بقلم هند هاني
يُعدّ المخرج الهندي العالمي “راكيش أوبدهياي” واحدًا من أبرز الأسماء في صناعة السينما الهندية و العالمية، حيث أظهر قدرة فائقة في دمج القصص الإنسانية العميقة مع الإبداع البصري الرائع.
ومنذ أن بدأ مسيرته، تمكن “راكيش” من تقديم أفلام مميزة أسرت قلوب الجماهير و النقاد على حد سواء، ليس فقط بسبب قدرته على تقديم الأعمال السينمائية التي تعكس الثقافة الهندية بصدق، بل أيضًا بفضل فنّه في سرد القصص التي تجذب مشاعر و مخيّلة كل من يشاهدها، و أصبح اسمه مرادفًا للجودة و الابتكار في عالم السينما، ليحجز لنفسه مكانة مرموقة في الساحة السينمائية الدولية.
منصة “ديموقراطيا نيوز” التقت راكيش في القاهرة حيث يستعد لتصوير فيلمه الجديد الذي يقول عنه “راكيش” اسمه “حياة القبطان” و هو قصة قريبة جدًا من قلبي، و مستوحاة من صديق عزيز لي من أصل مصري يعمل كقبطان.
و فكرة الفيلم هي شيء كنا نعمل عليه معًا، وشعرت أن مصر هي المكان المثالي لهذه القصة، أما بالنسبة للممثلين، فلم نحدد أي شخص بعد، لأننا ما زلنا في تطوير السيناريو و الحوار، لكن يمكنني أن أعدكم بأن الفيلم سيضم بعض الأسماء البارزة من صناعة بوليوود، و لم تسنح لي الفرصة لزيارة مصر من قبل، لذا أنا متحمس حقًا لتجربة الثقافة و التصوير هنا. و إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فالمفترض ان يبدأ التصوير بحلول نهاية هذا العام أو أوائل العام المقبل.
و حول العقبات و المشاكل القانونية واللوجستية التي واجهته يقول راكيش:
“حتى الآن، لم نواجه أي عقبات لأننا ما زلنا في المراحل المبكرة، نعمل على القصة و الحوار و السيناريو، بمجرد أن ننتهي من ذلك، سنبدأ التصوير في مصر، بعدها سننتقل إلى الأمور اللوجستية و الأوراق الرسمية، ومن ما سمعته.
بإعتقادي مصر صديقة بشكل لا يصدق للسينما، فالناس ودودون، و الحكومة داعمة للغاية عندما يتعلق الأمر بهذه الصنعة، لذلك لا أتوقع أي مشاكل كبيرة، أنا في الواقع متحمس جدًا للعمل هنا”.
أما عن متابعته للسينما المصرية، و رأيه فيها، والفروقات بينها و بين السينما الهندية؟، يشير راكيش “نظرًا لعملي في صناعة السينما، فأنا أحرص على متابعة السينما العالمية، بما في ذلك السينما المصرية، و أعتقد أن كل دولة لديها ثقافتها و منظورها الفريد، الذي ينعكس بشكل جميل في سرد القصص.
مع ذلك، في نهاية الأمر، فإن الفيلم هو فيلم، ويتعلق الأمر بالتواصل مع الجمهور عاطفيًا، و بالنسبة لي كمخرج و صانع أفلام، فإن الحياة على الشاشة هي تعبير إبداعي، بينما الحياة الواقعية هي تجربة مختلفة تمامًا. كلاهما له سحره الخاص”.
أما عن أعماله الفنية القادمة، فيؤكد راكيش بأنه يعمل على مشاريع متعددة الآن، “لقد انتهيت من فيلمي الهندي “Hari Om” ، وتم اختيار فيلمي الإنجليزي “A Beautiful Breakup” في 18 مهرجانًا سينمائيًا حول العالم، و سيتم عرض الفيلمين هذا العام، بالإضافة إلى ذلك، فأنا أعمل على تطوير مشروعين آخرين و أركز حاليًا على قصتهما من السيناريو و الحوار.
وحول علاقته القوية المعروفة بالنجم الهندي “أميتاب باتشان”، يقول راكيش:”أتيحت لي الفرصة لمقابلة ” أميتاب باتشان ” عدة مرات، وخاصة أثناء تصوير فيلم “Khiladi 786″ ، حتى أنني عرضت عليه له دورًا في هذا الفيلم، إنه شخص رائع و متواضع للغاية، ومجرد مقابلته يشعرني بالإنجاز في حد ذاته، إنه يتمتع بحضور مغناطيسي، وكل تفاعل معه هو تجربة تعليمية ، وتخرج منه بالكثير من المعرفة والإلهام، إنه أسطورة حيّة حقًا، وأنا من محبي أعماله منذ أن كنت طفلاً في المدرسة أو الجامعة.”
ويضيف راكيش ” قد يُفاجأ الرأي العام بما سأقوله الآن، فأنا في الصغر في كل مرة أصاب بالحمى، كنت أشاهد أحد أفلامه وأقنع نفسي بأنه قد يشفيني من المرض، إنه أمر مضحك، لكن هذا هو نوع التأثير الذي يحدثه بالنسبة لي، فهو الممثل المعجزة في السينما الهندية.”
وعن رأيه في سينما بوليوود، وهل لا تزال تعبر عن الروح الحقيقية للهند أم أنها خضعت لمعايير تجارية عالمية يرى راكيش “بوليوود مذهلة للغاية، كل ما حققته، و كل التقدير و الاعتراف الذي أحظى به اليوم، كان بفضل أفلام بوليوود، وأعتقد أن الصناعة متنوعة بشكل لا يصدق، فهناك جميع أنواع الأفلام التي يتم إنتاجها، من القصص الواقعية المثيرة للتفكير إلى الأفلام التجارية الأكبر في الحياة، ويعكس كل فيلم الرؤية الفريدة التي يقف وراءها صانع الفيلم. شخصيًا، أعتقد أن بوليوود لا تزال تجسد الروح الحقيقية للهند، مع تبني المفاهيم العالمية أيضًا، وفي الواقع، العديد من أفلام بوليوود حازت على اعتراف عالمي، وهو ما يُعدّ شهادة على كيفية توازن الصناعة بين البقاء على جذورها و جذب جمهور أوسع”.
أما عن الفيلم الذي أخرجه و ترك بصمة عظيمة و مؤثرة على الجمهور الهندي فيؤكد راكيش ” بصفتي منتجًا إبداعيًا، عملت في فيلم “Khiladi 786″، وبصفتي مستشارًا للمشروع، شاركت في فيلم”Holiday”، و لقد حقق الفيلمان نجاحًا تجاريًا كبيرًا، وأنا فخور حقًا بالتأثير الذي أحدثاه على الجمهور، لطالما اعتقدت أن الأفلام تهدف إلى الترفيه، فهي لا تحتاج إلى عكس الحياة الواقعية لأن الحياة الحقيقية عالم مختلف تمامًا في رأيي، ويجب أن يمنح الفيلم الجيد الجمهور استراحة من الواقع ويتركهم مستمتعين تمامًا”.
و حول سبب انتشار الأفلام الهندية و نجومها في العالم العربي، على عكس المسلسلات الهندية، يقول راكيش: “تتمتع الأفلام الهندية بعلاقة خاصة بالعالم العربي لأنها تجمع بين المشاعر العالمية و السرد القصصي الرائع، وغالبًا ما تركز أفلام بوليوود على موضوعات مثل الحب و الأسرة و التضحية، وهي قيم تتردد صداها بعمق لدى الجماهير العربية، فالمزيج بين الدراما و الموسيقى النابضة بالألوان و المرئيات الزاهية يجعل التجربة تشعرك و كأنها أكبر من الحياة و لكنها في نفس الوقت قريبة من الواقع.” و يتابع “سبب آخر لشعبيتها هو أن أفلام بوليوود تعكس شعورًا مشتركًا بالتقاليد و الهوية الثقافية، وتولي المجتمعات الهندية والعربية أهمية كبيرة للقيم العائلية و المجتمع و العمق العاطفي، مما يجعل القصص تبدو مألوفة جدًا و صادقة للمشاهدين العرب، ويسمح هذا التداخل الثقافي لأفلام بوليوود بضرب و تر أعمق مع الجمهور. كما ان أحد العوامل الرئيسية التي تميّز أفلام بوليوود عن المسلسلات الهندية في العالم العربي هو شكلها، حيث تُقدم الأفلام قصة كاملة و جذابة في غضون ساعات قليلة، مما يجعلها أكثر سهولة في الوصول إليها، في حين، تتطلب المسلسلات التزامًا طويل الأمد، وهو ما قد يبدو أقل جاذبية لجماهير اليوم المزدحمة، مما ساهم هذا الاختلاف في تحقيق نجاح أكبر لأفلام بوليوود في المنطقة.”
ويختم راكيش “الحياة مليئة بالتحديات، وبغض النظر عن العمل الذي تقوم به، سيكون هناك دائمًا عقبات على طول الطريق، و بالنسبة لي، واجهت نصيبي العادل من الصراعات، و لكنني أعتقد حقًا أن بركات والديّ هي التي ساعدتني على التغلب عليها، وكان دعمهما و صلواتهما أكبر نقاط قوتي. أما نصيحتي للممثلين الجدد هي: ثق في بركات والديك، وثق بنفسك، و اعمل بجد و تركيز، و لا تفقد الصبر، فلن يكون الطريق سهلاً دائمًا، و لكن بالعزيمة و الإيمان، يمكنك تحقيق أي شيء.