطني الحر يقف إلى جانب جميع اللبنانيين في هذه المرحلة الصعبة.
القوات اللبنانية: صمت استراتيجي ومتابعة دقيقة
مصادر “القوات اللبنانية أكدت لـ “ديمقراطيا نيوز” أن حالة الصمت التي تعتمدها “القوات” في هذه المرحلة تأتي في إطار استراتيجية مدروسة، حيث تم توجيه قواعدنا للالتزام بالصمت نظراً لحجم التحديات وتجنباً للدخول في مشاحنات غير ضرورية.
وشدد المصدر على أن القيادة مستعدة للتحرك فوراً والسيطرة على الوضع في حال حدوث أي تصعيد من جانب شارع القوات. مشيرا الى أن الأوضاع تحت السيطرة، والأجهزة الأمنية تقوم بواجبها كاملاً، مؤكدًا بأن الحفاظ على الأمن يبقى في النهاية من مسؤولية الدولة والأجهزة الأمنية المعنية.
الكتائب اللبنانية: التزام بالصمت واحتضان للأزمة
أما الكتائب اللبنانية، فيبدو أنها تتخذ موقفًا مشابهًا للقوات، حيث أشارت مصادرها ل “ديمقراطيا نيوز” بأنها تلتزم الصمت في هذه المحنة، تجنبًا لأي مضايقة أو توتر، وتؤكد أن الأولوية هي للاحتضان والتعاضد بين اللبنانيين في هذه المرحلة.
يعود لبنان، في كل محنة، ليظهر الوجه الحقيقي لشعبه، حيث تتلاشى الانقسامات وتظهر الأيادي المتشابكة في وجه الأزمات، وهو ما يتجسد اليوم في احتضان اللبنانيين لبعضهم البعض، كلٌ من موقعه. حان الوقت ليقول لبنان لزعمائه وأحزابه: “أبعدوا خلافاتكم جانباً وحساباتكم وعودوا إلى ‘لبنان أولاً’ لمواجهة العدوان وإعادة بناء الدولة وتلبية رغبة الشعب اللبناني.”
في النهاية، يبقى التوافق الوطني هو الطريق الوحيد لمستقبل أفضل، والسبيل لإعادة بناء وطن قوي، بعيداً عن الطائفية والانقسامات السياسية.