بقلم هند هاني
أصبح هوس التيك توك وركوب الترند ظاهرة سلبية اقتحمت المجتمع المصري، و قد تأثر العديد من الأشخاص بتقليد البلوغرز الذين يقدمون محتوي غير هادف و خاصة فئتيّ الأطفال و الشباب، فلماذا يسعى هؤلاء لفعل كل ما هو غير أخلاقي و هادم للقيم و المبادئ المصرية؟..
هل من أجل زيادة جذب المشاهدين و المتابعين للتفاعل معهم بهدف كسب الأرباح من تقديم التفاهات ، تحت ما يسمى “انفلونسر”؟..
ويبدو ان المجتمع نفسه سبب رئيسي وراء ظهورهم و أن يتحولوا في نظر أنفسهم أبطال ، عوضًا من تجاهلهم و محاربتهم بشتى الطرق الممكنة بهدف القضاء عليهم تمامًا.
و قد تحوّل تطبيق “تيك توك” الى عمل أساسي لكل من ليس لديه وظيفة ، فتخرج علينا نماذج كثيرة سلبية و أشخاص يقومون و يتلفظون بكل ما هو خارج و فاحش ويخالف او يعاكس قيمنا الأخلاقية ، و منهم من يصورون كل تفاصيل حياتهم الشخصية و يستعرضونها عبر بث مباشر حتى إختفى لديهم مصطلح الخصوصية، لا بل البعض من كثرة هوسه بالشهرة و المال يصورون أنفسهم من غرف النوم و بملابس جريئة و يفعلون كل ما هو شاذ و غريب بهدف ان يتحولوا الى حديث العامة و تصدّر ما يُعرف هذه الأيام ب”الترند”!!..
للاطلاع أكثر على هذا الموضوع الخطير ، أجرى “ديمقراطيا نيوز” حوارًا مع الطبيبة المصرية ” رشا الجندي” أستاذة الصحة النفسية و التربية ، لنعرف ما هي التأثيرات السلبية للتيك توك؟، و المقترحات لحل هذه الآفة الخطيرة، وطرق علاجها، و التحليل النفسي “للبلوغرز” الذين يقدمون محتوى خادش للحياء ، و كيف تحمي الأسرة أبناءها في ظلّ هذه الظاهرة الخطرة؟..
تقول الدكتورة ” الجندي”، أن تطبيق “التيك توك” والهوس به لا يسبب انفصام الشخصية، ولكنه أحد العوامل البيئية للأشخاص الذين لديهم إستعداد وراثي للأمراض النفسية ، فانفصام الشخصية، هو عبارة عن مرض، لأن الإنسان ينفصم عن الواقع تمامًا، ويكون عبارة عن هلاوس وضلالات نتيجة تعرضه لضغوطات كثيرة جدًا في الحياة، وإذا كان المصاب بهذا المرض يتعرض أيضًا للتيك توك فهو بالفعل معرض للدخول في أي مشكلة نفسية نتيجة ما يراه على هذا التطبيق!..
التأثيرات السلبية للتيك توك على فئتي الأطفال و الكبار
و تابعت أن التأثيرات السلبية للتيك توك على فئتي الأطفال و الكبار، يرجع على حسب طريقة الاستخدام له، ولكن في حال استعماله بشكل صحيح كجزء فقط من يومهم فهذا ليس فيه أي مشكله، و الأطفال الذين يتابعون محتوى هادف في السن المناسب لكل مرحلة عمرية مناسبة لهم و ليس أكبر من سنهم و تحت متابعة و اشراف أهلهم و متأكدون أنه ليس به أي أضرار عليهم، في هذه الحالة فقط لا يسبب أي مشكلة لهم.
أما الأطفال الذين يشاهدون أشياءا تفوق سنهم الطبيعي و غير مناسبة، قد يسبّب لهم ذلك مرض “النقوص” فيشعرون أنهم كبار و لم يعيشوا سن الطفولة و ليس لديهم خبرات كاملة ، لذلك تظهر لديهم المشكلات الإجتماعية في المستقبل ، و المشكلات النفسية بسبب عدم تعرّضهم للشمس و الإنطلاق في الطبيعة و ممارسة هواياتهم المختلفة.
أما الأشخاص الكبار يكون لديهم “المراهقة المتأخرة”، حيث يجب على كل فرد أن يعيش كل مرحلة عمرية في حياته بكل عيوبها و مميزاتها و تكمن الخطورة فقط في إستخدامه بشكل خاطئ مثل الأشخاص الذين يستخدموا “التيك توك” طوال اليوم و يعتمدون عليه بشكل أساسي و دائم كمصدر دخل و التواصل مع الآخرين.
مع مرور الوقت ، و في ظلّ الاستمرار بهذا الوضع السيء سوف يتعرضون لمشكلة في مهارات الإتصال و التواصل مع العالم الواقعي من الناحية النفسية، وأيضًا الإحساس الدائم بالوحدة مهما تعدد كثرة الأشخاص من حوله ، لأنه بالفعل تعوّد عليطى التواصل مع الآخرين إفتراضيًا فقط، وسوف تزداد هذه المشكلة مع الإفراط في إستخدامه، و في هذه الحالة لن يستطيع التواصل مع الأشخاص على أرض الواقع ، و سيشعر أيضًا بالنقص العاطفي ولن يعرف مع مرور الوقت حتى كيفية التواصل مع عائلته ، لأنه لم يتعوّد على التواصل بالحواس الكاملة ، وهي أن ترى الإنسان في الواقع و تتحدث معه وجهًا لوجه وتلمسه و تسمعه!!..
اختفاء دور المدارس والجامعات والإعلام من أجل التوعية.
وأوضحت “الآن في العصر الذي نعيش فيه أصبحنا نري أن الإعلام يسلط الضوء على هذه الفئة من البلوغرز الذين لا يقدمون محتوي هادف من خلال البرامج التي تستضيفهم، وأيضًا يستضيفون الأشخاص المشاهير من تطبيق “التيك توك” من أجل التمثيل في الأفلام والمسلسلات ، و هذا بالفعل يقضي على كل ما تحاول ان تفعله الجهات الأخرى التي تسعي لمحاربة ما يجري و القضاء على هذه الفئة التي تهدم مبادئ و أخلاقيات المجتمع. بل و نشاهد أن الفنانين و الشخصيات العامة و المعروفة تتحدث عن هذه الفئة و تعطي لهم أيضًا الإهتمام ، اضافة الى ان صُناع المحتوى الدرامي أو السينمائي الذين يقدمون لهم الدعم ، كل هذا يشجعهم على المضيّ قدمًا في ما يفعلونه لا بل و “تطويره” من سيء الى أسوء .
أرباح التيك توك وهوس الشهرة.
وأكدت ” الجندي ” أن الفكرة الأساسية بالنسبة لهم أن هذا التطبيق يحصلون من خلاله مال وافر ، وهو غير مؤمن في الوظائف العادية ، لذلك لن يتوقفوا مطلقًا عما يفعلونه ، لأن هذا العمل يؤمن لهم في نفس الوقت الدخل المادي و الشهرة دون الإهتمام بانعكاساته السلبية على مجتمعهم!..
لذلك على المجتمع تجاهلهم تمامًا، لأن “البلوغرز” لا يمكنه وحده الوصول الى العموم وتصدر “الترند”!..