كتبت نوال نصر في “نداء الوطن”:
ليس سراً القول إن نسبة انتشار المخدرات – في لبنان والمنطقة – إلى ارتفاع. هي آفة. إنها علة العلل. متوسط أعمار متعاطي المخدرات إلى انخفاض. وتجارة الكوكايين والكبتاغون والهيرويين “عال العال”. اقتصاد لبنان انهار أما اقتصاد المخدرات فلم يتوقف. مسارا المخدرات الأبرز إلى لبنان هما “معبر المصنع” و”مرفأ صور”. وهناك كميات أقل تمرّ عبر مطار بيروت. فهل توقفت تجارة المخدرات في الشهرين الماضيين عبر المصنع؟ وهل صحيح أن “حزب الله” هو النشط الأول في هذه التجارة بالتنسيق مع النظام السوري؟ هل أعاقت الأحداث الأخيرة تجارة المخدرات لا سيما الكبتاغون؟ وهل بدأ نظام الشام في التخلص من شبكات الكبتاغون مع “حزب الله” كما فعل في أكثر من قطاع كان التنسيق فيه بينهما – في عقدٍ منصرم – في أوجه؟ ماذا عن أحوال المواد الأخرى التي تشكل شريان “الدولار” لكل من “حزب الله” والنظام السوري بعد كل الأحداث التي تشهدها المنطقة وتطال أذرع إيران في المنطقة؟ وماذا عن المسار والمصير الواحد لتجارة المخدرات بين “الحزب” ونظام الأسد؟ ماذا يقول السوريان المتابعان للملف الاقتصادي يونس الكريم والباحث في “جسور للدراسات” عبد القادر علي؟
الجواب على كل هذه الأسئلة واضح كما الشمس “العلاقة بين “حزب الله” والنظام السوري تستمر قوية لجهة تصنيع المواد المخدرة، لكن نظام الأسد يحاول، في الفترة الأخيرة، خلق هامش لنفسه بعيداً عن “الحزب”. وهو، أي النظام، عالم أن قنوات “حزب الله” في تجارة المخدرات في أوروبا قوية جداً، بحسب الكريم، في حين يساهم النظام السوري في توريد المخدرات إلى الخليج العربي، تحديداً إلى السعودية والأردن، وبالتالي يتّكل النظام السوري على “حزب الله” في توريد إنتاج المخدرات التي تصنّع في مختلف المحافظات السورية إلى أوروبا حصراً. في حين يهتم هو أكثر في طرق توريدها إلى الخليج”.
نجح “حزب الله” ونظام الأسد، بحسب كل من يونس الكريم وعبد القادر علي “في تحويل سوريا إلى سوق كبيرة جداً لتجارة الممنوعات والمواد المخدرة. “حزب الله” هو المسؤول الأساسي عن صناعة المخدرات في سوريا وشحنها – بالتعاون مع النظام – إلى دول الجوار والدول الأوروبية، محققاً مبالغ طائلة، يستخدمها في تمويل عملياته العسكرية والحصول على الأسلحة ودفع رواتب عناصره”. وفي التفاصيل “أنه منذ دخول “حزب الله” إلى سوريا للقتال إلى جانب نظام الأسد بدأ العمل على استحداث معامل لإنتاج حبوب الكبتاغون ووسّع نطاق انتشارها إلى منطقة القلمون في ريف دمشق ومدينة القصير في ريف حمص الغربي”.
“لم يكتفِ “حزب الله” في إنشاء معامل الكبتاغون في سوريا بل سيطر على معامل الأدوية لتحويلها إلى معامل ومختبرات لإنتاج الهيرويين والكوكايين والكراك. أبرز تلك المعامل هو معمل السعد للصناعات الدوائية الواقع في قرية المنصورة في ريف حلب، وتعود ملكيته إلى رجل الأعمال السوري سعد الله الكردي، ومعمل دلتا للأدوية وتعود ملكيته إلى فارس الشهابي”.
“استخدم “حزب الله”، بحسب علي والكريم، خطوط إنتاج الشوكولا لإنتاج أجود أنواع حبوب الكبتاغون الأبيض المخصص لدول أوروبية، حيث يتمّ استيرادها من إحدى الشركات الصينية المصنعة لخطوط إنتاج الشوكولا، بموجب صفقات شراء أبرمها معمل “شوكولا ليندا” الواقع في النبطية ويملكه أحمد قبيسي، بدعم مالي يقدمه هاشم الموسوي- وهو شقيق النائب عن “حزب الله” حسين الموسوي”.
يمتلك “حزب الله” “شراكة قوية مع عائلة الأسد لا سيما حافظ منذر الأسد ووسيم بديع الأسد، وشريكه محمد الشمالي الملقب بأبو علي. هؤلاء يملكون معامل لإنتاج الكبتاغون المعدة للتصدير إلى رومانيا وإيطاليا واليونان وذلك في ريف اللاذقية وريف جبلة. يحدث ذلك عبر تجار مخدرات أوروبيين ينسقون مع وسطاء سوريين منهم يونس عبد الوهاب أبو الشامات وهو شريك تاجر المخدرات نوح زعيتر”.
أسماء ومعلومات يجزم بها الباحث والإقتصادي. لكن، كيف يعمل “حزب الله” على توريد المخدرات والحشيش إلى الدول الأوربية؟ جواباً “يعتمد “الحزب” في ذلك على تصدير المواد الغذائية والحمضيات والفاكهة مغلفاً المخدرات داخلها بشكلٍ يحميها من التلف. أما أهم الشركات التي يعتمد عليها “الحزب” في نقل المواد المعدة للتصدير إلى أوروبا فهي شركة “طباخ أخوان للشحن” التي تؤمن الحاويات”.
ماذا عن حراك “حزب الله” اليوم؟
يستمرّ الحزب” في إنتاج كمية ضخمة من الكبتاغون والهيرويين والكوكايين والكراك داخل معامله الخاصة على الأراضي السورية، وهو أقام شراكة مع ميليشيات عراقية في المناطق الشرقية، شرق سوريا، لإنتاج مخدر “الميثامفيتامين (الكريستال)”.
نسأل الاقتصادي يونس الكريم عن تطور العلاقة بين النظام و”الحزب” اليوم؟ يجيب “بعد أن قتل رجال الصفين الأول والثاني في “حزب الله”، حاول النظام السيطرة على أموال “الحزب” في سوريا وعلى المصانع في القصير ودمشق ودير الزور، التي كان يسيطر عليها عناصر من فرقة الرضوان. حاول النظام السوري السيطرة على العصب الأساسي لتمويل “حزب الله”. و”الحزب” يملك موارد مالية أخرى هناك بينها عقارات وشركات صيرفة يحاول النظام إعاقة حرية تصرفه بها”. وفي المعلومات “أن النظام أوقف توريد المخدرات في اتجاه الخليج العربي في الفترة الأخيرة إظهاراً لنواياه الحسنة لكنه باطنياً، أراد شنّ حرب غير معلنة على “حزب الله”. لكن، السؤال هو هل ستجعله الأحداث الأخيرة التي تجري في سوريا اليوم يعود عن قراره؟ جواباً “لا صديق للنظام السوري وأي قرار سيتخذه سينبثق من حاجته إلى “حزب الله” في المستقبل القريب أو عدم حاجته إليه”.
نعود إلى سؤالنا الأول، هل ما زال توريد المخدرات رائجاً عبر معبر المصنع مثلاً؟ نظرياً، عادت الحركة إلى المعبر. واقعياً، تجارة المخدرات لن تتوقف بكبسة زر.