قيادة الجيش بين التمديد والتجاذبات السياسية حبيش: اقتراح الجمهورية القوية لن يمر ولن يتم البتّ به مالك : دمج الاقتراحات القانونية ليس محل اعتراض

بقلم تيريزا كرم

مع اقتراب انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون في كانون الثاني المقبل، تشتد النقاشات حول آلية التمديد له. و بينما دفع تكتل “الجمهورية القوية” باقتراح قانون لرفع سن تقاعد قائد الجيش حصراً، تطالب كتل أخرى بتوسيع التمديد ليشمل قادة الأجهزة الأمنية كافة أو الضباط من رتبة عميد و ما فوق.

في ظل هذا التجاذب، يترقب الجميع موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي لم يحسم قراره بعد، وسط ضغوط تدفع نحو تمديد ولاية العماد عون تفادياً لفراغ يهدد استقرار المؤسسة العسكرية.

في هذا الإطار، استطلعت “ديمقراطيا نيوز” رأي كل من أمين سر تكتل “الإعتدال الوطني” النائب السابق هادي حبيش و أمين سر تكتل “الجمهورية القوية” المحامي سعيد مالك للوقوف عند أبعاد هذا الملف الشائك.

تمديد شامل لقادة الأجهزة الأمنية: مناقشات و اقتراحات جديدة

يؤكد النائب السابق هادي حبيش أن تكتل”الاعتدال الوطني” بصدد مناقشة داخلية للتقدم باقتراح قانون يهدف إلى تمديد ولاية قادة الأجهزة الأمنية، بما في ذلك قائد الجيش، مدير عام قوى الأمن الداخلي، ومدير عام الأمن العام. يأتي هذا الاقتراح في سياق مشابه لاقتراحات سابقة، مع التأكيد على شمولية التمديد لتشمل جميع الضباط في الجيش والمؤسسات الأمنية من رتبة عميد وما فوق، بمن فيهم المحالون إلى التقاعد في عامي 2023 و 2024 و من سيحالون بعد ذلك، تحقيقاً لمبدأ المساواة وشمولية القوانين.

وعند سؤاله عن اقتراح قانون الذي تقدمت به “الجمهورية القوية” سابقًا وحاليًا و الذي يهدف الى تمديد ولاية قائد الجيش حصراً، يوضح حبيش أن كتلة “الاعتدال الوطني” تقدمت حينها باقتراح يشمل قادة الأجهزة الأمنية كافة، وتم تمرير اقتراحها. ويعلّق حبيش قائلاً: “اقتراح الجمهورية القوية لن يمرّ و لن يتم البتّ به”.
و يشير إلى أن الرئيس نبيه بري أكّد بدوره عدم السير به، حيث ترى معظم الكتل السياسية ضرورة أن يحمل أي اقتراح طابع الشمولية.

أهمية اقتراح التمديد

يشدّد حبيش على أهمية اقتراح التمديد في ظل غياب رئيس للجمهورية، حيث لا يمكن تعيين قادة جدد للمؤسسات الأمنية. موضحًا أن الفراغ في المؤسسات الأمنية غير ممكن، وبالتالي يُعدّ التمديد حلاً مؤقتاً إلى حين انتخاب رئيس جديد.

وحول معارضة “التيار الوطني الحر” للتمديد، يوصف حبيش هذا الموقف بـ”حقهم”، مشيراً إلى أن الخلاف يبدو ذا طابع شخصي بين “التيار” وقائد الجيش الحالي.

وفيما يتعلق بمصير اقتراح كتلة “الاعتدال الوطني”، يكشف حبيش أن الاتصالات مع الكتل السياسية تسير بإيجابية، وأنه من المرجح تمرير الاقتراح بين أواخر تشرين الثاني و أوائل كانون الأول من العام الحالي.

أما عن قانون العفو الذي سبق أن تقدمت به كتلة “الاعتدال الوطني” ولم يُقرّ، فيوضح حبيش أن الكتلة أعادت دراسة القانون لمعرفة ما إذا كان سيتم طرحه مجدداً. ويشمل النقاش الحالي خفض مدة السنة السجنية من 9 إلى 6 أشهر. مشيرًا إلى أن الاكتظاظ الكارثي في السجون، خاصة بعد نقل معظم السجناء من الجنوب و البقاع إلى مناطق عكار و جبل لبنان، يتطلب حلولاً عاجلة.

في الختام، يؤكد حبيش أن هذه الملفات تشكل أولوية بالنسبة لكتلة الاعتدال الوطني، وأن هناك سعياً جاداً لمعالجة القضايا المطروحة بما يخدم المصلحة العامة.

من جهته ، يؤكد الخبير الدستوري سعيد مالك، أن تكتل “الجمهورية القوية” قد تقدم باقتراح قانون معجل مكرر بمادة وحيدة يهدف إلى التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، نظراً إلى قرب انتهاء ولايته. و يضيف أن كتل نيابية أخرى قدمت مقترحات مشابهة، مما يفتح الباب أمام إمكانية دمج هذه الاقتراحات للخروج بصيغة موحدة تُطرح للتصويت في مجلس النواب.

مالك يشير إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري هو صاحب الصلاحية لدعوة المجلس إلى جلسة تشريعية لإقرار هذا التعديل، موضحاً أن “الجميع بانتظار قرار بري في هذا الصدد، إذ لا يمكن السير بأي خطوة دون دعوته لانعقاد الهيئة العامة”. ويضيف: “اقتراحات القوانين جاهزة، وكذلك مظلّة التوافق لتأمين النصاب بحال تمّت الدعوة”.

ويؤكد مالك أن تكتل “الجمهورية القوية” يجري تواصلاً مستمراً مع مختلف الكتل النيابية، بما فيها كتلة “الاعتدال الوطني”، سعياً لتحقيق المصلحة الوطنية العليا. وبيّن أن دمج الاقتراحات القانونية ليس محل اعتراض من التكتل إذا كان الهدف تحقيق الصالح العام.

التمديد الشامل أم الجزئي؟

و رداً على سؤال حول موقف “الجمهورية القوية” من مقترح كتلة “الاعتدال الوطني” الذي يطالب بتمديد يشمل جميع قادة الأجهزة الأمنية وليس قائد الجيش فقط، يوضح مالك أن الأولوية من وجهة نظر التكتل تنصبّ على قيادة الجيش، نظراً لقرب انتهاء ولاية العماد عون، بينما لا يزال أمام قادة الأجهزة الأمنية الآخرين متسع من الوقت لمعالجة مسألة التمديد لهم. و مع ذلك، أكد أنه إذا تمّ الاتفاق على تمديد يشمل الجميع، فإن “الجمهورية القوية” لن تكون معارضة لهذا الطرح.

الفراغ الرئاسي وتداعياته

و في ظلّ استمرار حكومة تصريف الأعمال والفراغ في موقع رئاسة الجمهورية، أوضح مالك أن تعيين قائد جديد للجيش يبدو مستحيلاً حاليًا ، نظراً لأن رئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للدفاع والمسؤول عن تعيين قائد الجيش. و يتابع: “إذا وصلنا إلى العاشر من كانون الثاني دون قائد للجيش، فان المؤسسة العسكرية قد تكون مهددة بالانقسام و الفوضى، و هو أمر لا يمكن القبول به نظراً لأهمية الجيش اللبناني كضامن للاستقرار”.

مواقف غامضة وثقة بالرئيس بري

مالك يلفت إلى أن مواقف الثنائي الشيعي ، بما في ذلك موقف الرئيس بري، لا تزال مترددة وغامضة حيال هذا الاقتراح. ومع ذلك، أبدى ثقته بحكمة بري وقدرته على اتخاذ القرار الصحيح، مشيراً إلى أن “الرئيس بري يدرك تماماً خطورة الوضع، والجيش اللبناني يحتاج إلى دعم وتثبيت القيادة في هذه المرحلة الدقيقة”.
في الختام، يشدد مالك على أن تأمين استمرارية قيادة الجيش يُعد أولوية وطنية في ظل الأزمات الحالية، داعياً جميع الأطراف السياسية إلى تغليب المصلحة العامة على الخلافات.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: