
تواجه موازنة لبنان لعام 2025 تحديات كبيرة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، الذي أدى بدوره إلى أضرار اقتصادية واجتماعية جسيمة، مما دفع العديد من المسؤولين والخبراء إلى المطالبة باسترداد مشروع قانون الموازنة وإعادة تعديله.
دعوات لاسترداد الموازنة
طالب رئيس لجنة المال والموازنة النيابية، النائب إبراهيم كنعان، بضرورة استرداد مشروع قانون موازنة 2025، معتبراً أن المشروع بصيغته الحالية أصبح “موازنة وهمية”، لا تعكس الواقع الجديد الذي فرضته الحرب، وبالتالي لا يجوز إلزام العهد الجديد بها. كما أشار كنعان إلى أن الموازنة التي أعدت قبل العدوان، لم تأخذ بعين الاعتبار تداعيات الحرب، من تراجع الإيرادات وزيادة النفقات، كما أنها لم تتضمن أي مساعدات أو إنفاق لمعالجة الأضرار الاقتصادية والاجتماعية والصحية الناجمة عن الحرب.
كما وأوضح كنعان بأن الظروف التي مرت بها البلاد، بما في ذلك شلل المجلس النيابي وصعوبة انعقاد اللجان النيابية، حالت دون مناقشة الموازنة أو تعديلها. علاوة على ذلك، أكد أن الحل الدستوري والقانوني المتاح حالياً، هو الصرف وفق القاعدة الاثنتي عشرية، بالاعتماد على موازنة 2024.
دعم دولي ومحلي للمطلب
أشار كنعان إلى أن مطالبته باسترداد الموازنة حظيت بدعم دولي، حيث تطابقت وجهات النظر مع ممثلي المجتمع الدولي خلال اجتماع عقد في “الإسكوا”، بدعوة من صندوق النقد الدولي، كما أكدت الهيئات الاقتصادية في بيان مشترك، ضرورة استرداد المشروع بسبب تداعيات الحرب التي تجاوزته.
من ناحية أخرى، شدد كنعان على أنه أجرى سلسلة اتصالات مع المسؤولين المعنيين، بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وزير المال يوسف خليل، وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، لشرح الأسباب التي تحتم استرداد المشروع.
أسباب رئيسية لاسترداد الموازنة
من جهته، أكد رئيس جمعية الضرائب اللبنانية، هشام المكمل، أن الظروف الاقتصادية التي فرضها العدوان الإسرائيلي، تجعل من الضروري سحب موازنة ،2025 لتجنب تمريرها بموجب مرسوم حكومي، مشيراً إلى عدة أسباب رئيسية لذلك:
-عدم تحميل العهد الجديد موازنة غير قابلة للتحقيق في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
-تراجع الإيرادات المتوقعة نتيجة الأضرار الكبيرة التي لحقت بالقطاعات الإنتاجية، مما يجعل من الصعب تحقيق الأهداف المالية المدرجة في الموازنة.
-زيادة الأعباء المالية، نتيجة الحاجة إلى إعادة تأهيل الإدارات والمؤسسات المتضررة بفعل الحرب.
-ارتفاع التكاليف الاجتماعية، حيث لم تُخصص أي مبالغ لتعويض الضحايا والمصابين وأسر الشهداء.
-تجنب التعديلات العشوائية والمناقلات المالية أو منح سلف إضافية للحكومة المقبلة.
عدم إلزام العهد بموازنة لا تعكس الأوضاع الحالية، ولا تأخذ بعين الاعتبار التداعيات الاقتصادية السلبية للحرب.
ضرورة وضع رؤية اقتصادية شاملة
أوضح المكمل أن الموازنة المحالة إلى مجلس النواب تفتقر إلى أي رؤية اقتصادية أو خطة إصلاحية واضحة، وهو ما يعزز الحاجة إلى سحبها وإجراء التعديلات اللازمة عليها من قبل الحكومة الجديدة، مع وضع رؤية إنمائية وإجراءات تصحيحية تعكس طموح اللبنانيين وتراعي الوضع المالي المتدهور.
أخيراً، في ظل الأوضاع الحالية، يبدو أن استرداد مشروع موازنة 2025 أصبح ضرورة اقتصادية ومالية ملحة، لضمان إعداد موازنة تعكس الواقع الجديد، وتأخذ بعين الاعتبار التحديات الناتجة عن العدوان الإسرائيلي. وبالتالي، فإن تشكيل حكومة جديدة قادرة على وضع رؤية اقتصادية شاملة وإجراء الإصلاحات المطلوبة، سيكون الخطوة الأساسية نحو استقرار مالي مستدام في لبنان.
المصدر: الديار، أميمة شمس الدين