بقلم رفال صبري
مع عودة فصل الشّتاء تتزايد معدّلات الإصابة بالإنفلونزا وتنتشر فيروسات الجهاز التنفسي أكثر فأكثر بسبب الرطوبة وبرودة الطقس، كما ويسهّل انتشارها الإزدحام والتواجد ضمن مجموعات في الأماكن المغلقة.
وفي ظلّ ظهور فيروسات عديدة متأتية من دول الخارج، ومتحورات جديدة لفيروس كورونا، بالإضافة إلى الإنفلونزا الموسمية يختلط الحابل بالنابل خصوصًا وأنّ هذه الأخيرة كلّها تتشابه بالأعراض كونها تندرج جميعها ضمن الأمراض التنفسية والصدرية.
بدايةً لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإنفلونزا أو ما يُعرف بفيروس “H1N1” باتت منذ العام 2010 إنفلونزا موسمية ولم تعد تسمى انفلونزا الخنازير وفقًا لوزارة الصحة.
أمّا “أر أس في” أو فيروس الجهاز التنفسي المخلوي Respiratory Syncytial Virus، فهو غالبًا ما يصيب الأطفال والصغار وينتشر في المدارس والحضانات لكنّه قد ينتقل كذلك إلى الكبار.
وصولًا إلى فيروس كورونا الذي لم يسأم بعد ولا زال بيننا قد نصاب به مع أو بدون أعراض دون أن ندري.
يشير د. “عبد القادر محمّد عكاري” اختصاصي في الأمراض الصدرية والعناية الفائقة في مستشفى المقاصد – بيروت في حديثٍ إلى “ديموقراطيا نيوز” إلى أنّ أوجه الشبه بين هذه الفيروسات هي أنّها كلّها قد تؤدّي إلى إلتهاب رئوي، إرتفاع في درجة الحرارة واعتلال في الأوعية الدموية في القلب، صعوبة في التنفس، الشعور بالتعب، إنسداد بالأنف وأحيانًا سيلان، ألم في المفاصل وانحطاط، صداع، غثيان، إسهال وغيرها…
أمّا من حيث الإختلاف فإنّ الإنفلونزا بنوعيها “أ” و”ب” تنتمي لأسرة مختلفة عن كوفيد-19، وفترة احتضان الفيروس فيها متفاوتة أيّ أنّ أعراض فيروس كورونا تبدأ بعد يومين إلى 12 يوم، أمّا الإنفلونزا تبدأ من 3 إلى 5 أيّام…
يضيف”عكاري” إنّ علامات التميّيز بين الأنفلونزا، “أر سي في” وكوفيد-19 تتمثّل في أنّ الأخير يؤدّي في بعض الحالات إلى سرعة في تجلطات الدم قد تؤدي بدورها إلى إحتشاء في عضلة القلب أو في الدّماغ، وإنسداد رئوي… قد تؤدي إلى متلازمة الضائقة التنفسية الحادة، فشل في الأعضاء، اضطراب في دقات القلب، سكتة دماغية وهذه علامات خاصة بفيروس كورونا وغير شائعة في الفيروسات الأخرى.
في حين أنّ الانفلونزا قد تتسبب بعدوى بكتيرية ناتجة عن الإصابة الفيروسية، انحطاط، وصداع كذلك الأمر بالنسبة ل “أر سي في” الذي يصيب غالبًا الأطفال من عمر شهرين وما فوق ويسبب إلتهابات في قواعد الرئة بشكل أساسي وقد يتم تشخيصه عبر الفحص السريري.
التفريق بين هذه الفيروسات يكون عبر الفحص لأنّ الأعراض تتشابه كثيرًا ويصعب التشخيص من خلال الأعراض فقط إلا في حالاتٍ قليلة.
يردف “عكاري” فيما يتعلّق باللّقاحات، فإنّ لقاح كوفيد-19، قد أثبت مبدئيًّا قدرته على تخفيف الأعراض المصاحبة وتقليل مدّة العزل وتجنب الدخول إلى المستشفيات رغم أنّه لا يزال حديثًا، على عكس لقاح الإنفلونزا الذي مرّ عليه وقت طويل وخلال هذه الفترة أثبت فاعلية كبيرة في الحدّ من مظاهر الزكام لا سيّما لدى الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة.
وانتقالًا إلى مرحلة العلاج التي غالبًا ما تتمثل بعلاجات من متناول اليد “OTC Treatments” لا سيما المرضى الذين لا يعانون من أي أمراض مزمنة يتوجهون نحو الصيدلي لتلقي العلاج اللازم.
في هذا الصدد تشير الصيدلانية “مروة سالم”، إلى أنّ الخطوة الأولى في الوقاية من الفيروسات التنفسية التي تندرج ضمن نفس الفئة هي تلقي لقاح الزكام وهذا أمر روتيني يجب تكراره كلّ عام قبل بداية فصل الشتاء، ومن الواجب أن يتلقاه الجميع لكن بطبيعة الحال هناك إختلاف في الآراء حوله فالبعض يعتقد أنّ اللقاح له آثار جانبية وأضرار على جسم الإنسان لكن الحقيقة أنّه عبارة عن فيروس غير فعال يشبه إلى حدّ كبير سلالات متعددة من الفيروس الرئيسي يتعرّف عليه الجسم ويقوم بتكوين الأجسام المضادة ويحميه من خلال التصدي لأي أجسام مشابهة.
تضيف “سالم”، في الوقت الحالي يتردّد إلى الصيدلية عدد كبير من المرضى الذين يعانون من أعراض الجهاز التنفسي والزكام، في البداية ننصح المريض بإجراء فحص ال “PCR” للتأكد من نوع الفيروس إذا كان كوفيد 19 أو غيره، ومن ثمّ البدء بالفيتامينات والمعادن البديهية وأدوية الباراسيتامول وتوابعها ويجب الحرص على عدم تناول أدوية الالتهاب في حالات الإصابة بالفيروسات وهذا خطأ شائع لأنّ أدوية الالتهاب لا تقتل الفيروس بل تساعد فقط في حالات الالتهابات الرئوية التي سببها فيروس معين على سبيل المثال.
على الرّغم من أنّ هذه الفيروسات في كثيرٍ من الأحيان تتلاشى من تلقاء نفسها بعد فترة احتضان المرض، لكنّ إهمال علاج الأعراض المصاحبة لها قد يؤدّي إلى مضاعفات وخيمة بدورها قد تصبح أمراضًا مزمنة!
