بقلم هدى فليطي- ديموقراطيا نيوز
منذ أن انطلقت الأزمة المالية في لبنان عام 2019، أصبحت أموال المودعين قضية رئيسية تشغل أذهان اللبنانيين وتؤرق نفوسهم. فمع انهيار القطاع المصرفي وازدياد حالة عدم الاستقرار الاقتصادي، سقطت الثقة في البنوك ليجد العديد من المودعين أنفسهم في حالة من القلق والإحباط، حيث لم يعودوا قادرين على الوصول إلى مدخراتهم التي تعتبر أملهم في مواجهة ظروف الحياة الصعبة.
ومع تغيّر المشهد السياسي في لبنان وانتخاب رئيس جمهورية جديد، يليه تعيين رئيس للحكومة تتزايد الأصوات المطالبة بإيجاد حلول فورية تمكّن المودعين من استعادة أموالهم.
في خضم هذا الوضع المعقد، يطرح التساؤل: هل هناك أمل في تحقيق ذلك؟ وهل سيكون هناك ضوء في نهاية النفق، أم أن أموال المودعين ستبقى حبيسة المصارف في خضم هذا الصراع المستمر؟
بداية الأزمة وأسبابها:
يعتمد القطاع المصرفي في لبنان بشكل كبير على تدفقات الأموال من الخارج، وبشكل خاص الأموال من المغتربين اللبنانيين.
هذه التدفقات كانت تشكل شريان الحياة للقطاع المصرفي، حيث كانت تستخدم لتمويل العجز الحكومي والانفاق العام.
منذ عام 2019، وتحديداً بعد اندلاع ثورة 17 تشرين الأول، شهدت المصارف اللبنانية تراجعاً كبيراً في تحويل الأموال الخارجية، مما ساهم في زيادة الدين العام بشكل غير مسبوق ليصل الى نحو 170% من الناتج المحلي الإجمالي.
و مع تفاقم الأزمة انقطعت هذه التدفقات،مما أدى إلى انهيار مفاجئ للقطاع المصرفي، ليصدر القرار في تجميد أموال المودعين في البنوك.
ووفقا” لبعض التحليلات الاقتصادية فإن هذا الوضع تعود أسبابه إلى السياسات الاقتصادية غير المدروسة والإهمال الكبير في الرقابة على القطاع المالي، و هو ما أدى إلى تراكم الدين العام.
فالدولة كانت تقرض الحكومة في ظل عجز مالي متزايد، ما أدى إلى انهيار المصارف وبالتالي انهيار الثقة بها.
و في هذا السياق يقول الخبير الإقتصادي محمود جباعي في حديث خاص ل”ديموقراطيا نيوز” أن “الحكومة الماضية فشلت في إعداد خطة مالية لرد أموال المودعين لذلك كانت مشاريعها تفشل قبل وصولها إلى مجلس النواب”، مضيفا” أنه حتى في حال وصولها كانت تحمل الكثير من المعارضات من الكتل النيابية، لأن مضمونها لا يحاكي الأمور الأساسية لحل أزمة المودعين والمصارف.
تغيرات المشهد السياسي على الساحة اللبنانية وتأثيره على الواقع المالي
“الغريق بيتعلق بقشة” وهذا حال اللبنانيين الذين عانوا لسنوات عديدة من أزمة مالية غير مسبوقة، فكان أملهم في تغير هذا الواقع المرير بعد انتخاب رئيسا” للجمهورية،فعاشوا حالة من الترقب وبات الأمل كبيرا”.
وحسب ما يقول “جباعي” أن موضوع الودائع وكيفية ردها لم يحصل به اي تقدم فعلي إلى حد الآن، بإستثناء اجراءات المصرف المركزي لجهة زيادة السحوبات الشهرية.
ويتوقع أن تكون الأمور إيجابية مع تغير المشهد السياسي، خاصة وأنه طيلة السنوات الماضية لم تكن هناك رؤيا حول هذا الموضوع، مضيفا” أن الودائع خفت قيمتها بشكل كبير و أصبحت بحدود ال ٧٠ مليار دولار، تضاف إليها الودائع بالليرة اللبنانية.
الحلول المقترحة لحل أزمة المودعين
وفقا” لرأي جباعي “ينبغي تحديد هدف واضح مبني على نقطة ثابتة تكمن في توزيع المسؤوليات بين الدولة،والمصرف المركزي، والمصارف، بحيث تقوم كل جهة منهم برد المبلغ الذي صرفته من أموال المودعين بحسب إمكانياتها.
و يجب على الدولة اللبنانية وضع خطة استثمار للأصول لزيادة الإنتاجية والناتج المحلي وبالتالي زيادة إيرادات الدولة وإعادة جدولة الدين الداخلي والخارجي.
من جهة أخرى، يجب وضع قانون في مجلس النواب لحماية أموال المودعين وضمان حقوقهم.
و تمنى جباعي من العهد والحكومة الجديدة إيجاد حل فعلي وسريع، لأن تأخير الوقت و الاستطالة تخسر الناس ودائعها بشكل أكبر.
في الختام، يتضح أن مصير أموال المودعين في لبنان يتأرجح بين الأمل واليأس.
وعلى الرغم من عمق الأزمة المالية التي يعانيها البلد، إلا أن الوضع السياسي الجديد يحمل فرصًا محتملة للتغيير وإعادة الثقة.
إن إيجاد حلول جذرية لأزمة المودعين يتطلب تعاونًا فعّالًا بين الحكومة والمصرف المركزي والقطاع المصرفي، مع التركيز على خطة شاملة لضمان حقوق الودائع وتعزيز الشفافية والمحاسبة.