بقلم تيريزا كرم
مع اشتداد الحرب على لبنان وتصاعد العدوان الإسرائيلي، تزداد الأضرار التي يتكبدها الوطن يومًا بعد يوم، في ظل غياب أي أفق لحل سياسي أو اتفاق لوقف إطلاق النار، حتى بعد زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت. الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، التي طالت منطقة البسطة في قلب العاصمة، أعادت فتح ملف الخسائر الاقتصادية والإنسانية التي تُثقل كاهل البلاد.
وبينما تتباين تقديرات الأضرار بين مختلف الجهات، أعلن البنك الدولي أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب الإسرائيلية بلغت حوالي 5.1 مليار دولار، منها 3.4 مليار دولار ، حيث طالت الأضرار نحو 100 ألف وحدة سكنية بشكل كلي أو جزئي.
في هذا السياق، أجرى “ديموقراطيا نيوز” مقابلة مع محمد شمس الدين، الباحث في “الدولية للمعلومات”، الأرقام لنناقش معه ونستفسر منه حول حجم الخسائر الاقتصادية والإنسانية التي تكبدها لبنان، وتقديراته لتكلفة إعادة الإعمار، مع تسليط الضوء على التحديات التي تواجه البلاد في ظل استمرار العدوان.
يؤكد شمس الدين، أن مقارنة خسائر حرب تموز 2006 بالحرب الحالية ليست دقيقة، حيث إن حرب إسرائيل الحالية على لبنان أكثر شراسة وما تزال مستمرة، بينما استمرت حرب تموز 2006 لمدة 33 يومًا فقط.
الأضرار والخسائر :
يشدّد شمس الدين على أن الخسائر المباشرة و غير المباشرة في حرب تموز 2006 قدرت بحوالي 5.3 مليار دولار، في حين وصلت الخسائر الحالية، حتى 15 تشرين الثاني 2024، إلى 11.2 مليار دولار، أي ضعف تلك المسجلة في 2006. ويوضح أن الحرب الحالية تنقسم إلى مرحلتين:
المرحلة الأولى (من 8 تشرين الأول 2023 إلى 16 أيلول 2024): كانت الخسائر خلالها تُقدر بـ3 مليارات دولار.
المرحلة الثانية (من 17 أيلول إلى 15 تشرين الثاني 2024): شهدت تصاعدًا في الخسائر لتبلغ 8.2 مليار دولار إضافية، ليصبح الإجمالي 11.2 مليار دولار.
البنية التحتية والمساكن :
يشير شمس الدين إلى أن خسائر البنية التحتية في حرب 2006 كانت أكبر نسبيًا مقارنة بالحرب الحالية، لكن خسائر المساكن المدمرة سجلت أرقامًا أعلى الآن، إذ بلغت 5 مليارات دولار مقارنة بـ2.2 مليار دولار في 2006. كما أوضح أن “الدولية للمعلومات” تواصل متابعة الغارات وتقدير الأضرار، إلا أن الأرقام ليست نهائية بسبب استمرار العدوان.
إعادة الإعمار :
فيما يخص إعادة الإعمار، يقول شمس الدين إن التكلفة تُقدر بحوالي 5 مليارات دولار لإعادة تأهيل المساكن المدمرة كليًا أو جزئيًا، لكنه يضيف أن تحديد التكاليف النهائية يعتمد على مدة الحرب وتوقفها. ويؤكد أن الدولة اللبنانية غير قادرة بمفردها على تحمل هذه التكاليف، مع وجود تساؤلات عن الجهة التي ستتولى عملية إعادة الإعمار (مثل مجلس الجنوب، الهيئة العليا للإغاثة، أو صندوق للمهجرين).
الاقتصاد والزراعة :
الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة: وصلت إلى حوالي 3.86 مليار دولار منذ بدء الحرب، مع تراجع الاقتصاد اللبناني بنسبة 50% بعد 16 أيلول 2024، حيث أغلقت مؤسسات وانخفضت عائدات بعضها بنسبة 80%.
القطاع الزراعي: تكبد خسائر تقدر بـ900 مليون دولار.
أرقام متباينة :
يؤكد شمس الدين أن تضارب الأرقام المنشورة حول الخسائر يعود إلى خلفيات الجهات المعلنة، فبعضها قد ينشر أرقامًا منخفضة أو مرتفعة لأغراض سياسية أو للحصول على دعم دولي. وأضاف أن “الدولية للمعلومات” تنشر الأرقام الأقرب إلى الدقة بناءًا على تقديرات واقعية ولكن طبعاً غير نهائية.
الأولويات :
يشير شمس الدين إلى أهمية وضع خطة لإعادة الإعمار تعتمد على الأولويات، مثل إصلاح الأضرار الطفيفة التي يمكن معالجتها خلال أسابيع أو أشهر، والبدء بترميم منازل من لا يملكون سوى منزل واحد مدمر. ويشدّد على ضرورة تجنب التهويل والتركيز على الحلول التدريجية التي تسهم في تخفيف المعاناة.