في ظلِّ المرحلة الدقيقة الَّتي يمرُّ بها وطننا الحبيب لبنان، عقد مجلسا نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس بتاريخ 13/12/2024 اجتماعًا مشتركًا للنّقابتين في دار النّقابة في طرابلس برئاسة النَّقيبين سامي مرعي الحسن وفادي مصري وحضور أعضاء مجلسي النّقابتين، ناقش فيه المجتمعون العديد من القضايا النّقابية والوطنيَّة والاجتماعية العامَّة، حيثُ جرى التأكيد على الدور الأساسيّ للنّقابتين في الدِّفاع عن سيادة ودولة القانون والحقوق الأساسيَّة للمواطنين.
وصدر على الأثر البيان الآتي:
أوَّلاً: يُعْربُ المجلسان عن ارتياحهما لوقف إطلاق النار الَّذي دخل حيِّز التنفيذ في 27/11/2024، آملين أن يكون التفاهم الحاصل برعاية دوليَّة وتنفيذ كافَّة بنوده إيذانًا بفتح صفحة جديدة عنوانها انتخاب رئيس للجمهورية وعودة الإنتظام إلى عمل المؤسَّسات الدُّستوريَّة وإعادة بناء الدولة على أُسسٍ صلبة وثابتة.
وإذ ينحني المجلسان أمام تضحيات الشعب اللُّبناني، ويُجدِّدان المواساة لذوي الضحايا والتضامن مع الجرحى والمصابين والمتضرِّرين، ويؤكِّدان على ضرورة تنفيذ القرارات الدَّوليَّة وصون سيادة لبنان وحدوده وعودة النازحين إلى ديارهم وبسط سلطة الدَّولة على كامل أراضيها، هذا ودان المجلسان بشدَّة الاعتداءات الاسرائيلية على المواقع التراثية والأثرية الَّتي تشكِّلً إرثًا ثقافيًا عالميًا، وأكَّدت النّقابتان على استعدادهما لتقديم المؤازرة القانونيَّة في المحافل الدَّوليَّة لحماية هذا الإرث العظيم الذي يشكِّل جزءً من الهوية الوطنيَّة والإنسانية للبنان، وحييا جهود منظَّمة الأونيسكو UNESCO وقراراتها لتحقيق حماية معزَّزة لهذه المواقع.
ثانيًا: يشدِّدُ المجلسان على أهمية انتخاب رئيس جمهورية يتمتَّع بالكفاءة والقدرة على توحيد اللُّبنانيين تحت سقف الشرعية، ويعمل على بسط سلطة الدولة على كامل أراضي الوطن، فإنَّ استحقاق انتخاب رئيس جديد لا يُعدُّ فقط واجبًا دستوريًّا، بل ضرورة ملحة لإعادة انتظام عمل المؤسَّسات الدُّستوريَّة، وتعزيز الاستقرار الوطنيّ، وانضواء جميع أبناء الوطن داخل مؤسَّساته بعيدًا عن أيِّ تمييز أو انقسام، ولذلك تدعو النّقابتان جميع القوى السياسيَّة والوطنيَّة إلى تغليب المصلحة العُليا للوطن والتخلَّي عن الحسابات الضيِّقة، بهدف تحقيق التضامن الوطنيّ المطلوب لانتشال لبنان من أزماته المُتفاقمة.
ثالثًا: يعلنُ مجلسا نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس عن دعمهما لآمال الشعب السوري في التغيير السياسيّ نحو دولة تحترمُ الحقوق وتقيمُ وزنًا للإنسان في ظلِّ حرِّيَّة تسمحُ بتحقيق هذا الهدف، ويعبِّرُ المجلسان عن الذهول التام ممَّا يسمع ويُقرأ ويُشاهد من أشكال التعذيب الشنيع الَّذي كان يمارس، فضلاً عن صنوف المعاملة اللاإنسانية الَّتي تتناقضُ كلِّيًّا مع الكرامة الإنسانية والمواثيق الدَّوليَّة ولا سيَّما اتفاقية الأمم المتحدة المناهضة للتعذي، ويتمنَّى مجلسا النّقابتين كلّ التوفيق للشعب السوري في نضاله لقيام دولة الحق والديمقراطية والحُرِّيَّة، كما يتمنَّى المجلسان أن تعود علاقات حسن الجوار الكامل بين الشعبين السوري واللُّبنانيّ في ظلِّ استقرار راسِخ وسيادة تامَّة، بحيث تنتظمُ جميع العلاقات الوطنيَّة والسياسيَّة والدبلوماسية بين سوريا ولبنان كدولتين سيِّدتين حرَّتين مستقلَّتين.
رابعًا:يوكِّدُ المجلسان على الدور الجوهري للقضاء كركيزة أساسيَّة لدولة القانون والمؤسَّسات، والتشديد على ضرورة صون استقلاله واحترام القوانين الَّتي تشكِّل العمود الفقري للعدالة، والإبتعاد عن تسييس القضاء أو التدخُّل في عمله ممَّا يُشكِّلُ انتهاكًا صارخًا لحقوق المواطنين وتهديدًا لاستقرار المجتمع. ومن هذا المنطلق، تدعو النّقابتان إلى اتخاذ خطوات جادة لتعزيز الثقة في القضاء وضمان تطبيق القوانين بشكل عادل وشفاف بعيدًا عن أيَّة ضغوط أو مصالح ضيِّقة، وإقرار قانون استقلالية السُّلطة القضائيَّة كركيزة أساسيَّة لدولة القانون، وتؤكِّدان مؤازرتهما لمجلس القضاء الأعلى في مطالبه المحقة، كما تدعوان إلى احترام مبدأ فصل السُّلطات بما يضمن قيام القضاء بدوره بعيدًا عن أيَّة تدخُّلات سياسيَّة أو ضغوط خارجيَّة. كما يدعو المجلسان إلى الإسراع في المحاكمات وإصدار الأحكام وعدم إبقاء أيّ موقوف من دون محاكمة تحقيقًا للعدالة، وإيجاد الحلول والآليَّات الَّتي تحقِّقُ هذا الهدف.
خامسًا:استجابةً للمسؤوليَّة الوطنيَّة والإنسانية، قرَّرَتْ النّقابتان تأليف لجنة خاصَّة مشتركة تُعنى بمتابعة شؤون المعتقلين والمفقودين والمخفيين قسرًا اللُّبنانيين في سوريا، وتقديم المساعدة القانونيَّة اللازمة لعائلاتهم في هذا الملف الحسَّاس، وستعمل النّقابتان على التواصل مع الجهات المعنية داخليًا ودوليًّا لضمان الكشف عن مصيرهم والدفاع عنهم وضمان حقوقهم وملاحقة مرتكبي هذه الجرائم المتمادية ومحاكمتهم من أجل ختم هذا الملف المأساوي ومنعًا لتكرارها.
ختامًا، تُجَدّد نقابتا المحامين في طرابلس وبيروت التزامهما الدائم بالوقوف إلى جانب الشعب اللُّبناني في الدِّفاع عن حقوقه وصولاً إلى تحقيق دولة الحقّ والقانون، وتدعو جميع اللُّبنانيين إلى العمل بروح التضامن والمسؤوليَّة الوطنية لإنقاذ الوطن والحفاظ على كرامة جميع أبنائه وبناء المؤسَّسات وعودة لبنان وطنًا رائدًا بين الأمم.