بقلم سالي عايش- دبيّ
وسط تصاعد الصراع وتفاقم الأزمة في لبنان، يعيش المغتربون اللبنانيون في الإمارات مشاعر مختلطة من القلق والعجز، وهم يشهدون معاناة وطنهم من بُعد. وبينما ينعمون بالأمان في الإمارات، تبقى عائلاتهم وأحباؤهم في لبنان غارقين في الاضطرابات المتواصلة، ما يزيد من شعورهم بالارتباك بين الأمان الجسدي الذي يعيشونه والألم العاطفي الناتج عن رؤية بلدهم ينهار.
ومع ذلك، وسط هذه العتمة، يبرز عدد من صناع المحتوى اللبنانيين في الإمارات كمصدر للأمل والصمود. بعيداً عن استغلال المأساة لأغراض شخصية أو الشهرة، اختار هؤلاء الأفراد أن يكونوا جسورًا تربط بين المغتربين في الخارج ووطنهم، مستغلين منصاتهم الرقمية لنقل معاناة الشعب اللبناني وتسليط الضوء على الأزمة.
وفي تصريح لـ “ديمقراطيا نيوز”، أشارت جنى مجذوب، خبيرة سلامة الغذاء والتغذية، إلى الدور المحوري الذي تلعبه مؤسسة “أجيالنا” في تأمين المستلزمات الطبية الحيوية، من خلال جولات ميدانية على المدارس لضمان توفير الأدوية اللازمة والرعاية الصحية عبر شبكة من الأطباء المتخصصين. أثبت اللبنانيون أن النجاح لا يُقاس بعدد المتابعين أو الأضواء المسلطة عليهم، بل بمدى تأثيرهم الإيجابي على المجتمع. تمكنوا من تحقيق توازن دقيق بين نجاحهم الشخصي ومسؤوليتهم تجاه وطنهم، فأصبحوا رموزًا للوفاء والانتماء. بفضل إصرارهم، استغلوا الفرص والموارد المتاحة لهم في الإمارات لخدمة وطنهم، وبدلًا من الاستفادة من الأزمة لتحقيق مكاسب شخصية، ركزوا على تقديم الدعم المادي والمعنوي، وجمع التبرعات التي ساهمت في تخفيف معاناة الشعب اللبناني.
أما أخصائية التغذية العلاجية، غنى صنديد، فأكدت لـ “ديمقراطيا نيوز” على أهمية توجيه تبرعات المغتربين للمؤسسات المعتمدة داخل البلاد. وأوضحت أن المشكلة الأساسية ليست في نقص البضائع، بل في غياب السيولة المالية التي تمنع المواطنين من شراء ما يحتاجونه. https://fundahope.com/en/campaigns/join-us-to-help-lebanons-resilient-civilians?fbclid=PAZXh0bgNhZW0CMTEAAaaQB7XJ3a-1CFpsgILeN9Cywggbt8BczSYfWukPXXnhSAShAy1xTGyWSCE_aem_m1LIZbsAyWekRo6taA4Sow
وشددت على ضرورة توجيه الدعم إلى المؤسسات التي تستطيع إيصال المساعدات بشكل مباشر إلى المتضررين، لضمان وصول الدعم إلى من هم في أمسّ الحاجة إليه. لم تقتصر مساهماتهم على مجرد منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، بل شملت تقديم مساعدات حقيقية وحملات تضامن واسعة، تهدف إلى دعم المحتاجين داخل لبنان.
تتجاوز مجذوب، خبيرة سلامة الغذاء والتغذية، حدود تقديم الدعم العادي؛ فهي تتصدر جهود التوجيه في اختيار الغذاء المناسب للنازحين. من خلال دراستها الدقيقة للاحتياجات الغذائية، تسلط الضوء على معايير صارمة لاختيار المواد الغذائية القادرة على تحمل الزمن، مما يضمن عدم فسادها مع مرور الوقت.
كما أكدت مجذوب أن مبادرات مثل “Food Bless” تمثل خط الدفاع الأول في تأمين الغذاء الأساسي للبنانيين،تقدم مجذوب معلومات حيوية حول الأطعمة التي تُعتبر أساسية في تقديم المساعدات، مما يعزز من فعالية هذه الجهود ويضمن وصول الغذاء الأمثل لمن هم في أمس الحاجة إليه. تبرز مجذوب كركيزة أساسية في مواجهة المعاناة الإنسانية، مُؤكدةً أن المسؤولية لا تتوقف عند تقديم المساعدات بل تمتد لتشمل اختيار الأنسب والأفضل.
في ذات السياق، ركزت جيهان داغر حايك في حديثها لـ “ديمقراطيا نيوز” على أهمية التبرعات في ظل الظروف الراهنة، من خلال حملة “تعبئة صناديق الغداء” التي تهدف إلى توفير وجبات غذائية للأطفال المحتاجين. https://berradelhay.org/donation/?fbclid=PAZXh0bgNhZW0CMTEAAablswrXZLt5hM0wAxT_7AsrPNXJiKVTSfHM4VcNv5HVAOybA6LXlgD8J0U_aem_RMTQsBPef0hCsAC5UsOqCQ..
وأشارت إلى أن تبرعًا بسيطًا يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا، حيث يمكن لمبلغ 100 دولار أن يوفر 36 وجبة غداء مدرسية لطفل واحد على مدار عام دراسي كامل.
في النهاية، تتجلى قوة التكاتف اللبناني من خلال هذه المبادرات الإنسانية التي يقدمها صناع المحتوى اللبنانيون في الإمارات، والذين يثبتون يوماً بعد يوم أن الوطن لا يزال ينبض بالحياة بفضل أبنائه المغتربين الذين لم يتخلوا عن مسؤولياتهم تجاهه.