
بقلم ديانا خداج
الذكرى الأولى لولادة الطوفى الأقصى، إنما ليست كذلك بالنسبة للقضية الفلسطينية، التي أيقنّا وجودها منذ نعومة أظافرنا.
“طوفان الأقصى” اكبرَ هجوم شنته المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على إسرائيل منذ عقود، فجر يوم السبت 7 تشرين الأول 2023، وشمل هجوما بريا وبحريا وجويا وتسللًا للمقاومين إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة.
هذه العملية التي جاء اسمها لدلالة الرد على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس، غلت الدّماء في عروق العدو الاسرائيلي، حتى صبّ احقاده على غزة، بيوت غزة، مدنييها، نسائها وأطفالها.
العملية التي لم تأت من عبث، بل من بطش وانتهاكات العدو عبر التاريخ، أدّت إلى إبادة جماعية حرّكت الرأي العام العالمي، مذبحة لربما لم تتوقعها حركة المقاومة ولم تدرس نتائجها كما كان ينبغي، فاعتبرتها المعركة الكبرى لإنهاء الاحتلال الأخير على سطح الأرض، حيث دعت الفلسطينيين للانضمام إلى هذه الحرب بكل ما يملكون من أسلحة نارية وأسلحة بيضاء، وبالاحتجاجات، كما دعت الشعوب العربية والإسلامية إلى الدعم بالمظاهرات والاعتصامات، وكل أشكال الضغط الشعبي.
خطوة “ناقصة” كما اعتبرها البعض، وكمن يعتدي على قفير نحل، بالرغم من ان العملية اصابت أهدافها بدقة وأسفرت خلال ساعاتها الأولى عن مقتل مئات الإسرائيليين بين جنود ومستوطنين، وأسر وفقدان أكثر من 100، بعضهم جنود، وأدت إلى إغلاق المطارات المحلية وسط وجنوب إسرائيل أمام الاستخدام التجاري، وألغيت عشرات الرحلات الجوية إلى تل أبيب بمطار بن غوريون، اي ان العملية حجّمت العدو الاسرائيلي في ذلك الحين.
الصحافي وجدي العريضي وبحديث لـ “ديمقراطيا نيوز” ناقش نتائج “الطوفان الأقصى”، وأعتبر انها عملية نوعية فاجأت العالم بأكمله وذكّرتنا بالعمليات التي كانت تقوم بها منظمة التحرير الفلسطينية، أو ما كان يسمى انذاك بالفدائيين، والجبهة الشعبية والديمقراطية، وغيرها من الفصائل الفلسطينية، بحيث اعادت القضية إلى الواجهة بعدما كانت منسيّة.
يقول العريضي: “هذه العملية اخترقت الاستخبارات الإسرائيلية وشكلت نقلة نوعية لا يستهان بها، واعادت حماس إلى الواجهة وبالتالي فقد أثبتت حضورها، إنما سرعان ما تبدّل الواقع بعدما جيّر نتنياهو الرأي العام الدولي لصالحه، والتضامن العالمي (الاميركي-الأوروبي) مع حكومته، الذي تمثّل بانعقاد مجلس الأمن للتصويت على أن حماس منظمة ارهابية يجب مكافحتها.
بالاضافة إلى ان حركة حماس كما بدا، لم تتدارك لردة الفعل الإسرائيلية على أبناء غزة، الذين دفعوا دون سواهم ثمن الكوارث الاجتماعية والجغرافيا والجيوسياسية.
فبعيدًا عن الجوانب السياسية والدبلوماسية، تطرق العريضي إلى ضرب اسرائيل القوانين الدولية بعرض الحائط، واسترسالها بسفك الدماء والتدمير الممنهج في غزة، كما لم يحصل في كل الحروب التي مرت على فلسطين المحتلة، وتحديدا في الصراع بين حماس وإسرائيل.
يؤكد العريضي ان ما نتج عن عملية الطوفان الأقصى ما زال موضع نقاش وتقييم، إذ ان الحرب في غزة لم تنته بعد وان كان يظهر جليا أن إسرائيل الرابح الأكبر في هذه الحرب، قد انتهت من غزة ومن قيادات حماس.
أما في الداخل اللبناني، يقول العريضي: “لا شك أن عملية الطوفان الأقصى وبفعل المشاغلة والمساندة قد تركت تداعياتها على لبنان، إن كان من ناحية الانقسام السياسي العامودي بين معظم الأطراف، وصولًا إلى ما لحق بالبلاد من دمار وقتل وتهجير”.
ويضيف: “الإنهيار الاقتصادي والسياحي وكل مرافق الدولة ومؤسساتها سيرتّب فواتيرًا باهظة على البلاد، خاصة على صعيد إعادة إعمار ما تهدم، فالوضع السياسي اليوم يختلف عن ما سبق مع الدول العربية والخليجية تحديدا، التي باتت تفرض شروطها، ما يعني أن لبنان قد تلقف هذه التداعيات سلبيا على مختلف الأصعدة، وهذا ما سنشهده في المراحل القادمة.