العقرب – ديمقراطيا نيوز
لا افق واضح ولا وقت محدّد لانتهاء الحرب العدوانية التي تشنها اسرائيل على لبنان واللبنانيين.. آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى فضلًا عن الخسائر الإقتصادية المباشرة وغير المباشرة والتي ستبلغ أرقامًا قياسية سوداوية مع الدقيقة الأولى الأولى لسريان وقف اطلاق النار..هذه الحرب التي كان البعض على عكس ما يشاع اليوم لا يتنبأ اندلاعها بهذا الحجم وبتلك الضراوة والوحشية الا قبل شهر على أبعد تقدير من بدايتها.. وذلك ، حين بدأت نتيجة زيارات هوكشتاين وغيره من الموفدين الرسميين الأجانب والعرب تتسرب معطيات حقيقية تستند على معلومات سياسية ومخابراتية وليس توقعات “ليلى عبد اللطيف” تفيد ان الجانب الاسرائيلي لن ينتظر التفاوض الدبلوماسي و أخذ القرار بشن حربه على لبنان بحسب التوقيت الذي يحدّده..
و عليه ، انطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بوضع تصوّره لكيفية مواكبة هذه التحديات وفق محاذير واضحة:أولًا – انه يرأس حكومة تصريف أعمال ، و معلومة هنا لا بد من ذكرها ، ان بعض الوزراء الذين ينتمون للتيار الوطني الحرّ لا يشاركون حتى الآن في جلسات مجلس الوزراء رغم كل الويلات والدمار الذي يلحق بلبنان لأسباب سياسية وفئوية بحتة؟!!.. ثانيًا- عدم تمتع الحكومة و معها كل الشرعية اللبنانية بأي سلطة على الطرف المواجه للعدو الإسرائيلي او القدرة حتى على ضبط ايقاعه او توقيفه عند حدود معينة ترى فيها الحكومة مصلحة وطنية.. و هو الأمر الذي أشار اليه ميقاتي في تصريح شهير له قبل اندلاع الحرب و جرى انتقاده عليه بشدة ، ليكتشف بعدها الجميع صدق ما يدّعيه !..
لذا ، اتخذ ميقاتي القرار بتشكيل لجنة طوارئ برئاسة وزير البيئة ناصر ياسين لبدء التحضيرات لمواكبة امكانية اندلاع الحرب ونتائجها مع ميزانية مالية لا تسعف لإنقاذ مئات الأشخاص على امل اما ان لا تندلع الحرب او عندها انتظار الأموال و المساعدات الإغاثية الخارجية و هو ما يحصل الآن تمامًا.. لذلك شهدنا على التقصير الذي اعتذر عنه ميقاتي نتيجة التدفق الهائل للنازحين الى بيروت و باقي المناطق اللبنانية الآمنة حينها ، و الذي قدر منذ الأيام الأولى للحرب بمئات الآلاف !!..
من جهة أخرى ، أدار ميقاتي محركاته الدبلوماسية ، فأجرى عشرات الإتصالات العربية و الدولية ، و استقبل الموفدين من هنا و هناك في محاولة منه لتهدئة الأمور و عدم جرّ بلاده الى اتون الحرب المجنونة.. سافر الى نيويورك والى عمّان و سيغادر خلال الساعات القليلة المقبلة الى فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية و قد يعرّج على القاهرة او الدوحة او اي بلد عربي آخر..
لكن ميقاتي يعلم بحنكته وخبرته السياسية بأن حرب لبنان ٢٠٢٤ تختلف عن حرب ٢٠٠٦ ، فلا المعطيات المتعلقة بإسرائيل و نظرة الخارج لها هي نفسها ، ولا العلاقات الإقليمية و الدولية هي ذاتها ، ولا حتى علاقة لبنان بباقي دول المنطقة بقيت على حالها ، يكفي اننا لم نشهد لغاية اليوم على اي وقفة احتجاجية شعبية او رسمية ، عربية او اجنبية ضد الإجرام الإسرائيلي بحق لبنان حتى نعلم ما وصلنا اليه!!..
لذلك كله الدبلوماسية مع ضرورتها لا تكفي ، والسفرات الخارجية مع حاجتها لا تفي بالغرض.. المطلوب اليوم قرار .. قرار وقف اطلاق النار ، يتم وضع مكوناته و طبخه و انضاجه و كل ما يسبق ذلك او يليه مجرّد تفاصيل !..
نقطة أخيرة ، هذا القرار لا يُصنع في السراي الحكومي او فردان او طرابلس!..