بقلم جنى دبليز – ديمقراطيا نيوز
تزهو الفيحاء من جديد لتشهد ولادة حقبة جديدة مليئة بالازدهار، فتطوي بذلك صفحة الماضي العسير وتنتفض على ظلام كان يرغب في فرض العزلة عليها، حتى وصل بها الحال إلى حد الانقسام عن سائر المناطق.
ورغم تقلبات الأوضاع الأمنية و الاقتصادية الحادة، يواصل عدد من المستثمرين من أبناء المدينة العمل على زيادة استثماراتهم ، ليجنوا ثمار صبرهم. و قد أسهم نجاحهم في جذب مستثمرين جدد، خاصة في قطاع الخدمات.
تنتعش المدينة اليوم بسلسلة من المحال التجارية و المقاهي و المطاعم المتنوعة التي تعكس روح الإبداع و العصرية ، مما يبرز سحرها الخاص و يتناغم مع إتقان و حرفية شبابها. فهي تحمل قصص نجاح تستحق أن تُسلط عليها الأضواء، و تعد مثالاً على قدرة المدينة على النهوض و تحدي الأزمات.
من أبرز هذه المشاريع افتتاح فروع لعدد من أهم سلاسل المقاهي اللبنانية (Franchise) في طرابلس.
و في حوار خاص مع “ديموقراطيا نيوز”، تحدث كل من المهندس يحيى مولود ، شريك في “كافيه يونس” بطرابلس، و الأستاذ أديب جروس، شريك في “Vee Coffee Shop” بطرابلس، عن مشاريعهما وأسباب استثمارهما في المدينة. حيث يصف مولود طرابلس بأنها “مدينة غنية بتاريخها وثقافتها، وتتمتع بقدرات كبيرة على النمو في مجال الأعمال ، فضلاً عن موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يجعلها حلقة وصل بين العديد من المدن المجاورة، مما يزيد من جاذبيتها للاستثمار.” ويضيف: “إن الاستثمار في طرابلس يسهم في تنمية المجتمع المحلي ويوفر فرص عمل لسكان المنطقة.”
أما جروس، فيعرب عن ارتباطه العاطفي بالمدينة، قائلاً: “حبي العميق وتعلقي الشديد بطرابلس، وإيماني بأنها مدينة تنبض بالحياة ولا تموت، كان دافعاً رئيسياً للاستثمار فيها، كرد للجميل الذي قدمته لي ولعائلتي.”
وفيما يتعلق بنوعية المواد الخام المستخدمة في مشاريعهما، سواء كانت محلية أم مستوردة، يعلّق مولود قائلاً: “نحرص على استخدام المكونات المحلية كلما أمكن ذلك، دعمًا للاقتصاد المحلي وتشجيعًا للمنتجين في المنطقة. نختار بعناية المنتجات عالية الجودة، ونلجأ إلى الاستيراد استثنائيًا فقط عندما لا توافي المكونات المحلية الجودة المرجوة.”
بينما يجيب جروس بإيجاز: “حرصًا منا على تلبية معايير الجودة، اضطررنا إلى استيراد معظم المواد الخام المستعملة في عملياتنا، لاسيما القهوة، التي يتم طحنها محليًا.”
أما فيما يتعلق بالمعايير المعتمدة في عملية التوظيف، يوضح مولود: “نعتمد في آلية التوظيف على معايير تشمل الكفاءة، الخبرة، والالتزام بالقيم والأهداف التي نسعى لتحقيقها في مشروعنا.” ويضيف: “لقد وجدنا إقبالًا إيجابيًا من أبناء المنطقة، خاصة أن غالبيتهم يملكون الحماس والرغبة في العمل. لذلك، نعتز بمنح فرص العمل للشباب والشابات في طرابلس، ونسعى لتطوير مهاراتهم عبر برامج تدريبية مستمرة.”
تتطابق إجابة جروس مع سلفه، حيث يقول: “نحن من المنحازين إيجابيًا إلى توظيف اليد العاملة اللبنانية حصراً، إذ أن غالبية موظفينا ينتمون إلى فئة الشباب الجامعيين، الذين يعملون بدوام جزئي بالتوازي مع دراستهم، أو أولئك الذين تخرجوا حديثًا.”
وعن تقييمهما لنجاح مشروعهما وأبرز المعوقات التي واجهوها، يتفق الرجلان على الإجابة عينها، حيث أعربا عن امتنانهما لما حققوه حتى اليوم، مع سعيهما المستمر لتحقيق المزيد من النمو. كما أكدا التزام كل من المشروعين بتقديم تجربة فريدة لزبائنهما، رغم التحديات الكبرى، أبرزها الأزمة الاقتصادية المريرة التي أدت إلى ارتفاع تكاليف التشغيل.
وفيما يتعلق بمميزات تجربة مشاريعهما والخدمات أو الوصفات الجديدة التي يقدمانها، يقول مولود: “نحرص دائمًا على تقديم تجربة استثنائية لزوارنا من خلال ابتكار وصفات محلية مبتكرة. على سبيل المثال، ابتكرنا الركوة الطرابلسية التي تتناغم مع ذوق الطرابلسيين، وذلك بعد دراسة دقيقة للرائحة والطعم، بالإضافة إلى استشارة الأقدمين والاستفادة من آرائهم. كما نحرص على تقديم خدمات متجددة تواكب احتياجات الزبائن.”
ويضيف: “نواصل إضافة خيارات جديدة إلى قائمة الطعام بما يتناسب مع أذواق الزبائن وتلبي احتياجاتهم، ونعمل جاهدين لتحسين تجربتهم من خلال تقديم خدمة عالية الجودة وأجواء ترحيبية تجعلهم يشعرون وكأنهم في منزلهم.”
أما جروس، فيجيب : “تتميّز أجواؤنا بالسكينة و راحة البال، و نحن حريصون دائمًا على تجديد العروض في كل موسم، خاصة من خلال استخدام المكوّنات في موسمها الزراعي، بما يتناسب مع تغيّر أذواق و احتياجات زبائننا. كما أضفنا مؤخرًا إمكانية الاستمتاع بالنرجيلة.”
وختامًا، تتميّز هذه المشاريع بدورها الفاعل في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي والمساهمة في تعزيز استدامة المجتمع الطرابلسي.
فهل تسير طرابلس في طريقها لتصبح قطبًا استثماريًا على مستوى لبنان؟